أوروبا تتحرك لحماية مصالحها في أوكرانيا..تحديات متزايدة بعد تصريحات أمريكية مفاجئة

وسط تحركات دبلوماسية مفاجئة بشأن الأزمة الأوكرانية، تتحرك القوى الأوروبية بخطوات حثيثة لضمان دورها المحوري في أي مفاوضات مستقبلية حول مصير أوكرانيا.
وبالتزامن مع إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن بدء محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء الحرب، أعربت دول أوروبية رئيسية، من بينها بريطانيا وفرنسا وألمانيا، عن ضرورة مشاركتها في صياغة اتفاق عادل يضمن أمن المنطقة وسلامها الدائم.
الأوروبيون يؤكدون دورهم في مفاوضات أوكرانيا
أكدت القوى الأوروبية، بما في ذلك بريطانيا وفرنسا وألمانيا، على ضرورة مشاركتها في أي مفاوضات مستقبلية بشأن مصير أوكرانيا، مؤكدة أن اتفاقا عادلا مع ضمانات أمنية قوية هو السبيل الوحيد لضمان تحقيق السلام الدائم.
وشددت سبع دول أوروبية والمفوضية الأوروبية، في بيان مشترك، علي أهمية تمكين أوكرانيا وتعزيز دور أوروبا في أي محادثات مقبلة.
وجاء هذا الاجتماع بعد إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن محادثته مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، والتي أعرب فيها الزعيمان عن استعدادهما لبدء مفاوضات لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
وقد أثارت هذه التطورات الدبلوماسية السريعة قلقًا في أوروبا، حيث يبدو أن بوتين وترامب يناقشان مستقبل أمن القارة دون إشراك القادة الأوروبيين بشكل مباشر.
ومن المقرر أن يلتقي وزير الدفاع الأميركي بيت هيجسيث مع عشرات الوزراء من حلف شمال الأطلسي، في بروكسل اليوم الخميس، بعد اجتماعه بمجموعة اتصال لوزراء الدفاع بشأن أوكرانيا في بروكسل أمس.
وقال البيان: "يجب تزويد أوكرانيا بضمانات أمنية قوية. السلام العادل والدائم في أوكرانيا شرط ضروري لأمن قوي عبر الأطلسي"، مضيفا أن القوى الأوروبية تتطلع إلى مناقشة الطريق إلى الأمام مع حلفائها الأمريكيين.
دور أوروبي محوري
وقال وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، في اجتماع وزراء من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وبولندا وإيطاليا وإسبانيا وأوكرانيا والمفوضية الأوروبية، إنه: "لن يكون هناك سلام عادل ودائم في أوكرانيا بدون مشاركة الأوروبيين".
وكما شدد الوزراء الألمان والإسبان في الاجتماع على "ضرورة إشراك أوكرانيا في أي قرارات بشأنها، داعين إلى وحدة الموقف الأوروبي في هذا الشأن"، مؤكدين: "نريد السلام لأوكرانيا ولكننا نريد أن تنتهي حرب غير عادلة بسلام عادل".
ومن جانبه، أوضح وزير الخارجية البولندي، رادوسلاف سيكورسكي، أن "التعاون المستمر مع الولايات المتحدة" كان موضوع نقاش في الاجتماع، مشددا على أنه: "التعاون الوثيق عبر الأطلسي هو أفضل ضمان لأمن قارتنا".
وعندما سُئلت عما إذا كانت أي دولة أوروبية ستشارك في محادثات السلام، قالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارولين ليفات: "ليس لدي أي دولة أوروبية مشاركة حاليا لأقرأها لك".
تحديات أمام أوروبا بعد تصريحات أمريكية مفاجئة
وكان اجتماع باريس، عقد قبل أسابيع، يهدف إلى تحديد استراتيجية الدفاع للكتلة، ومناقشة كيفية تعزيز أوكرانيا، والتخطيط لمحادثات السلام المستقبلية ومناقشة كيفية التعامل مع المحادثات مع الإدارة الأمريكية عندما يجتمعون في مؤتمر أمني في ميونيخ هذا الأسبوع.
لكن الاجتماع خرج عن مساره بعد أن أدلى وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث، بأشد التصريحات العامة صراحة من إدارة ترامب بشأن نهجها تجاه الحرب التي دامت ما يقرب من ثلاث سنوات بين أوكرانيا وروسيا في اجتماع مع الداعمين الدوليين لأوكرانيا في بروكسل.
وأشار هيجسيث إلى أن العودة إلى حدود أوكرانيا ما قبل عام 2014 أمر غير واقعي، وأن عضوية أوكرانيا في الناتو ليست حلا ممكناً للحرب، مشيرا إلى أن: "ملاحقة هذا الهدف الوهمي لن يؤدي إلا إلى إطالة أمد الحرب والتسبب في المزيد من المعاناة".مما أثار دهشة القادة الأوروبيين.
واقترح هيجسيث أن يتم الحفاظ على السلام بواسطة "قوات أوروبية وغير أوروبية قادرة"، مستبعدا مشاركة القوات الأمريكية، وداعيا الدول الأوروبية إلى تحمل مسؤولية أكبر في ضمان الأمن.
وتبعت تعليقات هيجسيث مكالمة هاتفية بين ترامب وبوتين، حيث قال ترامب بعدها إن فريقيهما وافقا على بدء المفاوضات على الفور.
وقال دبلوماسيون إن القوى الأوروبية لم تكن على علم بالمكالمة مسبقا، وفوجئت بصراحة موقف هيجسيث.
وبعد استبعاد عضوية الناتو لأوكرانيا، قال هيجسيث إن السلام يجب أن يتم تأمينه بواسطة "قوات أوروبية وغير أوروبية قادرة"، مشددا على أن هذه القوات لن تكون أمريكية.
وأضاف هيجسيث أن أي قوات بريطانية أو أوروبية يتم نشرها في أوكرانيا لن تكون جزءا من مهمة تابعة للناتو، ولن يشملها ضمان المادة الخامسة من ميثاق الحلف، ما يعني أنها ستعتمد فعليا على دعم الدول المشاركة.
من جانبه، قال وزير الدفاع البريطاني جون هيلي إن لندن سمعت دعوة هيغسيث "للدول الأوروبية لتكثيف جهودها. نحن نفعل وسنفعل". وبعد اجتماع ثنائي مع هيجسيث، في وقت سابق، أعلن أن المملكة المتحدة ستنفق 4.5 مليار جنيه إسترليني على المساعدات العسكرية لأوكرانيا هذا العام، حسبما ذكرت صحيفة التايمز.
موقف أوكراني حاسم ودور أمريكي لا غنى عنه
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لصحيفة الجارديان إن أوروبا لن تكون قادرة على تقديم ضمانات أمنية فعالة لكييف دون مشاركة الولايات المتحدة، مضيفا: "الضمانات الأمنية بدون أمريكا ليست حقيقية".
وأشار زيلينسكي إلى أن قوة الردع متعددة الجنسيات في أوكرانيا بعد وقف إطلاق النار يجب أن تضم بين 100,000 و150,000 جندي، على الرغم من أن هذا العدد سيكون أقل بكثير من أكثر من 600,000 جندي روسي في أوكرانيا.
وقال دبلوماسي أوروبي كبير لصحيفة الجارديان، إن: "لا تستطيع أوروبا نشر قوة مثل هذه الآن". "لكننا لا نستطيع إجبار الولايات المتحدة على إرسال قوات. لذلك يجب أن نقبل هذا ونكتشف ما يمكننا فعله".
ووصف دبلوماسي أوروبي كبير آخر الموقف الأمريكي الذي حدده هيجسيث بأنه "استسلام سابق لأوانه"، متسائلا عما سيتبقى للتفاوض عليه، مضيفا أن الاستعداد لتقديم تنازلات من أجل السلام أمر بالغ الأهمية.