عاجل

هل يجوز التحايل لأداء الحج؟.. الأزهر يوضح ويكشف المفهوم الصحيح

حكم أداء الحج بطرق
حكم أداء الحج بطرق مخالفة للشرع

في ظل اقتراب موسم الحج، يبرز الحديث مجددًا حول مشروعية أداء المناسك بطرق قد لا تلتزم بضوابط الشريعة الإسلامية، خاصة من بعض الأفراد الذين يسعون لأداء الفريضة رغم غياب شرط الاستطاعة، ما يثير تساؤلات دينية وأخلاقية عميقة حول مفهوم "الاستطاعة" في الحج، وحكم التحايل للذهاب إلى بيت الله الحرام بطرق غير نظامية أو مخالفة للشرع.

الحج ركن عظيم بشرط الاستطاعة

أكد الدكتور سيد قزامل، الأستاذ بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، أن فريضة الحج ركن من أركان الإسلام الخمسة، لكنها لم تُفرض إلا مرة واحدة في العمر، ولمن كان مستطيعًا فقط، مشددًا على أن هذا الشرط هو من أعظم مظاهر التيسير والرحمة في الشريعة الإسلامية. وأوضح أن الاستطاعة لا تنحصر فقط في القدرة البدنية، بل تشمل كذلك القدرة المالية، وتوافر الوسائل النظامية الآمنة لأداء المناسك، بما في ذلك الحصول على التصاريح الرسمية التي تضمن سلامة الحاج وكرامته.

وأضاف قزامل أن مبدأ "لا يُكلِّف الله نفسًا إلا وسعها" يُعدّ من القواعد الراسخة في الشريعة، وهو يجسد رحمة الإسلام بالعباد، مؤكدًا أن التكليف الإلهي لا يتجاوز قدرة الإنسان، وأن الفروض الشرعية، وإن شابها شيء من المشقة، فهي لا تتجاوز حدود الطاقة.

الرخص الشرعية والتيسير في العبادات

وأشار الدكتور قزامل، إلى أن الإسلام وضع بدائل شرعية لتخفيف المشقة عن المسلمين، بما يعكس يسر الشريعة الإسلامية، ومن أبرز هذه الرخص إباحة الفطر للمريض في رمضان، وقصر الصلاة للمسافر، والصلاة جالسًا أو على جنب للعاجز، مستشهدًا بقول الله تعالى: "فاتقوا الله ما استطعتم"، وبقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم".

رفض التحايل والتلاعب في أداء المناسك

وانتقد الأستاذ الأزهري لجوء بعض الأفراد إلى الحيل أو الوسائل غير النظامية لأداء فريضة الحج، مثل السفر بتأشيرات غير مخصصة للحج أو التسلل دون تصريح، معتبرًا ذلك مخالفة صريحة للشرع وتعديًا على مفهوم الاستطاعة، موضحًا أن من يفعل ذلك لا يدرك المعنى الحقيقي للتكليف الشرعي، فالله سبحانه لا يعيب على من لم يستطع، ولا يُنقص من أجره، بل إن إخلاص النية والرضا بقضاء الله هو بحد ذاته عبادة.

وأضاف أن مخالفة الأنظمة لا تؤدي فقط إلى الضرر بالحاج نفسه، بل تتسبب في إرباك الجهات المختصة، وتضر بمنظومة الحج التي تهدف أساسًا إلى الحفاظ على أمن وسلامة الحجاج وتوفير بيئة مناسبة لأداء المناسك بروحانية وطمأنينة.

الالتزام بالأنظمة جزء من الشريعة

وشدد قزامل، على ضرورة التزام الأفراد والجهات المنظمة للحج بالضوابط التي تضعها السلطات المعنية، مؤكدًا أن هذا الالتزام هو تطبيق فعلي لمبدأ "اليسر" في الشريعة، فالشريعة الإسلامية لا تقوم على المشقة والعنت، بل على الرحمة والتوازن والعدل، وأن أداء الحج لا يكون صحيحًا إذا شابه تحايل أو تعدٍّ على حقوق الآخرين أو قوانين الدولة التي وُضعت لحماية الحجاج وتنظيم أدائهم للمناسك.

مفاهيم خاطئة حول الفريضة

من جهته، أشار عدد من علماء الدين، إلى أن بعض المسلمين يتصورون أن الحج واجب عليهم فورًا بمجرد توفر المال، دون النظر إلى اشتراطات السلامة النظامية، وهو ما يُعدّ خلطًا بين "الرغبة" و"الاستطاعة".

وأكدوا أن التأخير في الحج لا يُعدّ إثمًا طالما كان بسبب عدم الاستطاعة النظامية أو الصحية، وأن الله لا يحاسب المسلم على ما لا يملك تحقيقه.

رسالة للأمة الإسلامية

وجه الدكتور قزامل، رسالة للأمة الإسلامية دعا فيها إلى التأمل في مقاصد الشريعة، وعدم التسرع في أداء العبادات على حساب الالتزام بضوابطها، مؤكدًا أن الدين لا يهدف إلى المشقة بل إلى تهذيب النفس، وأن من لم يستطع الحج فعليه بالنية الخالصة والدعاء، فذلك عند الله أعظم من حج قام به صاحبه بتحايل ومخالفة.

الحج عبادة عظيمة

إن الحج عبادة عظيمة، ومقصد شرعي سامٍ لا يُنال إلا لمن توفر فيه شرط الاستطاعة الكاملة، بما يشمله من قدرة مالية وبدنية ونظامية، وكل من يخالف هذا الشرط باسم "النية الصالحة" أو "الحماس الديني" إنما يجهل مقاصد الدين، ويعرض نفسه للوقوع في المخالفة الشرعية، فالشرع الحكيم يربط التكليف بالوسع، ويمنح الأجر لمن نوى الخير وإن لم يبلغه.

تم نسخ الرابط