نور الصباح.. أم مصرية صنعت من الشقاء مستقبلًا من نور الشرقية

وسط زحام الحياة وقسوتها، سطعت قصة "نور الصباح محمد إبراهيم"، سيدة مصرية تبلغ من العمر 67 عامًا، صنعت من التعب طريقًا، ومن الفقد قوة، ومن كفاح السنين ضياءً لأسرتها. حُرمت من والدتها في عمر مبكر، وتوقفت رحلتها الدراسية عند الصف السادس الابتدائي، لكنها لم تتوقف عن الحلم.
تحولت نور إلى أم بديلة لإخوتها، وساعدت والدها في السوق منذ نعومة أظافرها. لم تكن طفولتها تشبه طفولة الآخرين، لكنها كانت تتسلح دومًا بالصبر. وحين وقعت في الحب، كان التحدي مضاعفًا؛ فزواجها ممن اختارته قلبها لم يكن برضى والدها، لكنها مضت رغم العوائق، وبدأت مع زوجها رحلة جديدة.
أنجبت نور ثلاثة أبناء، غرست فيهم القيم، وحملت مسؤوليتهم وحدها بعد وفاة زوجها. لم تطلب شيئًا من أحد، بل واجهت الحياة برأس مرفوع. كانت تبيع الخضار والفواكه، وتكوّن جمعيات لسداد مصروفات التعليم، وتُعد الطعام بيديها كي لا يحتاج أولادها لغيرها. عاشت على الكفاف، لكن أبناؤها كبروا وحققوا أحلامها: من التجارة، للطب، للهندسة، وحتى النيابة.
وفاة الزوج غيرت الحياة
رغم رفض أهل الزوج بقائها في المنزل بعد وفاته، قررت نور أن تبدأ من جديد. استأجرت غرفة صغيرة، وبنت مستقبلًا لأبنائها من العدم. والدها، الذي ظل يلومها على رفضها لطلبه بإرسال الأطفال لأهل والدهم، لم يكن لها عونًا، لكنها تمسكت بأمومتها حتى النهاية.
تقول نور:" علمت ولادي ياكلوا الحلال ويخافوا ربنا. ربنا رضاني بيهم، وشالوا الجميل. عمري ما فكرت أتجوز تاني، كنت عايزة أحافظ عليهم."
ورغم قسوة الطريق، ترى نور أن ما مرّت به كان يستحق؛ فقد رأت أبناءها يكبرون محترمين، ناجحين، يحملون اسمها بكل فخر. لم تحلم بكثير، فقط تسأل الله أن تحج بيته، وتحافظ على صحتها، دون أن تحتاج لأحد.
قصة نور ليست مجرد حكاية سيدة كافحت، بل شهادة حيّة على أن الأمومة والإصرار والإيمان يمكن أن تصنع من الألم وطنًا ومن الكفاح ضوءًا. هي امرأة من نور، سارت في الظلام حتى أضاءت طريق من خلفها.