من الشمال إلى الجنوب
خطة ترامب لتوزيع المساعدات في غزة تضع المدنيين في خطر

ذكر تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن إدارة الرئيس دونالد ترامب تعمل مع الحكومة الإسرائيلية على خطة لإيصال مساعدات إنسانية إلى غزة وإنهاء الحصار الإسرائيلي المستمر منذ شهرين على إمدادات الغذاء والوقود.
وبينما تعمل واشنطن إنهاء الحصار، وفقًا لوزارة الخارجية، أثار العاملون في مجال الإغاثة شكوكًا جدية حول هذا النهج؛ وفق التقرير.
وبينما لم تُستكمل الآلية بعد، لكن الفكرة العامة هي إنشاء عدد قليل من مناطق التوزيع، تُقدّم كل منها الغذاء لمئات الآلاف من الفلسطينيين، وفقًا لمسؤولين إسرائيليين ودبلوماسي من الأمم المتحدة.
وقال المسؤولون والوثائق التي تناولتها الصحيفة إن الجيش الإسرائيلي سوف يتمركز خارج محيط مواقع التوزيع، مما يسمح للعاملين في مجال الإغاثة بتوزيع الغذاء دون تدخل مباشر من الجنود.
وتُمثّل هذه الخطة المرة الأولى التي تُجرّ فيها إدارة ترامب إلى نقاشات مُفصّلة كهذه حول إيصال المساعدات إلى قطاع غزة.
وصرّح مسؤولان إسرائيلي وأمريكي لـ "نيويورك تايمز" بأنّ ترامب يُفكّر في الإعلان عن الخطة في الأيام المقبلة، قبل رحلته إلى الشرق الأوسط.

نظام جديد لتوزيع المساعدات في غزة
تزعم كلا من إسرائيل والولايات المتحدة أن "هناك حاجة إلى نظام جديد لمنع حماس من سرقة الإمدادات الغذائية والتربح منها"، وتأملان، من خلال قطع نفوذ حماس على المساعدات، في تقويض نفوذها الأوسع على الشعب الفلسطيني، وربما إضعاف قبضتها على السلطة. لكن جدوى هذه الخطة لا تزال غير واضحة.
وبينما من شأن أي استئناف لتوزيع المواد الغذائية أن يُسهم في معالجة مشكلة الجوع المتزايدة في غزة، فقد تعرّض المشروع الأمريكي الجديد لانتقادات من وكالات الإغاثة الدولية. حيث قالت الأمم المتحدة إن لديها تحفظات كثيرة تمنعها من المشاركة.
وفي ورقة إحاطة تم توزيعها على الشركاء بما في ذلك الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الأخرى هذا الأسبوع، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن "الاقتراح من شأنه أن يجبر المدنيين المعرضين للخطر على السير لمسافات أطول للوصول إلى مراكز التوزيع القليلة، مما يجعل من الصعب إيصال الغذاء إلى أولئك الذين هم في أمس الحاجة إليه".
وأفادت الأمم المتحدة بوجود 400 نقطة توزيع في ظل النظام الحالي. وأضافت أن النظام الجديد "يُقلل بشكل كبير من نطاق التغطية التشغيلية، مما يزيد من احتمالية حرمان شرائح كبيرة من السكان من الغذاء وغيره من الإمدادات الأساسية".
وفي مؤتمر صحفي يوم الخميس، أكدت تامي بروس، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، أن الولايات المتحدة وإسرائيل تعملان معا على برنامج مساعدات جديد لغزة، وقالت إنهما "على بعد خطوات من هذا الحل"، مشيرة إلى أن المساعدات "سيتم توزيعها من خلال مؤسسة خاصة"، لكنها رفضت الإدلاء بمزيد من التفاصيل.
لكن وفقًا لمسؤولين إسرائيليين وشخص مشارك في المبادرة، فإن هذه المؤسسة هي "مؤسسة غزة الإنسانية"، وهي مجموعة خاصة جديدة أُسست لهذا الغرض؛ كما يشير تقرير "نيويورك تايمز".
وجاء في ورقة إحاطية صدرت باسم المؤسسة أنها ستوفر "شريان حياة إنساني فعال في غزة، يخفف المعاناة، ويلتزم بالقانون الإنساني الدولي، ويُقدم نموذجًا قابلًا للتطوير لتقديم المساعدات في بيئات معقدة".

مخاطر متزايدة للحصول على الغذاء
أعربت الأمم المتحدة، وجهات أخرى، عن قلقها من أن الخطة ستجبر المدنيين على التفاعل بانتظام مع الجنود الإسرائيليين، مما يزيد من خطر الاعتقال والاستجواب.
وذكرت ورقة إحاطة الأمم المتحدة أن المشروع "قد يكون وسيلة غير مباشرة لتهجير المدنيين قسرًا في شمال غزة"؛ كما نقلت المنظمة الأممية عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن مواقع المساعدات المقترحة ستُبنى على الأرجح في جنوب غزة، مما سيجبر المدنيين على مغادرة شمال القطاع للحصول على الغذاء.
أيضا، حذّر عمال الإغاثة من أن النظام الجديد قد يجعل المدنيين الذين يعيشون بعيدا عن نقاط التوزيع أكثر عرضة للنهب واللصوص، حيث سيضطرون إلى السير لمسافات طويلة وهم يحملون طرود غذائية قيمة.
ونقلت الصحيفة عن تانيا هاري، المديرة التنفيذية لمنظمة "جيشا"، وهي منظمة حقوقية إسرائيلية تدافع عن المدنيين الفلسطينيين في غزة، إن الاقتراح "لا يبدو وكأنه خطة لتوزيع المساعدات بقدر ما هو أداة لمزيد من الضغط، لضمان أن الحياة غير صالحة للعيش في غزة".

تفاقم الجوع في غزة
في غياب إنهاء الحصار، من المتوقع أن يتزايد خطر المجاعة. فقد أدى حظر الوقود إلى استحالة توزيع الغذاء على مناطق معينة من غزة، أو تزويد المخابز بالطاقة، مما أجبر العديد منها على الإغلاق.
نتيجةً لذلك، تفاقمت مشكلة الجوع وارتفعت أسعار الغذاء بشكل حاد.
وفي أواخر أبريل، أعلن برنامج الغذاء العالمي نفاد إمداداته الغذائية، بينما أعلنت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) نفاد الدقيق لديها.