عاصم منير يظهر من خلف الكواليس.. قائد الجيش الباكستاني في قلب التصعيد مع الهند

بعد أعوام من العمل في الظل، وجد قائد الجيش الباكستاني الجنرال عاصم منير نفسه في قلب المواجهة السياسية والعسكرية مع الهند، إثر الهجوم الدامي الذي وقع مؤخرًا في الجزء الخاضع للسيطرة الهندية من كشمير، وأدى إلى مقتل 26 سائحًا هندوسيًا بالقرب من بلدة باهالجام.
ففي مشهد رمزي قوي، ظهر منير خلال مناورة عسكرية الأسبوع الماضي واقفًا فوق دبابة، قائلاً: "لا مجال للغموض... أي مغامرة عسكرية من جانب الهند ستُقابل برد سريع وحاسم ومتصاعد"، في لهجة تصعيدية لاقت اهتمامًا واسعًا في كل من إسلام آباد ونيودلهي.
كشمير «شريان الحياة»
خطابات منير الأخيرة، خاصة قوله إن كشمير تمثل «شريان الحياة» لباكستان، أعادت تسليط الضوء على الخطاب الأيديولوجي التقليدي في المؤسسة العسكرية الباكستانية، التي لا تزال تعتبر النزاع مع الهند صراعًا وجوديًا ودينيًا في آن واحد.
وقد أثارت تصريحاته استياء الخارجية الهندية، التي وصفتها بـ«التحريضية»، مؤكدة أن كشمير جزء لا يتجزأ من الهند. بينما نفى الجانب الباكستاني أي صلة بين هذه التصريحات والهجوم الأخير، واصفًا اتهامات الهند بأنها «بلا أساس».
خطاب ديني وتاريخ متشدد
لطالما اعتُبر الجنرال منير شخصية متشددة تجاه الهند، إذ سبق له قيادة اثنتين من أهم الوكالات الاستخباراتية العسكرية في باكستان، ويعتمد في خطابه على نظرية الدولتين التي تأسست بموجبها باكستان عام 1947، والتي تفترض أن الهندوس والمسلمين أمتان منفصلتان.
وقد استعان منير بهذه النظرية في خطابه أمام خريجي الكلية العسكرية الباكستانية يوم 26 أبريل، قائلاً إن باكستان لن تتخلى عن «إخوانها الكشميريين» في مواجهتهم لما وصفه بـ«الاحتلال الهندي»، في رسالة حملت أبعادًا قومية ودينية عميقة.
خطر التصعيد والمواجهة المباشرة
الهجوم الأخير هو الأعنف من نوعه منذ عقود، وجاء في لحظة حرجة سياسيًا، مع ضغط متزايد على رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي للرد. وقد سبق للهند أن نفذت ضربات جوية على أهداف داخل الأراضي الباكستانية في 2016 و2019.
لكن محللين هنود يحذرون من أن ردًا محدودًا هذه المرة لن يكون كافيًا لتهدئة الرأي العام، خاصة مع اتساع تأثير التيارات اليمينية المتشددة. بينما يرى خبراء في إسلام آباد أن أي ضربة هندية ستجبر باكستان على الرد، ما يرفع احتمالية التصعيد إلى نزاع مسلح مفتوح بين قوتين نوويتين.
السيطرة بدل الشعبية
في الداخل، يواصل منير تعزيز قبضته على السلطة، مع اتهامات متزايدة بتهميش المعارضة والتضييق على الحريات. ويُعرف الجنرال بانضباطه وتحفظه، حيث يتجنب الظهور الإعلامي المفاجئ، ويركز على خطاب واضح ومشحون دينيًا، ما يعكس توجهًا متزايدًا نحو العسكرة الأيديولوجية في سياسة باكستان.
وبحسب السفير السابق لدى الولايات المتحدة، حسين حقاني، فإن منير "لا يسعى لأن يكون محبوبًا، بل أن يكون المسيطر"، وهي المقاربة ذاتها التي يبدو أنه يتبعها في التعامل مع الأزمة مع الهند.
تجميد العلاقات وتراجع الدبلوماسية
حتى اللحظة، لا توجد مؤشرات على استئناف الاتصالات الدبلوماسية بين الجارتين، في وقت أصبحت فيه التصريحات النارية هي الوسيلة الوحيدة للتواصل. كما أبدت الولايات المتحدة والأمم المتحدة قلقهما من احتمالات الانزلاق إلى مواجهة أوسع، بينما دخلت الصين على الخط بصفتها حليفًا استراتيجيًا لباكستان.
وفي ظل غياب قنوات الحوار الفعّال، يحذر مراقبون من أن سوء التقدير قد يكون العامل الحاسم في انفجار صراع جديد في جنوب آسيا، المتوتر أصلًا منذ عقود بسبب كشمير.