الهدنة الروسية الأوكرانية: هدوء هش وخروقات متبادلة وسط رسائل سياسية متباينة

أكد الدكتور آصف ملحم، مدير مركز "جي إس إم" للأبحاث والدراسات، أن الهدنة التي أُعلن عنها مؤخرًا بين روسيا وأوكرانيا لمدة ثلاثة أيام شهدت حالة من الهدوء النسبي، لكنها لم تُحترم بالكامل على الأرض، مشيرًا إلى أن الوضع الميداني ما زال معقدًا في ظل استمرار المناوشات في بعض المناطق.
تراجع العمليات
وقال ملحم، خلال لقائه مع الإعلامية نهى درويش، مقدمة برنامج "منتصف النهار" على قناة "القاهرة الإخبارية"، إن العمليات العسكرية شهدت تراجعًا ملحوظًا في معظم جبهات القتال خلال فترة الهدنة، باستثناء منطقة "جلوشكوفسكي" الواقعة في مقاطعة "كريمسك"، التي ظلت تشهد اشتباكات ومناوشات متقطعة بين القوات الروسية والأوكرانية.
وأضاف أن هذه الهدنة تشبه محاولات سابقة قامت بها روسيا لإعلان هدن مؤقتة، لكنها لم تحقق تأثيرًا ملموسًا على سير العمليات العسكرية، إذ غالبًا ما تنتهي بمزيد من الاتهامات المتبادلة بشأن الخروقات، دون أن تسهم فعليًا في تهدئة النزاع أو تمهيد الطريق لمفاوضات جادة.
رفض أوكراني ومطالبة
وأشار مدير المركز البحثي إلى أن أوكرانيا رفضت الموافقة على هذه الهدنة القصيرة، وطالبت عوضًا عن ذلك بوقف إطلاق نار يمتد لمدة 30 يومًا، معتبرة أن وقف القتال لفترة قصيرة لا يخدم مصالحها الميدانية ولا يوفر الحماية الكافية للمدنيين.
وأوضح أن هذا الموقف يعكس تباينًا واضحًا في الرؤى بين كييف وموسكو، إذ تنظر أوكرانيا إلى الهدنة القصيرة باعتبارها مجرد أداة تكتيكية تمنح روسيا فرصة لإعادة تمركز قواتها، في حين ترى موسكو أنها وسيلة لإظهار استعدادها المبدئي للتهدئة أمام المجتمع الدولي.
سياسية موجهة للغرب
وشدد ملحم على أن هذه الهدنة، مهما بلغت مدتها، لن تكون كفيلة بإنهاء النزاع القائم، لكنها تحمل رسائل سياسية بالغة الأهمية، أبرزها أن روسيا تسعى من خلالها إلى توجيه إشارة إلى الغرب بأنها مستعدة للدخول في مفاوضات سياسية لإنهاء الحرب، مع إبقاء الضغط العسكري قائمًا لتعزيز موقفها التفاوضي.
وأضاف أن إعلان روسيا للهدنة يتزامن مع محاولات دبلوماسية دولية لإعادة الأطراف إلى طاولة الحوار، لكنها تبقى خطوات شكلية في ظل غياب الإرادة الحقيقية لدى الطرفين للوصول إلى حل وسط ينهي القتال المستمر منذ شهور.

تبادل الاتهامات
وأكد ملحم أن الاتهامات المتبادلة بين روسيا وأوكرانيا بشأن خروقات الهدنة تعد من أبرز العوائق أمام تثبيت أي اتفاق لوقف إطلاق النار، إذ يتهم كل طرف الآخر بعدم الالتزام، مما يكرس حالة من انعدام الثقة ويزيد تعقيد المشهد الميداني والسياسي.
وختم ملحم حديثه بالتأكيد على أن أي هدنة مستقبلية ستظل بلا جدوى ما لم تُرفَق بضمانات واضحة وإشراف دولي فعال، مع وجود إرادة سياسية حقيقية من الجانبين لإنهاء النزاع عبر طاولة المفاوضات، بدلًا من ساحات المعارك.