"القاتل الصامت في أفواهنا"... لماذا يصيب سرطان الفم غير المدخنين؟

لعل أكثر المفاهيم شيوعًا عند الحديث عن السرطان، وتحديدًا سرطان الفم، هو ربطه المباشر بالتدخين. لكن ما لا يعرفه كثيرون أن هذا النوع من السرطان لا يقتصر على المدخنين فقط، بل يمكن أن يُصيب أي شخص، حتى من يظنون أنهم بعيدون عن الخطر. هذا الاعتقاد الخاطئ قد يُؤدي إلى إهمال الأعراض المبكرة وتأخير التشخيص، مما يجعل فرص العلاج أصعب.
فكيف يحدث أن يُصاب شخص لا يدخن، ولا يقترب من السجائر، بسرطان في الفم؟ ومتى يجب علينا أن نغيّر طريقة تفكيرنا حول مسببات هذا المرض؟
في ظل هذا التساؤل، تكشف الدراسات الطبية الحديثة عن مجموعة من العوامل التي تلعب دورًا مهمًا في نشأة هذا المرض، بعيدًا عن التدخين، ما يستدعي إعادة النظر في الخطاب الصحي الموجّه للجمهور.
ما هو سرطان الفم؟
هو أحد أنواع السرطان التي تصيب أنسجة الفم المختلفة، بما في ذلك الشفاه، اللثة، اللسان، بطانة الخدين، وسقف الحلق. وغالبًا ما يُكتشف في مراحل متأخرة، لأن الناس يربطونه فقط بالتدخين، ولا يتوقعون ظهوره في حالات أخرى.
أسباب تتجاوز السيجارة
وفقًا لما نشره موقع "onlymyhealth"، فإن هناك 5 أسباب رئيسية للإصابة بسرطان الفم لدى غير المدخنين، يجب أن تكون ضمن دائرة الوعي الصحي العام:
تعاطي الكحول المزمن
الإفراط في شرب الكحول يسبب تهيّجًا دائمًا في خلايا الفم والحلق، مما يزيد فرص حدوث تحوّلات خلوية خطيرة. والأخطر أن الجمع بين الكحول والتدخين يرفع معدلات الإصابة أضعافًا مضاعفة. لكن حتى بدون تدخين، الكحول وحده كافٍ لفتح الباب أمام الخطر.
عدوى فيروس الورم الحليمي البشري (HPV)
فيروس شائع يُعرف غالبًا بارتباطه بسرطان عنق الرحم، لكنه في السنوات الأخيرة أصبح مرتبطًا بسرطانات الفم والبلعوم، خصوصًا لدى الفئات الشابة من غير المدخنين. وتشير الأبحاث إلى أن هذه الفئة في تزايد مستمر.
إهمال نظافة الفم
قد يبدو بسيطًا، لكنه أحد الأسباب المؤثرة. فالأدوات غير المناسبة مثل أطقم الأسنان الرديئة، أو جروح الأسنان المزمنة غير المعالجة، أو الإهمال في تنظيف الفم، كلها تؤدي إلى التهابات مزمنة قد تُهيئ بيئة مناسبة لنمو خلايا سرطانية.غذية
الابتعاد عن تناول الفواكه والخضروات الطازجة يحرم الجسم من الفيتامينات ومضادات الأكسدة التي تلعب دورًا دفاعيًا ضد تكون الخلايا غير الطبيعية. الأنظمة الغذائية الفقيرة تجعل الجسم أكثر عرضة للأمراض، وعلى رأسها السرطان.
التعرض المهني والبيئي
العاملون في بيئات تحتوي على مواد كيميائية ضارة أو إشعاعات، مثل المصانع أو الورش الصناعية، قد يكونون أكثر عرضة للإصابة، خاصة إذا كان هناك احتكاك مباشر أو طويل الأمد بهذه المواد.
أين يكمن الخطر الأكبر؟
الخطر الحقيقي لا يكمن فقط في وجود هذه العوامل، بل في الجهل بها. فالشخص غير المدخن غالبًا ما يشعر بالطمأنينة، ويتجاهل أي أعراض تظهر في الفم مثل القرح التي لا تلتئم، أو الألم المزمن، أو التغيرات في شكل الأنسجة، ظنًا منه أن "السرطان لا يصيب إلا المدخنين".
الوقاية تبدأ من الوعي
للوقاية من سرطان الفم، لا بد من توسيع نطاق الوعي لدى الأفراد، بحيث يشمل:
- الامتناع عن شرب الكحول.
- الالتزام بنظافة الفم وزيارة طبيب الأسنان بشكل دوري.
- الحرص على نظام غذائي غني بالفيتامينات.
- استخدام وسائل الحماية في بيئات العمل الخطرة.
- الفحص الطبي عند ظهور أي أعراض غريبة في الفم.
المسؤولية جماعية
ما نحتاجه اليوم ليس فقط حملات لمكافحة التدخين، بل خطاب صحي شامل يُخاطب المجتمع بلغة جديدة، تتناول الأمراض من زوايا أوسع. فسرطان الفم لم يعد مرضًا "يخص المدخنين فقط"، بل أصبح مسؤولية مجتمعية تتطلب مزيدًا من الوعي، والدعم الطبي، والتعليم الصحي