أخصائية تعديل سلوك توجه رسالة للأمهات: أنتِ جيش أبنائك الأول

بعد واقعة الطفل ياسين طالب إحدى المدارس الخاصة بدمنهور، التي أثارت الرأي العام في مصر، سادت حالة من القلق والخوف على الأبناء بين الأمهات والآباء، من تعرض أبنائهم لمثل هذه الواقعة، وتضاربت الأقوال والاراء لاسيما على مواقع التواصل الإجتماعي، بين محاولة توعية الصغار بكيفية التصرف حال تعرضهم للتحرش الجنسي، أو عدم الحديث معهم في هذا الأمر لصغر عقولهم وعدم قدرتهم على استيعاب مثل هذه الأمور.
وفي هذا الصدد إلتقى موقع "نيوز روم"، بشيماء بديع، أخصائية التخاطب وتعديل السلوك ، الخاصلى على الماجيستير في علوم التربية قسم تربية خاصة، وصاحبة أحد المركز المتخصصة في العلاج والتأهيل النفسي للأطفال وتعديل سلوكهم، والمتخصصة في علاج مثل هذا النوع من الحالات وأيضاً لها باع في التوعية من مخاطر التحرش على الأطفال وأولياء أمورهم، وتحدثت معنا حول "الوفاة والتوعية للامهات من التحرش الجنسي للأطفال و كيفية توعية الطفل بالحفاظ على نفسه وما هي معايير السلامة والأمان للطفل، والتي أكدت وجود حالات كثيرة بين الأطفال مما تعرضوا للتحرش الجنسي بمختلف أنواعه.

الأم جيش ابنها الأول
وقالت "شيماء بديع" أنه لابد أن تكون الأم وهي جيش ابنائها الأول والوحيد ، درعهم الواقي وحصنهم المنيع، وتعرف جيداً كيف تحميهم من مجتمع به الجيد والسيئ من الشخصيات التي تقابلهم بشكل يومي سواء في المدرسة أو النادي أو الدروس الخصوصية أو غيرها من الأماكن .

وأضافت أخصائية تعديل السلوك، أن المتحرش ليس بالضرورة أن يكون شخص غريب عن العائلة فقد أثبتت الإحصائيات الأخيرة للحالات التي تم التحرش بها من الأطفال أن 80% منهم من الأقارب، و20% فقط من الأشخاص الغرباء ، لذا لابد أن يكون هناك توعية كاملة للطفل منذ الصغر وحتى عقب ولادته، وأن يكون هناك تربية جنسية سليمة، من الوالدين للأبناء.

مراحل توعية الطفل ضد التحرش
وأوضحت أن هناك 3 مراحل لحماية الأطفال وتوعيتهم من التحرش، أول المراحل تبدأ من الأم، لعمل حدود لجسد الطفل وتوكيد الذات لديه، تبدأ عقب ولادة الطفل، فله حق علي بأن يتم تربيته تربية جنسية سليمة، وواجب عليكي أن يكون لديكِ ثقافة لتوجيه الطفل بطريقة سليمة، فلابد لها من عدم تغيير الحفاضات له أمام أحد، بل في مكان مخصص بعيد عن أعين الناس، وتدريب الطفل على استخدام الحمام لخلع الحفاضات يكون بشكل خاص بينك وبينه والباب مغلق عليه، وليس أمام الجميع حتى لو أفراد العائلة لتشجيعه.
وتابعت شيماء بديع:" ممنوع استحمام الاخوات مع بعض، وممنوع استحمام الأم أمام طفلها مهما كان صغير، وأيضا عدم تغيير الملابس أمام الأبناء، وبذلك تكون وجهت رسالة للطفل بأن لجسده حدود، بالإضافة إلى غلق الباب حين تغيير الملابس، والاستئذان وطرق الأبواب المغلقة حين الدخول على اي احد لمعرفة إن للآخرين خصوصية لابد الا يتخطاها أحد أو ينتهكها ، كما لابد من تعليم الطفل اسماء اعضاء الجسم كلها منها العضو التناسلي بإسمه العلمي وتعريفه بأن هذا الاسم لابد بعدم تداوله بين الناس .
واكملت حديثها بأن لابد على الأم تعريف ابنها بأن الجسم هبة من الله عز وجل ولابد له من الحفاظ عليه ، وكيفية ذلك بأن لا يلمسه أي شخص آخر، والا يراه مهما كان قرب هذا الشخص، ومنها عدم التقبيل من الفم، وأنه شيء محذور على الآخرين فعله، وان يعرف الطفل التفريق بين اللمسة الآمنة واللمسة غير الآمنة، فالمتحرش ليس بالضرورة أن يكون شخص مؤذي، أو لمسته غير آمنة، فمن الممكن أن يكون من الأقارب، حتى لا يسمح لأحد بالتحرش به، وهناك اماكن محذورة لا أحد يلمسها غير الأم والسبب هو لتنظيف جسده، أو تغيير ملابسه فقط، وحتى الاب ممنوع أن يرى جسد الطفل أو يلمسه لغير الضرورة، كما أنه ممنوع الجلوس على أرجل أي شخص وأن لم يجد مكان للجلوس يظل واقفا.
وأشارت، إلى أن على الأم توعية طفلها بشكل تغيير الملابس السليم و لمس الجسد للتنظيف إذا اضطر لمثل هذا الموقف في المدرسة، وأن شعر بأي شيء غريب عمال تفعله هي له، يمنع هذا الشخص مما يفعله، وينبهه لمعرفته بأن هذا خطأ، وعدم سماع كلام اي شخص غريب مثل تعالى معي وسأشتري لك حلوى، وأن حدث هذا فليبدأ بالصراخ، والبعد عنه فوراً، لانه هو شخص جبان وانت شخص قوي وشجاع، وبعدها لابد أن تأتي وتحكي الموقف وما حدث للام، وهذه هي المرحلة القبلية الهامة، والتي تعتمد على العلاقة الآمنة بين الطفل وأمه، ونوعي الطفل بذلك من خلال تمثيل الموقف بطريقة درامية له حتى يفهمها جيداً.
كيفية التعامل مع الطفل بعد التحرش
وعن كيفية التعامل مع الطفل في حالة تعرضه للتحرش الجنسي، قالت أخصائية تعديل السلوك ببورسعيد "لنيوز روم": أنه اولا على الأم أن تكون هادئة في استقبال هذا الخبر من طفلها، فقد حدث الضرر بالفعل لكنني أريد أن أخرج بطفلي بأقل ضرر، ومن صدمة تعرضه لهذا الموقف، فلن يفيد انهيار الأم وصىراخها أمام طفلها الضحية، بل سيشعر الطفل أنه هو الجاني، والمخطئ مما سيدمر نفسيته أكثر، ولابد أن يشعر بأنه الضحية، حتى لا يفقد الثقة بنفسه ويكره جسده ويكره المجتمع، ولكن عند معرفته بأنه ضحية وأنه في أمان وأن والديه سيحميانه ويدافعان عنه ويأتيان بحقه، وقتها ويسعى بالتقبل منهما رغم الحزن مما حدث وسيتم إصلاحه.
ونوهت إلى إن أهم الأمور التي تجعل الحفل يتخطى ما حدث له من تحرش أن يرى عقوبة المتحرش، ويرى ما سيحدث له نتيجة فعله السيئ ، مهما كان درجة قرابته، فلابد من الحساب، وان يحضر الطفل للمحكمة ويرى من فعل به ذلك خلف القضبان، ليشعر حينها بقوته ويزيد ثقته في نفسه وفي والديه، ويفهم أن ما حدث له خطأ، وبعدها نبدأ مرحلة تصالح الطفل مع نفسه والمجتمع ومع جسده أيضاً، لانه شعر بالخزي والعار من جسده، وعدم اظهار الحزن أمام الطفل عقب انتهاء الأمر، حتى لا يشعر بضعفه، فمجرد صراحته وافصاحه بما حدث له هذا قوة منه ، بالإضافة إلى عدم منع الحفل من ممارسته حياته بشكل طبيعي ووضع كردون حوله، خوفا عليه فيجد ما كان لديه من صلاحياته بدأت تضيع منه بسبب ما تعرض له، ففي هذا الوقت يشعر وكأنه يتم معاقبته على شيء خطأ وأنه يستحق كل هذا فهناك فرق بين الحزم في التربية والتساهل والشدة غير المبررة، فلابد أن يصل للطفل أنه ضحية لكنه قوى وهذا شيء أساسي في زرع الثقة بالنفس، ولابد أن يكون الام والاب يد واحدة متحدان في حل مشكلة ابنهم، حتى لا نحمل الطفل خوف اخر من علم والده بما حدث له وهذا عبء نفسي اخر يزيد حالته سوءاً، وعدم حكي موقفه وقصته للاقارب فهذا خطأ يقع فيه الوالدين، وليس هناك أي مانع من ذكر واقعة التحرش أمام الطفل مرة أخرى ولكن للعبرة وان يجعلها محطة يقف عندها ويتذكرها للتعلم والعظة، وعدم اللوم على الطفل، وذلك ليستطيع الحفاظ على نفسه من التعرض لهذا الموقف مرة أخرى ولابد من وجود اخصائي نفسي وتعديل سلوك لمشاركة التم مرحلة التخطيط والتعافي للطفل من واقعة التحرش به .
رسالة للامهات
ووجهت شيماء بديع اخصائية تعديل السلوك ببورسعيد ، لكل أم تعرض ابنها للتحرش أو تخاف أن يتعرض ابنائها له، لابد أن تبني دروع وقاية لابنائك لتكوني معه في امان وسط مجتمع مليئ بالخير والشر معا، لابد أن يكون بينك وبين ابنائك علاقة آمنة، وأن يكون هناك نقطة للتواصل، وتربية جنسية سليمة، وتلبية احتياجات الطفل النفسية والاجتماعية والعاطفية، المتحرش المعتدي يبحث عن نقطة النقص والضعف لدى الطفل للدخول منها واستغلالها، فلابد من إشباع الطفل من العاطفة والحنان والاحتواء وأن يكون مسموع لرأيه وله الأولوية ومراعاة حاجته النفسية، وأن تكوني جيشه الوحيد وأمانه ودرعه الواقي وسنده، حتى لو الأب غير موجود فالأم تستطيع أن تكون كذلك لابنائها، لابد أن يكون لديكي ثقافة للتعامل مع الاطفال، وأن تستطيعي الإجابة على الأسئلة التي يسألها الطفل، فلابد أن تجيبيه عليها لانه لو لم يعرفها منكِ سيعرفها من غيرك وبطرق خاطئة، وعليكِ حضور الندوات والمؤتمرات الثقافية التوعوية لتكوني على دراية بكل شيء يفيدك في تربية ابنائك، وتنمية الوازع الديني والثقافي والاجتماعي بداخله بطريقة سليمة حتى لا تلومين نفسك بعد حدوث الكارثة عن عدم مصارحته لكِ، لعدم قربه منكِ.
رسالة لأم الطفل ياسين
واختتمت رسالتها بتوجيه رسالة إلى والدة الطفل ياسين طالب دمنهور، بعد الحكم بالمؤبد على الشخص الذي تحرش به ، أنها سيدة قوية جدا أنها استطاعت مواجهة المجتمع وتستطيع مواجهته بعد ذلك، ولكن عليكي بالاستعانة بأحد المتخصصين في مجال العلاج النفسي أو تعديل السلوك أو life coach، للمتابعة الدورية لياسين حتى تمر مرحلة التخطي والتعافي بعد الصدمة بسلام دون أية عواقب نفسية بداخله، موجهة الشكر والتقدير له لجرأتها في الدفاع عن ابنها، والإعلان عما حدث له، ليكون الجاني عبرة لمن يفكر في فعل هذا الأمر مرة أخرى، وأنها أصبحت أيقونة تشجيع لاي أم يتعرض طفلها للتحرش وتستطيع أن تأخذ حقه.