لماذا تسيطر الصور السلبية على انتباهنا؟ .. دراسة تكشف تأثيرها ومدى خطورتها

كشفت دراسة جديدة نُشرت في مجلة Behavior Research Methods أن الصور ذات الطابع العاطفي السلبي مثل الوجوه المتألمة أو مشاهد تهديد الحيوانات، لها قدرة ملحوظة على تشتيت انتباه الإنسان وإضعاف قدرته على التركيز، مقارنة بالصور الإيجابية أو المحايدة، ليس هذا فحسب، بل تُظهر النتائج أن هذه الصور تترك أثرًا أعمق في الذاكرة، مما يزيد من احتمال تذكرها لاحقًا.
ما هو تأثير الصور السلبية على عقولنا؟
الانتباه المستمر هو من أهم الوظائف العقلية التي تُمكّن الإنسان من أداء المهام اليومية بكفاءة، مثل القراءة، والقيادة، والعمل، لكنه يتأثر بعوامل كثيرة، منها داخلية كالإرهاق أو التوتر، ومنها خارجية مثل الأصوات أو الصور، وقد سعت هذه الدراسة إلى فهم كيف يمكن للمحفزات البصرية السلبية أن تُشتت التركيز المستمر.

تجربة محدثة
ولتحقيق هذا الهدف، طوّر الباحثون أداة تجريبية تُعرف بـ "emogradCPT"، وهي نسخة محدثة من مهمة الأداء المستمر التدريجي (gradCPT)، تعتمد المهمة على عرض متتابع لأرقام، حيث يُطلب من المشاركين الاستجابة لكل رقم ما عدا الرقم "3"، بينما تظهر في الخلفية صور غير مرتبطة بالمهمة، مصنّفة إلى سلبية، إيجابية، أو محايدة.
شارك في التجربة الأولى 64 شخصًا، طُلب منهم أداء المهمة لمدة 9.6 دقائق، ورغم أن الصور الخلفية لم تكن ذات صلة مباشرة بالمهمة، إلا أنها أثرت بوضوح على الأداء. فعند عرض الصور السلبية، ارتكب المشاركون أخطاء أكثر، واستجابتهم كانت أبطأ بما يُقارب 20 إلى 30 ميلي ثانية مقارنة بفترات عرض الصور المحايدة أو الإيجابية، كما أبلغوا عن شعورهم بمزيد من التوتر والانزعاج خلال تلك اللحظات.
أثر طويل الأمد
الأكثر إثارة للاهتمام هو أن الصور السلبية تركت أثرًا طويل الأمد، فبعد 30 دقيقة من انتهاء المهمة، أُجري اختبار مفاجئ للتعرف على الصور، وتبيّن أن المشاركين كانوا أكثر قدرة على تذكّر الصور السلبية، ويُفسَّر ذلك بأن هذه الصور جذبت الانتباه بقوة أكبر أثناء المهمة، ما أثّر على كفاءة أدائهم وعلى ترسيخ تلك الصور في ذاكرتهم.
علّق الباحث د. إسترمان لموقع PsyPost قائلاً: "تُظهر هذه الدراسة لأول مرة أن المشتتات العاطفية السلبية لا تقتصر على تشتيت انتباهنا فحسب، بل تُشعرنا أيضًا بالسوء، وتظل محفورة في ذاكرتنا لفترة أطول".
تشير هذه النتائج إلى أهمية الانتباه للمحتوى الذي نتعرض له يوميًا، حتى لو لم نركز عليه بوعي، فالصور السلبية، وإن بدت غير ذات أهمية، قد تسرق منا التركيز والهدوء دون أن نشعر.