خبراء: التصنيع الزراعي في مصر يواجه تحديات هيكلية وتتطلب استراتيجية وطنية عاجلة
خبراء: التصنيع الزراعي يواجه تحديات هيكلية وتتطلب استراتيجية وطنية عاجلة

يُعد قطاع التصنيع الزراعي من الركائز الأساسية لأي اقتصاد يسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتي وزيادة القيمة المضافة للمنتجات المحلية، إلا أن هذا القطاع الحيوي في مصر لا يزال يواجه العديد من التحديات التي تعيق نموه واستغلال إمكاناته.
ورغم ما تمتلكه مصر من موارد زراعية متنوعة، إلا أن غياب التنسيق بين السياسات الزراعية والصناعية، وضعف التمويل، وتراجع البنية التحتية، ساهمت في تأخر إقلاع هذا القطاع الاستراتيجي. وفي هذا التقرير، نسلط الضوء على أبرز العقبات التي تعترض التصنيع الزراعي، وفقاً لآراء خبراء الاقتصاد والصناعة، ونستعرض مقترحاتهم لتجاوز الأزمات وتحقيق التنمية المستدامة.
قال الدكتور محمد البهي، عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات، إن قطاع التصنيع الزراعي في مصر يواجه مجموعة من التحديات التي تعيق نموه وتطور استثماراته.
التحديات التي تواجه القطاع الزراعي والصناعي
وأوضح " البهي" في تصريحات خاصة لـ"نيوز رووم" أن إحدى المشكلات الرئيسية التي يعاني منها القطاع هي الاكتفاء الذاتي الذي يؤدي إلى تراجع حوافز الاستثمار في الصناعات الزراعية.
أسباب فشل استثمارات التصنيع الزراعي في مصر
وأضاف البهي، أن هناك العديد من الحاصلات الزراعية المتوفرة في مصر، إلا أن نقص الاستفادة منها في عملية التصنيع يعد من أبرز الأسباب التي تؤثر على تطور هذا القطاع الحيوي.
وأكد أن العديد من المنتجات الزراعية المطلوبة لم يتم استغلالها كما ينبغي، مشيرًا إلى أن القطاع يعاني من تراجع كبير في تصنيع بعض الحاصلات التي يمكن أن تساهم في تطوير صناعات جديدة وفتح مجالات استثمارية جديدة.
وأشار البهي إلى أن المشكلة لا تقتصر على التصنيع الزراعي فقط، بل تمتد إلى العديد من الصناعات في مصر، مشيراً إلى أن فكرة الاكتفاء الذاتي لم تعد تدفع إلى التوسع في الإنتاج، بل على العكس، تسببت في التوقف عن التوسع في بعض الصناعات الهامة.
كما لفت إلى أن هناك ضرورة لإيجاد حلول لتحفيز القطاع على التوسع في استثمارات التصنيع الزراعي واستخدام الحاصلات الزراعية بشكل أفضل بما يعود بالنفع على الاقتصاد المصري، مؤكداً على أهمية تشجيع الاستثمار في هذا القطاع لمواجهة التحديات التي تعوق تطوره وضمان استدامته في المستقبل.
ومن جانبه، قال الدكتور علي الإدريسي، أستاذ الاقتصاد الدولي وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، إن قطاع التصنيع الزراعي يُعد من أكثر القطاعات الحيوية القادرة على إحداث نقلة نوعية في الاقتصاد المصري، لما له من دور في تحويل المنتجات الزراعية الخام إلى سلع ذات قيمة مضافة قابلة للتخزين والتصدير، مما ينعكس إيجابًا على العوائد وفرص التشغيل.
تحديات القطاع
وأوضح الإدريسي، في تصريحات خاصة لـ"نيوز رووم"، أن أحد أبرز التحديات التي واجهت استثمارات التصنيع الزراعي في مصر يتمثل في ضعف التنسيق بين القطاعين الزراعي والصناعي، مشيراً إلى أن التخطيط الزراعي لم يراعِ احتياجات المصانع، ما نتج عنه فجوات موسمية في المواد الخام أثرت على كفاءة تشغيل المصانع.

البنية التحتية
وأضاف أستاذ الاقتصاد الدولي وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، أن نقص البنية التحتية، لاسيما في شبكات النقل والتخزين المبرد، أدى إلى فقدان كميات كبيرة من المنتجات الزراعية قبل وصولها إلى المصانع، ما زاد من التكاليف وأضعف جدوى الإنتاج الصناعي.
ضعف التمويل
وبيّن الإدريسي أن مشروعات التصنيع الزراعي تعاني من ضعف في التمويل، إذ تتردد البنوك في تمويل هذا النوع من الاستثمارات نظراً لمخاطره المرتفعة، كما تفتقر العديد من المصانع إلى التكنولوجيا الحديثة والدعم الفني الكافي لمواكبة المعايير الدولية، وهو ما أدى إلى تراجع فرص التصدير.
تشتت مؤسسي
وأشار أستاذ الاقتصاد الدولي وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع إلى أن غياب جهة موحدة للإشراف على هذا القطاع تسبب في تداخل اختصاصات عدد من الهيئات الحكومية، ما أحدث حالة من التشتت المؤسسي، كما أن البيئة التشريعية غير المشجعة ساهمت في عزوف الكثير من المستثمرين عن الدخول في هذا المجال.
استراتيجية وطنية شاملة
واختتم الدكتور علي الإدريسي، أستاذ الاقتصاد الدولي وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع بالتأكيد على أهمية تبني استراتيجية وطنية لتطوير التصنيع الزراعي، تبدأ من تحديد أولويات زراعية واضحة، وإنشاء مناطق صناعية قريبة من مراكز الإنتاج، مع تحسين آليات التمويل وتوفير الدعم الفني، بما يضمن نموًا مستدامًا لهذا القطاع الحيوي.