مصر في حاجة إلى بركاتك
هل زار الإمام الرفاعي مصر؟.. مفاجآت وأسرار يكشفها باحث صوفي |خاص

هل زار الإمام الرفاعي مصر؟، من الأمور التي تثار حول الطرق الصوفية أنها قائمة على الغموض، إلا أنه بالعودة لأصحاب هذا المنهج نجد جوابًا لكل شبه وردًا على كل متطرف.
هل زار الإمام الرفاعي مصر؟
وفي إطار بحث «نيوز رووم» عن حقائق وأسرار الطرق الصوفية وأئمتها كشف مصطفى زايد الباحث في شؤون التصوف عن مفاجآت وأسرار حول الإمام أحمد الرفاعي وحقيقة زيارته لمصر.
يقول زايد لـ «نيوز رووم»: «في ربيعٍ ثقيل الظلال من عام 560هـ، أُغلق بابٌ في قصر الخلافة الفاطمية، وفُتح باب آخر في قلب البصرة. الخليفة العاضد لدين الله، آخر من جلس على العرش الفاطمي المتهالك، أرسل وفدًا خفيًا إلى العراق، لا ليستدعي قائدًا عسكريًا أو سفيرًا سياسياً، بل شيخًا نحيل الجسد، واسع السرّ، اسمه أحمد الرفاعي».
وتابع: «لقد التقت السياسة بالروح، وارتجّت مصر من الداخل، فاستنجد حاكمها لا بسيفٍ، بل بوليّ يرى فيه العامة ملاذًا، وترى فيه الخاصة آخر أوراق النجاة».
رسالة في ليلٍ مضطرب
وأضاف: «من بين دفتي مخطوطة نادرة بعنوان "سيرة العاضد والرفاعي"، المحفوظة بدار الكتب المصرية، نقرأ أن العاضد كتب بخط يده: «يا سيدي أحمد، إن مصر في حاجة إلى بركاتك في هذه الأيام العصيبة».
وتذكر المخطوطة أن هذا الاستدعاء جاء بعد رؤيا مفزعة رآها العاضد ليلة النصف من شعبان، ظهر له فيها رجل نورانيّ من العراق، وأقسم له أن «الفرج لن يكون إلا على يد وليّ من البصرة».
كان الزمن يشتعل. من الشمال تهديد صليبي، ومن الداخل انقسام بين وزيرين، شاور وضرغام. لم يجد العاضد غير أن يلجأ إلى السماء... عبر رجل يعيش على أطرافها.
بغداد تراقب.. والرفاعي يجيب
في وثيقة محفوظة بالأرشيف العباسي في بغداد، نجد الخليفة المستنجد بالله يتلقى نبأ استدعاء الرفاعي إلى مصر. فيسأل أحد خاصّته الشيخ الصوفي: "أتذهب لمعاونة الفاطميين الشيعة؟"، فيجيبه الرفاعي: "أذهب لدعوة الناس إلى الله، لا إلى مذهب ولا سلطان."
تخوف العاضد من الرجل القادم من تكريت
مخطوطة "المنتخب من تاريخ مصر" تفصح عن همٍّ خفي راود العاضد:«كان يعلم أن جيش الشام يتقدّم، وأن وزيره شاور يخطط لأكثر من تحالف. لم يكن الغزو الصليبي وحده ما يخيفه، بل ظِلّ رجلٍ اسمه صلاح الدين بن أيوب».
في مخطوطة “التذكرة النورية” يرد قول منسوب إلى الرفاعي حين دخل قصر الذهب: "سيأتي من تكريت رجلٌ يملك مصر... فلا تصدّقوا شاور".
بحسب "بهجة الأسرار في مناقب الرفاعي"، دخل الرفاعي قصر العاضد، فخُيّل للحاضرين أن روحه تملأ المكان. جلس الخليفة أمام الشيخ لا كخليفة، بل كمستجير. عرض عليه الإقامة في القصر، فرفض.
وفي "الطبقات الكبرى" للشعراني :"قال الرفاعي: مساكن مصر من عوامّها أولى بي من قصور حكامها."لقد جاء ليُنذر، لا ليُقيم. جاء ليؤسس الزوايا، لا ليحمي العروش.
كرامات تُخفيها السياسة
سبع سنوات بعد هذا اللقاء، سقطت الدولة الفاطمية، كما تنبأ الشيخ. سجل ابن خلدون في "العبر":"كأن الرفاعي كان يقرأ التاريخ قبل أن يُكتب."
أما الأيوبيون، الذين ورثوا الحكم، فقد طمسوا أثر الزيارة. في مخطوطة "قلائد الجواهر"، ترد إشارة خافتة إلى زوايا أنشأها الرفاعي في القاهرة ودمياط، ما زال بعضها شاهدًا على أن الرجل عبر هنا، وترك أثرًا لا يمحوه تغيّر الحكّام.
من أخفى الحقيقة؟
يقول زايد: «السياسة تمحو ما لا يخدم سرديتها. ولأن الرفاعي لم يكن من خُدّام القصور، بل من رعاة الأرواح، أُقصيت قصته. لم يرد ذكر اللقاء في معظم كتب المؤرخين الرسميين. ولم يتجرأ أحد على ضمّ الرفاعي إلى قلب التاريخ المصري الرسمي».