خبير اقتصادي : مشكلة التفاوت الكبير بين زيادة الأسعار والأجور تؤثر بشكل مباشر على المواطنين
تقرير : الفجوة بين أسعار السلع وأجور المصريين .. المعادلة الصعبة للمواطن

يشكل التوازن بين معادلة أسعار السلع والأجور تحديًا مستمرًا للمواطن المصري، وتعالت مطالباته بايجاد آليه تمكنه من المعيشة بصورة كريمة، حيث وصل الحد الأدنى للأجور إلى 7000 جنيهًا مصري، وهوما قد يجعلها غير قادرة على اللحاق بمستوى معدلات التضخم وزيادة الأسعار في السوق المحلية المصرية، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه وبقوة هل يكفي هذا ؟! أم أن المشكلة تخيم علي المجتمع وتتصاعد حدتها وتحتاج إلي علاج جذري.
ومن خلال رصد موقع «نيوز رووم» لبعض الأراء حول هذه القضية، قال محمد إبراهيم مواطن مصري يعمل في أحدى مناطق وسط البلد، إنه اضطر للتقليص من استخدام سيارته الصغيرة التي مر على إنتاجها ما يقارب الربع قرن، بسبب الارتفاع المستمر لأسعار البنزين، وكان آخرها في نهاية في منتصف أبريل الحالي.
وفي سياق متصل قال عدد من موظفين شركات القطاع الخاص، إنهم غير قادرين على تحمل التكاليف المادية لاستخدام سيارتهم يوميًا، موضحين أن تكلفة البنزين وحدها تسجل أكثر من 3000 جنيه شهريًا، بجانب تكاليف الصيانة الدورية.
بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء
ومن جهه أخرى، ارتفعت نسبة المشتغلين داخل المنشآت بشكل عام لإجمالي السكان 15 سنة فأكثر، حيث بلغت 22.5% مقابل 17.9% للمشتغلين خارج المنشآت، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في يناير الماضي.
كما أن ثلثى المشتغلين خارج المنشآت بالريف، بينما يعمل تقريباً نصف المشتغلين داخل المنشآت بالحضر والريف، ويرجع ذلك لتميز الريف بالنشاط الزراعى والذي يتم العمل به فى الغالب خارج المنشآت، كما أن أغلب المشتغلين بداخل وخارج المنشآت من المتزوجين حيث بلغت النسبة 72.2%، وبالمثل العاملين خارج المنشآت فإن أكثر من ثلثى المشتغلين من المتزوجين 73.2%..
وتشير الدراسة إلى أن حوالي 29% من المشتغلين بداخل المنشآت يعملون بالقطاع الحكومى ونسبة 66.5% بالقطاع الخاص، بالنسبة لخارج المنشآت فإن 100% من المشتغلين يعملون بالقطاع الخاص، كما ارتفعت نسبة العمالة غير الرسمية في الريف مقارنة بالحضر، حيث بلغت 61.1% في الريف مقابل 38.9% في الحضر، بينما ترتفع العمالة الرسمية في الحضر عن الريف ويرجع ذلك لتميز الريف بالنشاط الزراعى.
وكانت أعلى نسبة للمشتغلين الرسميين فى الفئة العمرية (40 - 49 سنة) حيث بلغت 30.5% من إجمالى المشتغلين، أما بالنسبة للعمالة غير الرسمية فكانت أعلى نسبة للمشتغلين فى الفئة (30-39 سنة) حيث بلغت 31%، إلى جانب ارتفاع نسبة المشتغلين بأجر لإجمالي السكان (15 سنة فأكثر) للعمالة غير الرسمية في الفئة العمرية (15-19 سنة) بنسبة 97%، وبتوزيع هذه النسب للعمالة الرسمية، فقد ارتفعت نسبة المشتغلين لفئتي العمر (50 - 59 سنة) و(40 - 49 سنة) بنسبة 67.7%، 54.5% على التوالي.
كما شهدت أسعار المواد البترولية ارتفاعًا كبيرًا ، ليسجل سعر البنزين 80 من سعر 2.35 جنيه إلى 15.75 جنيه بنسبة ارتفاع قدرها 570%، وزاد سعر بنزين 92 من 3.5 جنيه إلى 17.25 جنيه بنسبة زيادة قدرها 393%، كاما ارتفع سعر بنزين 95 من 7.75 إلى 19 جنيها بنسبة ارتفاع قدرها 145%..
رفع الدعم عن الوقود وإنتاج مصر من البترول
وفي سياق متصل قال الدكتور رمضان أبو العلا، أستاذ هندسة البترول، وخبير الطاقة الدولى، إن المواطن المصري له دورًا كبيرًا في مواجهه التحديات الإقتصادية التي شهدتها البلاد خلال السنوات الماضية، مضيفاً أن الثقة في المصادر الرسمية والقيادة السياسية ساهمت في تجاوز الأزمات والعبور بالوطن لبر الأمان.
وأوضح «أبو العلا» في تصريحات صحفية لـ«نيوز رووم»، أن أسعار المنتجات البترولية شهد ارتفاعًا بشكل كبير خلال السنوات الماضية، مضيفًا أن سعر الوقود في مصر مرتبط بعدد من العوامل أولها وأهمها سعر الوقود عالميًا.
وأضاف أن حجم انتاج مصر من البترول سجل نحو أكثر من مليون برميل للزيت في عام 1991 لينخفض إلى 600 ألف برميل في عام 2015 ثم إلى 450 الف برميل حتى الأن، موكدًا أن حجم الاستهلاك من الوقود ارتفع بشكل كبير مقارنة بتراجع الانتاج وهو ما أثر بشكل سلبي فخلق فجوة كبيرة بين الاستهلاك والإنتاج خلال تلك الفترة.
وأشار إلى أنه لابد من تغيير سياسات قطاعات البترول بهدف تحقيق طفرة داخل القطاع خلال الفترة المقبلة، مشيرًا إلى أن الحكومات السابقة نجحت في اكتشافات حقول بترولية على سبيل المثال حقل ظهر في عام 2015.
وتستهدف الهيئة المصرية العامة للبترول، زيادة إنتاجها من الزيت الخام من حقول النفط البرية والبحرية المصرية بنحو 18% بنهاية يونيو المقبل.
كما أن هيئة البترول المصرية تعمل بالتعاون مع الشركاء الأجانب للوصول بحجم إنتاجها اليومي من الزيت الخام إلى مستوى 565 ألف برميل يوميا بنهاية العام المالي الجاري، مقابل 475 ألف برميل خام يوميا بنهاية العام المالي الماضي 2023-2024، وفقًا لمصادر مسئولة في تصريحات صحفية سابقة .
كما تدرس وزارة البترول المصرية عروضًا من شركات عالمية، لاستكشاف النفط والغاز في مناطق جديدة وتنمية حقول قديمة، والتي جرى طرحها عبر بوابة مصر للاستكشاف والإنتاج، تمهيدا للبت فيها خلال النصف الأول من 2025.
بينما تعول هيئة البترول المصرية 3 شركات "بترول خليج السويس "جابكو"، خالدة للبترول، العامة للبترول"، في إنتاج الحصة الأكبر من الزيت الخام المستهدف قرابة 20%، إذ تعمل الشركات المصرية -بالاتفاق مع الشركاء الأجانب- على تنمية حقولها وحفر أخرى جديدة، بجانب تطوير البنية التحتية على مستوى "خطوط ومحطات وتسهيلات إنتاج البترول والغاز" بمناطق الامتياز التي تتواجد بها الشركات.
قيمة العملة وأنماط الدخل
من جهه أخرى تواجه أسرة شيماء أحمد، ربة المنزل الثلاثينية، نفس التحديات التي يواجهها كثيرون في الطبقة الاجتماعية ذاتها، مع الارتفاع المستمر للأسعار، أضطر زوجها للبحث عن فرصة عمل إضافية بجانب وظيفته الأساسية، التي بالكاد توفر احتياجات الأسرة من الطعام والإيجار الشهري.
وأوضحت شيماء أنها تعتمد على المبادرات التي تطلقها الدولة على سبيل المثال مبادرة حياة كريمة لتلبية احتياجات الأسرة الأساسية خلال بعض الفترات، وتأمل أن تتوقف الزيادة المستمرة للأسعار، وأن يتم فرض رقابة فعالة على الأسواق لضبط الأسعار، حتى لا تصبح الأسر فريسة لجشع التجار مع استمرار التضخم.
ويخطط الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إعلان نتائج بحث الدخل والانفاق والاستهلاك لعام 2023/ 2024 خلال 3 أشهر، بحسب تصريحات صحفية سابقة لـ «خيرت بركات» رئيس الجهاز.
وفقًا للتصريحات أن البحث من البحوث الهامة تشهد تحسن عن نتائج البحث السابق 2021/ 2022 والتي تم إعلانها على موقع الجهاز.
بجانب أن البحث الجديد لا تتعلق ببحث الفقر المادي، بل بالفقر متعدد الابعاد حيث يتضمن أبعاد كثيرة مثل الصحة والتعليم وغيرها من الأبعاد والتي تعطي مؤشرات قوية عن حالة الأسرة في مصر.
ويرتبط بحث الدخل والإنفاق بمجموعة من المؤشرات الاجتماعية، حيث يوفر كم كبير من البيانات التي يتم الاعتماد عليها في قياس مستوى معيشة الأسرة والأفراد، وتوفير قواعد معلومات لقياس الفقر لتحديد الفئات المستهدفة للبرامج الاجتماعية.
وطبقًا لدراسة سابقة صادرة عن مراكز أبحاث، أوضحت وجود تقلبات بين سعر الصرف والأجور ومعدلات التضخم مشيرة إلى وجود علاقة عکسية بين ارتفاع سعر الصرف وبين الأجور الحقيقي والقطاع الحکومي.
وأوضحت الدرسات أنه يجب الأخذ بتقلبات سعر الصرف في الاعتبار عند تنفيذ التعديلات الدورية على أجور القطاع الحکومي، للاقتصاد المفتوح، بهدف ضمان استمرار فاعليات السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على النشاط الاقتصادي والتوظيف عند مستوى مرتفع مع ضمان استقرار الأسعار وتجنب الآثار السلبية لتخفيض قيمة العملة على نمط توزيع الدخل.
ويشير الخبير الاقتصادي بلال شعيب إلى أن مشكلة التفاوت الكبير بين زيادة الأسعار والأجور تظل معضلة مستمرة تؤثر بشكل مباشر على المواطنين في مصر. مع الارتفاع الكبير في أسعار المحروقات بنسبة تتراوح بين 30 إلى 35%، فإن معظم السلع الأساسية شهدت زيادات تخطت الـ100%، ما أدى إلى زيادة في التضخم الذي وصل في بعض الأحيان إلى 44% قبل أن يتراجع ليستقر في نطاق 26% إلى 31%.
ويؤكد شعيب أنه بالرغم من الزيادة المستمرة للأسعار، إلا أن الأجور لم تتماشى مع هذه الزيادات، وعلى الرغم من تحديد الحكومة لحد أدنى للأجور بمبلغ 6000 جنيه، فإن العديد من مؤسسات القطاع الخاص لم تلتزم به، ما يزيد من الفجوة بين الأجور والأسعار، هذا التفاوت يؤثر بشكل كبير على القوة الشرائية للمواطنين، مما يعزز الركود الاقتصادي الذي يعاني منه الاقتصاد المصري والدولي على حد سواء، خصوصًا في ظل انخفاض قيمة الجنيه المصري وتحرير سعر الصرف.