آصف ملحم: اتفاق المعادن لعبة السيطرة بين واشنطن وكييف

كشف الدكتور آصف ملحم، مدير مركز جي إس إم للدراسات، عن كواليس اتفاقية المعادن الأخيرة بين أوكرانيا والولايات المتحدة، مؤكدًا أن هذه الخطوة جاءت نتيجة ضغوط مكثفة من قبل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي أسهم بشكل كبير في تأجيج الفوضى العالمية. 

وأوضح ملحم، خلال تصريحاته لقناة "القاهرة الإخبارية"، أن تأثير هذا الضغط الأمريكي لا يقتصر على الدول الضعيفة مثل أوكرانيا فقط، بل يمتد ليشمل القوى الكبرى مثل الصين والدول الأوروبية، ما يعكس حجم النفوذ الأمريكي المتزايد.

السيطرة على موارد كييف

وأشار ملحم إلى أن الاتفاقية الموقعة بين واشنطن وكييف تُمثل في جوهرها محاولة أمريكية لبسط السيطرة على الموارد الطبيعية الأوكرانية، فضًلا عن  أن الولايات المتحدة تهدف من خلال هذا الاتفاق إلى إحكام قبضتها على الثروات المعدنية الحيوية في أوكرانيا، في خطوة تعزز من نفوذها الاقتصادي والجيوسياسي في المنطقة، خاصة في ظل الصراع القائم بين كييف وموسكو.

وتحدث ملحم عن تفاصيل الاتفاق، مشيرًا إلى أن واشنطن قدّمت تنازلات شكلية فقط ضمن هذه الصفقة، حيث تم إدراج قيمة الأسلحة والمساعدات العسكرية التي قدمتها الولايات المتحدة لأوكرانيا ضمن رأس مال الصندوق الذي تم الاتفاق عليه، إذ أن هذه الخطوة تعكس سياسة أمريكية معتادة قائمة على المساومة والابتزاز، ما يجعل الاتفاق في النهاية يميل لصالح المصالح الأمريكية أكثر من كونه شراكة متكافئة.

موسكو اللاعب الأقوى

وفيما يتعلق بالدور الروسي، أكد ملحم أن روسيا ما زالت تمثل الطرف الأقوى في هذا النزاع، رغم الضغوط الدولية المستمرة، موضحًا أن موسكو تتعامل مع الملف الأوكراني بمنتهى الحذر والدقة، وتسعى لتحقيق مكاسب استراتيجية دون أن تقع في فخ الاستنزاف الطويل، إذ أن القيادة الروسية، بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين، تدرك تمامًا طبيعة اللعبة الأمريكية، وتستمر في إدارة الصراع بطرق تضمن بقاءها على مقعد القيادة.

وحول السيناريوهات المستقبلية، قال ملحم إن روسيا تستخدم الهدن المؤقتة كجزء من استراتيجيتها الذكية، حيث تسعى من خلالها إلى تحقيق مكاسب ميدانية والتقاط الأنفاس قبل العودة مجددًا إلى ساحة القتال، مبينًا أن موسكو لا تسعى إلى السلام الحقيقي في هذه المرحلة، بل تهدف إلى الحفاظ على موقعها الاستراتيجي وإعادة ترتيب أوراقها بما يخدم مصالحها على المدى الطويل.

الهدن كتكتيك روسي

وفي ختام حديثه، شدد ملحم على أن المشهد الراهن يعكس معركة نفوذ ممتدة بين واشنطن وموسكو على الأرض الأوكرانية، حيث تتقاطع المصالح الاقتصادية والسياسية في معادلة شديدة التعقيد، إذ أن مستقبل هذه الأزمة سيظل مرهونًا بمدى قدرة كل طرف على تحقيق توازن بين المكاسب والخسائر وسط ساحة صراع لم تعد تقتصر على السلاح وحده، بل تشمل الاقتصاد والسياسة والموارد.