خالد الجندي: الفتوى تحت مظلة القانون ولا اجتهاد يُخالف النظام العام

أكد الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن التحدي الأكبر الذي يواجه المجتمع ليس في تنوع الآراء الفقهية، بل في تجاوز القانون بإصدار فتاوى تتعارض معه، مما يهدد استقرار المجتمع والنظام العام، مشددًا على أن القوانين التي ارتضاها المجتمع ملزمة للجميع.
احترام القانون
وأوضح الجندي، خلال حلقة برنامج "لعلهم يفقهون" المذاعة على قناة "dmc"، أن الخطورة تكمن في إصدار فتاوى تخالف القوانين المعمول بها، قائلاً: "المشكلة ليست في الخلاف الفقهي، بل عندما يصدر أحدهم فتوى تتعارض مع القانون، وهنا نقول له: توقف فورًا، لأن هذا القانون يمثل توافقًا اجتماعيًا ارتضيناه جميعًا".
وبيّن الجندي أن الاعتراض على القوانين يجب أن يتم من خلال القنوات الرسمية، وليس عبر إطلاق فتاوى خارجة عن إطار القانون، مضيفًا: "لو مش عاجبك القانون، عندك وسائل قانونية للطعن فيه أو المطالبة بتعديله، سواء عبر المحكمة الدستورية أو من خلال نواب البرلمان أو حتى باللجوء إلى القضاء، أما أن تخرج على المجتمع بالفتاوى المعارضة فهذا مرفوض تمامًا".
مقترح لضبط الفتوى
واقترح الجندي وضع ضوابط جديدة لضبط عملية الإفتاء، مؤكدًا أهمية أن يكون من يتصدى للإفتاء ملمًا بالجوانب القانونية، قائًلا: "أنا لا أطالب بأن يكون المفتي محاميًا أو مستشارًا قانونيًا، لكن ينبغي أن يحصل على شهادة أو تصريح يؤكد فهمه للقانون حتى تكون فتاواه متسقة مع القوانين السارية".
وتناول الجندي أمثلة عملية توضح التعارض بين الفتوى الشرعية والقانون، مشيرًا إلى قضية الإجهاض، قائلاً: "قد يسألك شخص عن حكم الإجهاض، والشيخ يجيب وفقًا لما ورد في الفقه، لكن على الأرض، الإجهاض مجرَّم قانونًا. فهل نفتي وفق القانون أم وفق كتب التراث؟ هذا مثال على ضرورة التوفيق بين الفتوى والقانون".

الهجرة غير الشرعية
كما تطرق الجندي إلى موضوعات أخرى مثيرة للجدل مثل التجارة في الآثار والهجرة غير الشرعية، مؤكدًا أن هناك من أصدر فتاوى تبيح هذه الأفعال، رغم كونها محظورة قانونًا، قائًلا: "هنا تظهر الإشكالية بوضوح، فالقانون هو الأداة التي تحسم بها الدولة الجدل في مثل هذه المسائل".
واختتم الجندي حديثه بالإشارة إلى مسألة الزواج العرفي، موضحًا أن القانون لا يعترف به إلا إذا تم توثيقه رسميًا أمام القضاء، مشددًا: "أي جهة فتوى تقول لك الحكم الشرعي في الزواج العرفي، لكن القانون لا يعترف إلا بالمحررات الرسمية، وهذه مسألة يجب أن تكون واضحة للجميع".