عاجل

بداية عهد جديد في ألمانيا.. «ميرز» يعلن تشكيل حكومته ويتعهد بإصلاحات جذرية

المستئار الإلماني
المستئار الإلماني فريدريش ميرز

تعهد فريدريش ميرز، المحافظ الألماني، اليوم الاثنين بالتحرك بسرعة لإصلاح أكبر اقتصاد في أوروبا، وذلك قبل يوم واحد من أدائه اليمين الدستورية كمستشار ورئيس ائتلاف مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) .

ووقع ميرز، الذي فازت كتلته المحافظة (الحزب المسيحي الديمقراطي) في انتخابات فبراير، وقادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي على معاهدة ائتلافهم التي تحدد خططهم للسنوات الأربع المقبلة.

وقال الرجل البالغ من العمر 65 عامًا، إن ألمانيا يجب أن تكون مستعدةً لمواجهة حربٍ بحلول عام 2029 نظرًا للتهديدات المتزايدة من روسيا - وهو تصريحٌ جريءٌ في بلدٍ عانى من آثار عدوانه العسكري في القرن الماضي. 

حكومة ميرز

وكان العديد من أعضاء الحزب الاشتراكي الديمقراطي قد دعموا بيستوريوس كمرشح لمنصب المستشار عن الحزب بعد انهيار الائتلاف الثلاثي بقيادة أولاف شولتز في نوفمبر الماضي، لكنه انسحب من السباق عندما اتضح أن شولتز لن يتراجع.

من بين الوزراء السبعة الذين رشحهم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، خمس نساء، مما يُمكّنه من تحقيق هدفه المتمثل في تحقيق التكافؤ بين الجنسين في مجلس الوزراء.

سيتولى كارستن شنايدر، المفوض السابق لشؤون شرق ألمانيا، البالغ من العمر 49 عامًا، وزارة البيئة وحماية المناخ المُنشأة حديثًا، وستتولى ريم ألابالي رادوفان، وزيرة الدولة السابقة لشؤون الاندماج، البالغة من العمر 35 عامًا، وزارة التنمية.

وقال كلينجبيل، والزعيمة المشاركة ساسكيا إسكن، والأمين العام ماتياس ميرش في بيان: "انضمت وجوه جديدة إلى شخصيات ذات خبرة في السياسة الفيدرالية وحكومات الولايات، تُمثل تحولًا جيليًا داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي".

شريك صغير في الائتلاف الحكومي

ورغم مغادرة شولتس السلطة، فإن حزبه يبقى شريكاً صغيراً في الائتلاف الحكومي، مُمسكاً بـ7 وزارات؛ بينها وزارة الدفاع، التي سيبقى على رأسها بوريس بيستوريوس؛ السياسي الاشتراكي الذي يحظى بشعبية واسعة في ألمانيا. وستعود وزارة الخارجية إلى “الحزب المسيحي الديمقراطي” بعد 60 عاماً؛ إذ اتفق الحزبان المشاركان في الائتلاف على تعيين السياسي يوهان فادفول، الذي يحظى بثقة ميرتس، في المنصب، ليكون خلفاً للسياسية التابعة لـ"حزب الخضر" أنالينا بيربوك.

ورغم عودة «الحزب المسيحي الديمقراطي» إلى السلطة، فإن سياسته في ظل زعامة ميرز لا يمكن أن تكون أبعد من سياسته خلال مدة حكم المستشارة السابقة أنجيلا ميركل. وفيما اعتمدت ميركل سياسة هجرة منفتحة وسمحت بدخول نحو مليون لاجئ سوري، وعمّقت العلاقات الاقتصادية بروسيا، فإن حكومة ميرتس تسبح في الاتجاه المعاكس في الملفين.

سياسة هجرة متشددة

 اعتمد ميرزسياسة هجرة متشددة بعد أن أمضى سنوات ينتقد فيها سياسة ميركل؛ غريمته التي أخرجته من عالم السياسة لعقد من الزمن قبل أن يعود بعد تقاعدها. 

ويلوم ميرز، ميركل، على صعود «البديل من أجل ألمانيا»، ويقول إن فتحها أبواب البلاد أمام اللاجئين تسبب في زيادة حظوظ الحزب الذي صُنّف قبل أيام بأنه «يميني متطرف»، وحتى أدخله إلى البرلمان لأول مرة عام 2017.

ورغم اعتماد ميرز سياسة هجرة متشددة كان يأمل أن تكسبه أصوات اليمين المتطرف، فإن وصوله إلى زعامة الحزب والسلطة لم يكن سلساً، وهو يُتهم، حتى من أعضاء داخل حزبه، بأنه شخصية تثير الانقسام أكثر من الإجماع، ليس فقط داخل حزبه؛ بل على مستوى البلاد؛ فهو لم ينجح في الفوز بزعامة الحزب إلا بعد أن ترشح 3 مرات. 

وحتى بعد فوز حزبه بالانتخابات بنتيجة متواضعة لم تتعدَّ 29 في المائة، فإن شعبيته الشخصية ظلت منخفضة وتراجعت أكثر حتى قبل دخوله مقر المستشارية، وهي حالياً لا تتعدى نسبة 25 في المائة مقارنة بشعبية تصل إلى 60 في المائة لوزير الدفاع (الاشتراكي) بوريس بيستوريوس الذي يتمتع بأعلى نسبة رضى شعبي.

كما أثار ميرز قبيل الانتخابات انقسامات كبيرة دفعت بعشرات الآلاف للتظاهر ضده، بعد أن دفع بحزبه للتعاون مع حزب «البديل من أجل ألمانيا» لتمرير مشروع قانون داخل البرلمان لتشديد قوانين الهجرة. وبهذا التعاون، خرق عرفاً متفقاً عليه لدى كل الأحزاب السياسية بعدم التعاون مع أحزاب يمينية متطرفة وتحديداً حزب «البديل من أجل ألمانيا»؛ أول حزب يميني متطرف يدخل البرلمان منذ هزيمة النازيين.

وعلى الصعيد الخارجي، تواجه حكومة ميرز تحديات تتعلق بترميم العلاقات بالولايات المتحدة، خصوصاً في ظل الخلافات المتنامية بشأن أوكرانيا و«حلف شمال الأطلسي (ناتو)». 

ويتخذ ميرز موقفاً أكبر تشدداً من حكومة شولتس لجهة دعم أوكرانيا، وكان دائماً ما ينتقد تردد المستشار السابق في تزويد كييف بمعدات عسكرية.

ولم يتردد ميرز خلال الأشهر والأسابيع الماضية في انتقاد الإدارة الأمريكية رغم أنه يؤكد أنه سيسعى لترميم العلاقات بها، معتمداً على خلفية مشتركة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، الرجل الثري الآتي من عام الأعمال، مثله تماماً. 

ويأمل ميرز أن يتمكن من بناء علاقة جيدة مع ترامب بعد إعلانه عن زيادة الإنفاق العسكري قبل تسلمه منصبه، وتمريره قانوناً داخل البرلمان يرفع حد سقف الاستدانة العامة؛ مما يسمح بتأهيل الجيش الألماني وزيادة المساعدات العسكرية لأوكرانيا. 

كما يتمني أيضاً، أن يرضي ذلك جزئياً الرئيس الأمريكي الذي دأب منذ عهده الأول على انتقاد إنفاق ألمانيا المحدود على الدفاع، واستغلالها الولايات المتحدة التي تؤمن لها مظلة أمنية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

علاقة شخصية جيدة مع ترامب

ولكن رغم ذلك، فإن ميرز قد يجد صعوبة في بناء علاقة شخصية جيدة مع ترامب وإدارته التي تدعم بشكل واضح حزب «البديل من أجل ألمانيا» وزعيمته أليس فايدل وانتقدت تصنيف المخابرات الألمانية الحزب بأنه «كيان يميني متطرف».

تحالفات أوروبية قوية

ولمواجهة الإدارة الأمريكية ، اختار ميرز أن يبدأ ببناء تحالفات أوروبية قوية، وتشير وجهاته الخارجية الأولى إلى ذلك؛ إذ سيسافر إلى باريس ووارسو غداة تسلمه منصبه لتنسيق الخطوات معهما بشأن أوكرانيا، خصوصاً وسط مخاوف من انسحاب أمريكي من دعم كييف وفرض اتفاق سلام عليها يكون في مصلحة موسكو.

تعاون عسكري واسع

 وعبّر ميرز عن انفتاحه على تعاون عسكري واسع مع فرنسا وداخل «الاتحاد الأوروبي»، وهو ما قاومته ميركل طوال سنوات حكمها رغم محاولات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المتكررة لإقناعها بذلك.

وعبّر ميرز أيضاً عن انفتاحه على أن تمتد المظلة النووية الفرنسية والبريطانية إلى ألمانيا، بديلاً للمظلة الأمريكية في حال نفذ الرئيس ترامب تهديداته بسحبها من ألمانيا. ولدى الولايات المتحدة قواعد عسكرية كبيرة في غرب ألمانيا وصواريخ نووية منتشرة بشكل سري لتشكيل ردع عسكري لروسيا.

 

 

 

 

 

تم نسخ الرابط