عاجل

من تفسير الشعراوي.. كيف تتخلص من الغم وتطرد الحسد وتعيش في رضا؟

الشيخ محمد متولي
الشيخ محمد متولي الشعراوي

في عالم يموج بالقلق والاضطراب، وتتزايد فيه الأعباء اليومية وضغوط المعيشة، يحتاج الإنسان إلى سند روحي يخفف عنه ثقل الأيام ويمنحه راحة البال وطمأنينة النفس، ومن بين أعلام الدعوة الذين تركوا لنا كلمات من نور تداوي الأرواح وتشرح الصدور، يبرز الإمام الجليل الشيخ محمد متولي الشعراوي – رحمه الله – والذي قدّم أربع وصايا عظيمة مأخوذة من القرآن الكريم، تُعد وصفة ربانية للتخلص من الهموم، ودفع المكر، وتوسعة الرزق.
 

وفيما يلي، نستعرض الوصايا الأربع، كما فسرها الشعراوي، مدعومة بآيات من القرآن الكريم وأقوال السلف الصالح، لتكون مرشدًا عمليًا لكل من يبحث عن الخلاص من ضيق الدنيا وضغوطها.

علاج الخوف بـ"حسبنا الله ونعم الوكيل"

أول وصية من وصايا الشيخ الشعراوي لعلاج الخوف والتوتر، هي ترديد قول الله تعالى: "حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ" [آل عمران: 173]، وهي الآية التي قالها المؤمنون عندما بلغهم أن أعداءهم اجتمعوا ضدهم، فكانت سببًا في ثباتهم وفوزهم برضا الله: "فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ".

الشعراوي شرح أن هذه الآية هي إعلان ثقة وتوكل تام على الله، وهي تكفيك كل شر، وتمنحك حماية ربانية من المخاوف، سواء كانت ظاهرة أو خفية، ويؤكد الإمام جعفر الصادق هذا المعنى بقوله: "عجبت لمن خاف ولم يفزع إلى قوله تعالى: حسبنا الله ونعم الوكيل".

دعاء يونس لرفع الهموم والغموم

الوصية الثانية التي تطرق إليها الشعراوي هي دعاء نبي الله يونس عليه السلام، والذي قاله وهو في بطن الحوت "لَا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ" [الأنبياء: 87]، وفسّر الشعراوي هذا الدعاء بأنه يتضمن الاعتراف بالذنب، والاعتراف بقدرة الله، والرجوع الكامل إليه. وأوضح أن الله وعد المؤمنين بأن من قاله بإخلاص وتضرع، نجا من الغم: "فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ".


"وأفوض أمري إلى الله" لحماية نفسك من مكر الناس

المكر والحسد والشرور من أخطر ما يواجه الإنسان في حياته، وهنا تأتي ثالث وصايا الشعراوي وهي قول نبي الله موسى عليه السلام: "وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ" [غافر: 44]، يفسّر الشعراوي هذه الآية بأنها تعني التسليم الكامل لله في كل شيء، خصوصًا عندما تواجه الظلم أو الكيد أو الأذى من الناس، ويؤكد الله بعدها في الآية: "فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا"، إذًا، تفويض الأمر لله هو درع الأمان الذي يحفظك من كيد الحاسدين وأذى الظالمين، ويمنحك راحة نفسية تامة.

"ما شاء الله لا قوة إلا بالله" لتوسعة الرزق والبركة

الوصية الرابعة من وصايا الشعراوي جاءت في سياق السعي للرزق والبركة، وهي قول الله تعالى: "مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ" [الكهف: 39]، جاءت هذه العبارة على لسان الرجل الصالح في سورة الكهف، الذي نصح صاحبه المغرور بعدم الاغترار بزينة الدنيا،
الشعراوي أوضح أن هذه الكلمات تحمل في طياتها التوكل الكامل على الله، والاعتراف بأن الرزق والقوة وكل شيء بيد الله وحده.

وقال رحمه الله: "إذا ردد العبد هذه الآية باستمرار، كان ذلك سببًا في حفظ نعمته، وزيادتها، وطرد الحسد والعين عنها".

الشعراوي: اقرأ القرآن كأنك تسمع الله يحدثك

من النصائح الذهبية التي ختم بها الشعراوي حديثه في تسجيل مصور، هي أن المسلم حين يقرأ القرآن، يجب أن يقرأه وكأنه يسمع الله يحدثه مباشرة، لا أن يقرأه فقط ككلمات مكتوبة، وقال الشعراوي: "يجب أن يلغي الإنسان المتكلم الواسطة، ويعيش مع كل كلمة في الآية وكأنها موجهة له شخصيًا"، فحينها فقط يتأثر القلب وتنتفع النفس، ويستشعر الإنسان عظمة كلام الله.

سر الرضا في كلام الشعراوي

واختتم الشعراوي حديثه بالوصية الأعظم، وهي الرضا بقسمة الله. حيث أورد الحديث القدسي: "يا ابن آدم، خلقتك للعبادة فلا تلعب، وقسمت لك رزقك فلا تتعب، فإن رضيت بما قسمته لك أرحت قلبك وبدنك، وإن لم ترضَ بما قسمته لك، فوعزتي وجلالي، لأسلطن عليك الدنيا تركض فيها ركض الوحوش في البرية، ثم لا يكون لك منها إلا ما قسمته لك، وكنت عندي مذمومًا".

تم نسخ الرابط