هل يجوز استعمال الدبوس المشبك والمكبس فى ملابس الإحرام للرجال فى الحج والعمرة؟

مع استعداد الآلاف لأداء مناسك الحج والعمرة، تبرز العديد من الأسئلة المتعلقة بأحكام الإحرام، خصوصًا ما يتعلق بلباس الرجال، والذي يجب أن يُراعى فيه عدم التخييط أو الخياطة بالشكل المعتاد. ومن أبرز ما يُثار في هذا السياق: هل يُعد استعمال الدبوس أو المشبك أو المكبس مخالفة؟ وهل يؤثر ذلك على صحة الإحرام
رأي دار الإفتاء في هذه المسألة:
المُحْرِم ممنوع من عَقْد ردائه أو إزاره باستعمال الدبوسِ المِشبَك أو الكبسولات أو الأزرار من حيث الأصل، فإن فَعَل فلا شيء عليه عملًا بمذهب مَن أجاز، أما إذا وُجدت الأزرار أو الكبسولات في الرداء ولكنه لم يستعملها فلا شيء عليه بالاتفاقٍ.
بيان صفة ملابس الإحرام
مِن المقرَّر أنَّ المكلف من الرجال إذا أحرَم بالنُّسكِ فإنه يحرُم عليه أن يستر جسمَه -كله أو بعضه أو عضوًا منه- بشيء من اللِّباس المَخيط المُحيط، وهو ما فُصِّل على قدر الجسم أو العضو بالخياطَةِ، ويستر جسمَه بما سوى ذلك؛ فيلبس رداءً يَلفُّه على نصفه العلويِّ، وإزارًا يَلفُّه على باقي جسمه.
والأصلُ في ذلك ما أخرجَه الشيخان عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما يلبس المحرِمُ من الثياب؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَلْبَسُوا القُمُصَ، وَلَا العَمَائِمَ، وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ، وَلَا البَرَانِسَ، وَلَا الخِفَافَ، إِلَّا أَحَدٌ لَا يَجِدُ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ، وَلَا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ وَلَا الوَرْسُ».
قال الإمام ابنُ رشد الحفيد في "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" (2/ 91، ط. دار الحديث): [مما اتفقوا عليه أنه لا يلبسُ المحرم قميصًا، ولا شيئًا مما ذُكر في هذا الحديث، ولا ما كان في معناهُ مِن مَخِيط الثياب، وأنَّ هذا مخصوصٌ بالرجال -أعني: تحريم لبس المخيط-، وأنه لا بأس للمرأة بلُبس القميص والدرع والسراويل والخِفاف والخُمُر] اهـ.
وقال الإمام ابنُ حزم الظاهري في "مراتب الإجماع" (ص 42، ط. دار الكتب العلمية): [وأجمعوا أنَّ الرجل المُحرم يجتنِب لباسَ العمائِم، والقلانِس، والجِباب، والقُمُص، والمخيط، والسَّراويل التي لا تُسمَّى ثيابًا، إن وَجَدَ إزارًا] اهـ.
حكم استعمال الدبوس المشبك والكباسين في زي الإحرام ومذاهب الفقهاء في ذلك
أما استعمالُ الرجل المُحرِم غير المخيط من الدبوسِ المِشبَك والكبسولات في الرداء من ملابس الإحرام فلا يجوز عند فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة؛ لأنه يصير في معنى المخيط.
قال العلامة الخَرَشي المالكي في "شرحه على مختصر خليل" (2/ 345، ط. دار الفكر): [يحرم على الرجل بسبب الإحرام أن يلبس المحيط فلو ارتدى بثوب محيط أو بثوب مرقع برقاع أو بإزار كذلك فلا شيء عليه وهو جائز؛ لأنه لم يلبسه ولا فرق في حرمة لبس المحيط بين أن يكون محيطًا بكل البدن أو ببعضه، ولا فرق بين ما أحاط بنسج أو زر يقفله عليه، أو عقد يربطه أو يخلله بعود] اهـ.
وقال الشيخ الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (2/ 292-295، ط. دار الكتب العلمية): [ولو زَرَّ الإزار أو خاطَه حَرُم كما نص عليه في الإملاء، ويجوز أن يعقد إزارَه لا رداءَه، وأن يشد عليه خيطًا ليثبت وأن يجعله مثل الحُجْزة ويدخل فيه التِّكَّة إحكامًا، وله أن يغرز طرف ردائه في إزاره، ولا يجوز له أن يعقد رداءه ولا أن يخلله بنحو مِسَلَّة. ولا يربط طرفه بطرفه الآخر بخيط، ولو اتخذ له شَرَجًا وعُرًى وربط الشَّرَج بالعُرَى حرم عليه ولزمته الفدية] اهـ بتصرف.
وقال العلامة البُهُوتِي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 427، ط. دار الفكر وعالم الكتب): [(ولا يعقد) المحرم (عليه شيئًا من مِنطَقة ولا رداء ولا غيرهما)؛ لقول ابن عمر: (ولا يَعْقِد عليه شيئًا) رواه الشافعي، وروى هو ومالك أنه يكره لبس المِنطَقة للمحرم؛ ولأنه يترفه بذلك أشبه اللباس، (وليس له أن يجعل لذلك)؛ أي: المِنطَقة والرداء ونحوهما (زرًّا وعُرْوَة، ولا يخله بشوكة أو إبرة أو خيط، ولا يغرز أطرافه في إزاره، فإن فعل) من غير حاجة (أثم وفدى؛ لأنه كمخيط)] اهـ.
بينما ذهب الحنفية إلى أن المُحرِم إذا زرَّرَ رداءه أو إزاره أو خلَّلة أو عقَدَه أساء، ولا دم عليه.
قال البدر العيني في "البناية شرح الهداية" (4/ 168، ط. دار الكتب العلمية): [وهيئة الارتداء أنه يُدخله تحت يمينه ويلقيه على كتفه الأيسر، ويبقي كتفه الأيمن مكشوفًا، ولا يَزُرُّه ولا يحلله بحلال ولا يمسكه ولا يش…