اتفاقيات أبراهام
«مثلث أبراهام».. صفقات عربية - إسرائيلية تُعيد رسم خريطة الشرق الأوسط

وسط الأحاديث المتداولة بالفترة الأخيرة عن توسيع اتفاقيات أبراهام، سواء بطموح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لضم المملكة العربية السعودية، أو مساعي إسرائيل لمبادرة جدية مع السودان وغيرها من الدول، مازالت الجهود مستمرة لإعادة رسم خريطة لشرق الأوسط.
ففي عام 2020، وقعت ثلاث دول اتفاقية تطبيع مع الكيان الصهيوني، والتي تُعرف إعلاميًا باسم "اتفاقيات أبراهام" وهم دولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب.
وبالرغم من تهدئة أحداث السابع من أكتوبر من وتيرة تلك الاتفاقيات، إلا أن العديد من الدول سارعت لبناء شراكات مع إسرائيل على مستوى العديد من المجالات.
«مثلث أبراهام» الإمارات وإسرائيل
أثّرت هجمات طوفان الأقصى على مسار التقارب الإماراتي الإسرائيلي، الذي كان قد شهد تسارعًا كبيرًا بعد توقيع اتفاقيات إبراهيم، حيث كان مدفوعًا في الأساس بالمصالح الاقتصادية والتجارية.
وكانت قد تحركت الإمارات وإسرائيل بسرعة – في أعقاب التوقيع - لتأسيس علاقات دبلوماسية متينة، تضمنت إلغاء متطلبات التأشيرة لمواطني البلدين، وإطلاق رحلات جوية مباشرة بينهما. وقد أسهمت هذه الخطوات في تنشيط حركة التجارة والسياحة، خصوصًا من إسرائيل إلى الإمارات.

وفي عام 2022، وقع الطرفان اتفاقية تجارة حرة وشراكة اقتصادية شاملة، في خطوة لتعزيز التعاون في مجالات متعددة، من التكنولوجيا إلى البنية التحتية. وهدفت هذه الاتفاقيات إلى رفع حجم التبادل التجاري السنوي بين البلدين إلى 10 مليارات دولار بحلول عام 2027، مقارنة بـ2.5 مليار دولار في عام 2022.
إضافة إلى ذلك، شاركت الإمارات في إطلاق شراكة I2U2" " في سبتمبر 2023، إلى جانب الهند وإسرائيل والولايات المتحدة، والتي تركز على مجالات مثل التقنيات المتقدمة والأمن الغذائي.
ورغم أن الإمارات أدانت علنًا العمليات العسكرية الإسرائيلية خلال حرب غزة، فإنها لم تُقدم على قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل. وواصلت الجهات المدعومة من الحكومة الإماراتية التعاون مع نظيراتها الإسرائيلية، رغم تعليق بعض المشاريع البارزة، مثل الاستغلال المشترك لأكبر حقل غاز بحري في إسرائيل، الذي كانت تشارك فيه كل من شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، وشركة بي بي (BP)، وشركة نيوميد الإسرائيلية.
كما تأثر قطاع السياحة والسفر الجوي نتيجة الحرب، حيث شهد عدد الرحلات الجوية الوافدة من إسرائيل إلى دبي انخفاضًا حادًا قبل أن يتعافى لاحقًا. وبالمقابل، ساهم تصاعد التهديدات في البحر الأحمر، لا سيما من جانب جماعة الحوثيين في اليمن، في دفع الشركات الإسرائيلية إلى استخدام طريق بري جديد يربطها بالإمارات مرورًا بالسعودية والأردن، لتجنب المخاطر البحرية وتعزيز التعاون اللوجستي.

البحرين والشراكات الإسرائيلية
أما البحرين، التي تستضيف مقر الأسطول الخامس الأمريكي، فقد خطت خطوة بارزة في مسار التطبيع عبر توقيع أول اتفاقية أمنية رسمية بين إسرائيل ودولة عضو في مجلس التعاون الخليجي، وذلك في عام 2022.
وقد تمحورت العلاقة بين البلدين حول التعاون الأمني والعسكري، وشملت الاتفاقيات مجالات مثل التدريب الاستخباراتي ومبيعات الطائرات بدون طيار من إسرائيل إلى البحرين.
ورغم هذا التعاون، فإن حجم التبادل التجاري بين البحرين وإسرائيل بقي محدودًا للغاية مقارنة بالعلاقات الاقتصادية بين إسرائيل والإمارات، حيث بلغ حجم التجارة الثنائية بين المنامة وتل أبيب أقل من 20 مليون دولار خلال عامي 2021 و2022.
وبعد اندلاع الأعمال العدائية في غزة، غادر السفير الإسرائيلي الأراضي البحرينية، إلا أن السلطات البحرينية لم تُظهر أي رغبة في التراجع عن اتفاقيات أبراهام أو تجميد العلاقات.
وركزت البحرين على أهمية الشراكة الأمنية والدفاعية ضمن علاقتها مع إسرائيل، بوصفها عنصرًا استراتيجيًا يصعب الاستغناء عنه في ظل الظروف الإقليمية المتوترة.

المغرب والتطبيع مع إسرائيل
يرتبط تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل بشكل وثيق بقضية الصحراء الغربية، إذ مهدت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الطريق لهذا التطبيع من خلال اعترافها بمطالب المغرب بسيادته على الإقليم أواخر عام 2020.
وفي المقابل، أقام المغرب علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وتطورت هذه العلاقات لاحقًا لتشمل التعاون الأمني والدفاعي.
في عام 2021، وقع المغرب وإسرائيل مذكرة تفاهم دفاعية، أدت إلى توقيع عدة صفقات تسلّح شملت طائرات مسيرة متقدمة، وأنظمة دفاع جوي، وأقمارًا صناعية لأغراض الاستخبارات.
كما ساهمت المصالح الأمنية المشتركة في تعميق العلاقات، إلى جانب وجود روابط ثقافية وتاريخية قوية، حيث تُقر السلطات المغربية بالتراث اليهودي في المملكة، وتُعد الجالية اليهودية من أصول مغربية إحدى أكبر الجاليات في إسرائيل.
وعلى الرغم من أن حرب غزة أثرت سلبًا على السياحة الإسرائيلية إلى المغرب، إلا أن جوانب أخرى من العلاقات بين البلدين بقيت نشطة. ففي قطاع السيارات، على سبيل المثال، استوردت إسرائيل سيارات من المغرب كبديل عن الواردات التركية، مما يعكس استمرار الروابط التجارية.
كما واصلت المؤسسات الأكاديمية المغربية، وعلى رأسها جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، شراكاتها مع جامعات ومراكز بحثية إسرائيلية، في دلالة على استمرار التعاون العلمي والثقافي رغم التوتر السياسي.