أحمد كريمة يدعو لتبني تدابير احترازية لمنع الجريمة قبل وقوعها

دعا الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف، إلى ضرورة تبني تدابير احترازية تهدف إلى منع الجريمة قبل وقوعها، مؤكدًا أن هذا المبدأ يعد من المقاصد الأساسية في التشريع الإسلامي، الذي يهدف إلى صيانة النفس والمجتمع من الانحرافات والجريمة.
حماية المجتمع قبل العقوبة
قال كريمة، خلال مداخلة هاتفية لبرنامج "علامة استفهام"، المذاع على قناة "الحدث اليوم"، إن الوقاية من الجريمة ينبغي أن تكون جزءًا من استراتيجية المجتمع، حيث لا يمكن الاكتفاء بالعقوبات بعد وقوع الجريمة فقط. وأوضح أن كل زمان ومكان يتعرض للجريمة، مما يستدعي البحث المستمر عن وسائل وقائية.
وأشار إلى أن الأزهر الشريف يعلي من قيمة "التدابير الوقائية"، مؤكدًا أن العلماء لا يفخرون بكثرة العقوبات بل بجودة التدابير. وأضاف أن الوقاية لا تقتصر على الجانب الصحي، بل تشمل أيضًا الجانب الأخلاقي والمجتمعي، داعيًا إلى ضرورة التفكير في آليات استباقية لحماية المجتمع من مظاهر العنف والانحراف.
التربية الأخلاقية
وأكد أستاذ الفقه المقارن أن الحل الأساسي للحد من الجرائم والانحرافات يكمن في التربية الأخلاقية، مشيرًا إلى أن هذا الدور يجب أن يبدأ من المراحل التعليمية المبكرة.
واقترح كريمة إدراج مقرر دراسي للتربية الأخلاقية ضمن المناهج التعليمية في مراحل ما قبل الجامعة، يتضمن مفاهيم أساسية عن الحلال والحرام، والمسؤولية الوطنية، واحترام القانون، وأهمية الالتزام بالقيم المجتمعية.
وقال: "يجب أن يحصل كل طالب، منذ الصغر، على دروس واضحة وبسيطة عن الحلال والحرام، وعن حماية الوطن، وعن أخلاقيات التعامل مع الآخرين… التربية الأخلاقية ليست رفاهية بل ضرورة لحماية أجيالنا القادمة".
كاميرات في المدارس
وفي إطار التدابير الاحترازية، طالب كريمة بتركيب كاميرات مراقبة داخل الأبنية التعليمية، على أن تتولى وزارة التربية والتعليم الإشراف المباشر عليها، لضمان استخدامها بالشكل الأمثل، موضحًا أن هذه الخطوة ستسهم في الوقاية من المشكلات والسلوكيات غير المقبولة داخل المدارس، سواء بين الطلاب أو بين الطلاب والمعلمين، معتبرًا أن الكاميرات ستكون بمثابة "عين الرقيب" التي تمنع وقوع الانحراف قبل أن يبدأ.
وأضاف: "الكاميرات لا تعني انعدام الثقة، لكنها وسيلة لضبط السلوك، ولحماية الطلاب والمعلمين معًا… إذا علم الشخص أن هناك مراقبة دائمة، فسيتجنب الكثير من السلوكيات الخاطئة".

رؤية لمنظومة القيم
واختتم كريمة حديثه بالتأكيد على أن حماية المجتمع من الجريمة والانحراف تتطلب رؤية شاملة تتكامل فيها التربية الدينية، والتعليم الأخلاقي، والرقابة المؤسسية، مع تطبيق القوانين بحزم.
وشدد: "لا يمكننا الاعتماد على العقوبة وحدها… لا بد من تربية الضمير قبل أن نربي الخوف من العقاب، ولا بد أن يكون لدينا جيل يعرف قيمة الأخلاق، ويحمل مسؤولية حماية وطنه ومجتمعه".