في إطار سعيه المستمر لبناء الوعي المجتمعي، وتعزيز ثقافة الحوار، ومكافحة كافة أشكال التطرف، ينظّم مرصد الأزهر لمكافحة التطرف النسخة الرابعة من منتدى "اسمع واتكلم"، الذي انطلقت نسخته الأولى في عام 2018، بحضور نحو 500 شاب وفتاة من الجامعات المصرية.
وقد تطورت فكرة المنتدى منذ انطلاقها لتصبح فعالياته ممتدة على مدار العام الدراسي، من خلال زيارات ومحاضرات وندوات ينظمها المرصد داخل الجامعات المصرية الحكومية والخاصة، تتناول موضوعات مثل: الوسطية، وقيم الحوار والمواطنة والتنوع والتكامل وقبول الآخر في إطار من التسامح، ومكافحة خطاب الكراهية والفكر الظلامي الهدام.
ويهدف المنتدى، الذي يحظى بدعم واهتمام كبيرين من المؤسسات التعليمية والإعلامية، إلى خلق مساحة حرة للنقاش والحوار البنّاء، وتشجيع الشباب من الجنسين على التعبير عن آرائهم بحرية في مختلف القضايا، مع التركيز على التحديات النفسية والاجتماعية التي قد تُشكّل بيئة خصبة لتغلغل الفكر المتطرف.
وتركّز النسخة الرابعة من المنتدى على قضيتين محوريتين لهما بالغ الأثر في الواقع المعاصر، وهما: العمل الأهلي والتطوعي، إذ يؤكد مرصد الأزهر على أهمية دور منظمات المجتمع المدني في ترسيخ ثقافة العمل التطوعي، وتعظيم شأنه في نفوس الشباب، باعتباره وسيلة فعالة لسد الفجوة المجتمعية ومواجهة الفكر المتطرف.
فالعمل التطوعي يرسّخ في نفوس الشباب قيم المسؤولية تجاه الآخرين، ويغرس فيهم حب الخير وحب الآخر، كما يمنحهم الفرصة للتعارف والحوار في أجواء يسودها التسامح والتنوع والاحترام المتبادل بين الجميع على اختلاف آرائهم ومعتقداتهم.
ويسهم العمل التطوعي والخيري في حماية الشباب من الانجراف وراء الأفكار المتطرفة، إذ يوجه طاقاتهم نحو أنشطة بنّاءة تُعزز انتماءهم لمجتمعهم، وتربّي فيهم قيم العطاء دون انتظار مقابل، وهي صفات ضرورية لمجتمع متماسك وسليم.
كما تسلط هذه النسخة من المنتدى الضوء على أهمية دور الشباب في نشر الوعي بالقضية الفلسطينية، خصوصًا في ظل الهيمنة الإعلامية والرقمية.
فالقضية الفلسطينية لم تَعُد شأنًا سياسيًا فحسب، بل قضية إنسانية تؤثر في وجدان أكثر من مليار مسلم حول العالم، يشهدون يوميًا وعلى مدار الساعة صور الإبادة الجماعية التي يمارسها الكيان الصهيوني ضد أصحاب الأرض والحق، وسط صمت دولي مخزي ودعم غربي غير محدود، يُناقض المبادئ التي يتشدق بها الغرب حول العدالة والقيم الأخلاقية وحقوق الإنسان.
ويُعد إدراج القضية الفلسطينية ضمن محاور منتدى "اسمع واتكلم" تأكيدًا لامتداد الجهود التوعوية التي يقودها الأزهر الشريف للدفاع عن الحقوق العربية، وتعرية ازدواجية المعايير لدى بعض الأنظمة والمنظمات الدولية.
إن منتدى "اسمع واتكلم" لا يُعدّ مجرد فعالية سنوية، بل هو مبادرة استراتيجية من مرصد الأزهر تستهدف بناء وعي حقيقي لدى الشباب، يحصنهم ضد الأفكار المتطرفة، ويعزز انتماءهم الوطني والإنساني في آنٍ واحد.
ويمثل المنتدى تجسيدًا عمليًا لرؤية الأزهر الشريف في نشر ثقافة السلام، والحوار، والتعايش، ومجابهة الفكر المتطرف بالحجة والوعي والمعرفة.
حفظ الله شبابنا من كل سوء، وجعلهم درعًا وسندًا لمجتمعاتهم وأمتهم.