تصاعد التوترات بين الهند وباكستان بعد هجوم دموي على سياح
كشمير على شفا الانفجار: صلوات في المدارس وملاجئ في الجبال

وسط جبال كشمير الخلابة، في قرية تشوراندا الواقعة ضمن المنطقة الخاضعة للإدارة الهندية، يفتتح المعلمون يومهم بأداء صلاة الصبح إلى جانب التلاميذ، متضرعين ألا يعلو هدير المدافع على حفيف أشجار الجوز وشدو الطيور. إلا أن الواقع الأمني المتوتر يعكّر صفو الطبيعة، ويثير قلق الأهالي على جانبي خط السيطرة.
لا تزال العملية التعليمية مستمرة، لكن "الخوف بين أولياء الأمور يتزايد"، عقب الهجوم الأخير الذي أسفر عن مقتل 26 سائحًا على يد مسلحين يُشتبه بانتمائهم لتنظيمات متشددة، ما أعاد إلى الأذهان شبح النزاع الذي طالما هيمن على كشمير.
اتهامات متبادلة.. وتحركات عسكرية محتملة
اتهمت الحكومة الهندية باكستان بالضلوع في الهجوم، وهو ما نفته إسلام آباد بشكل قاطع، مؤكدة امتلاكها "معلومات استخباراتية موثوقة" تشير إلى نية نيودلهي تنفيذ عمل عسكري وشيك. وبينما يكتفي الجنود على جانبي خط السيطرة بمراقبة بعضهم البعض من مواقعهم الأمامية، يترقب السكان في صمت التطورات التي قد تعيد إشعال الصراع.
وكانت كشمير محورًا لنزاع مستمر بين الجارتين النوويتين منذ استقلالهما عام 1947، وخاض الطرفان حربين بسببها، فضلًا عن سلسلة لا تحصى من الاشتباكات الحدودية التي خلفت ضحايا من المدنيين على مدار العقود الماضية. وبحسب سكان تشوراندا، فقد قُتل ما لا يقل عن 18 شخصًا من أبناء القرية في عمليات إطلاق نار متبادلة.
ملاجئ في المنازل.. وحالة استنفار في الجانب الباكستاني
في قرية تشاكوثي، الواقعة على الجانب الخاضع لإدارة باكستان من كشمير، لجأ السكان إلى بناء ملاجئ محصنة داخل منازلهم وعلى سفوح التلال، في محاولة للاحتماء من أي تصعيد محتمل. يقول فيضان عنايت، شاب يعمل في مدينة روالبندي ويزور أسرته: "ندخل الملاجئ كلما بدأ إطلاق النار... الناس أصبحوا مستعدين دائمًا".
وفي مشهد يجسد المفارقة بين الطمأنينة الظاهرة والاستعدادات الحربية، كان محمد ناضر (73 عامًا) يستعد لأداء صلاة الجمعة، فيما يلعب أطفال عائلته مباراة كريكيت بجوار مدخل مخبأ تحت الإنشاء. ويعلّق قائلاً: "لا نخاف شيئًا... كل أطفالنا مستعدون".
تحركات إنسانية واستعدادات للإغاثة والنزوح
استشعارًا بخطورة الوضع، أعلنت سلطات كشمير الباكستانية إغلاق جميع المدارس الدينية لمدة 10 أيام، كإجراء احترازي، تحسبًا لأي هجمات محتملة قد تستهدف تلك المؤسسات. كما أُعد صندوق طوارئ بقيمة مليار روبية (نحو 3.5 مليون دولار)، وتم إرسال إمدادات تكفي شهرين من الغذاء والماء والدواء إلى القرى القريبة من خط السيطرة.
من جانبها، أكدت جولزار فاطمة، رئيسة فرع كشمير في الهلال الأحمر الباكستاني، أن المنظمة شرعت في تعبئة فرق الإسعاف والمساعدات منذ بداية التوتر. وأشارت إلى توقعات بحدوث موجات نزوح جماعي في حال اندلاع صراع عسكري، موضحة أن الهلال الأحمر بدأ تجهيز مخيمات تحتوي على مستلزمات النظافة والطهي لنحو 500 أسرة.