خالد الجندي: وضع ضوابط لممارسة الإفتاء أمر بالغ الأهمية
طرح الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، سلسلة من التساؤلات الجوهرية حول ضوابط التخصص في الإفتاء وآليات اختيار المفتين، مؤكدًا أنه لا يسعى لأي منصب وإنما يناقش هذه القضايا من منظور موضوعي لصالح الشأن الديني العام، وذلك خلال حلقته من برنامج "لعلهم يفقهون" المذاع على قناة "dmc".
التخصصات الشرعية
استهل الجندي حديثه بتسليط الضوء على مسألة التخصص داخل الأزهر الشريف، مشيرًا إلى أن الأزهر يتمتع بتنوع تخصصي يشبه إلى حد كبير ما يحدث في كليات الطب، قائًلا: "عندنا تخصصات دقيقة: فقه، حديث، قرآن، لغة عربية، دعوة، فلسفة... زي ما عندك في الطب تخصصات مثل جراحة ونساء وعظام". ولفت إلى أهمية هذا التصنيف الدقيق في ضمان أهلية كل متخصص للقيام بدوره دون تجاوز اختصاصه.
مشروعة حول أهلية المفتين
وطرح الجندي تساؤلات وصفها بـ"المشروعة" حول ما إذا كان خريجو أقسام مثل الفلسفة أو الحديث يملكون الحق في الإفتاء الشرعي داخل الأزهر، مشيرًا إلى حالة بعض أعضاء مجمع البحوث الإسلامية الذين يحملون شهادات في القانون المدني والتجاري والعام، متسائلًا: "على أي أساس يتم منحهم الحق في الإفتاء؟ هل لمجرد أنهم أعضاء في المجمع أم لأن لديهم خلفية شرعية تؤهلهم لذلك؟"
وشدد الجندي على أنه لا يشارك في أي لجان للإفتاء ولا يسعى للانضمام إليها، قائلاً: "أنا محايد، ولست معنيًا بالفتوى ولا أستقبل أسئلة على الهواء. الحمد لله، ما بقي من عمري لا يسمح بالطمع في أي منصب"، مضيفًا: "أنا فقط أطرح هذه الأسئلة حتى لا يتم تضليل الناس، وحتى تكون الأمور واضحة وشفافة".
ضرورة أم تضييق؟
ناقش الجندي فكرة تنظيم الإفتاء، معتبرًا أن وضع ضوابط لممارسة الإفتاء أمر بالغ الأهمية، لكنه استدرك قائلاً: "إلزام أشخاص محددين فقط بالإفتاء يفتح بابًا جديدًا من التساؤلات".
وأوضح أنه من الطبيعي أن يتم وضع تعليمات واضحة لمن يتصدر للفتوى، مثل الالتزام بالقانون، ذكر مصادر الحكم الشرعي، ومراعاة البعد الاجتماعي، لكنه تساءل: "إذا تم حصر الفتوى في فئة معينة، فمن أي مذهب سيفتون؟ وهل بذلك نُنهي تعددية المذاهب التي تميز الفكر الإسلامي؟".
مفهوم يحتاج إلى تدقيق
واختتم الجندي بمثال عملي حول صعوبة تحديد الفتوى بدقة، قائلاً: "لو أنا دلوقتي نقلت حكم فقهي عن أحد المذاهب الأربعة وذكرته بوضوح، هل يُعتبر ذلك فتوى أم مجرد نقل علمي؟"، مؤكدًا أن هذه الأسئلة ليست للجدل بل لضمان أن تكون العملية الشرعية متماسكة وشفافة أمام الناس.
