عاجل

"صرخة الطفل ياسين".. تفاصيل صادمة لجريمة داخل مدرسة خاصة

صورة طفل يرتدي سبايدر
صورة طفل يرتدي سبايدر مان

في واحدة من أبشع القضايا التي هزت الرأي العام المصري، حيث تم محاكمة المتهم بهتك عرض الطفل "ياسين" داخل مدرسة خاصة بدمنهور اليوم ليصدر القرار بالسجن المؤبد.

وأكد الدكتور محمود علام، استشاري الإرشاد النفسي والأسري، في تصريحات خاصة، أن مثل هذه الجرائم تترك آثارًا نفسية مدمّرة على الطفل، وتستدعي تدخلاً عاجلًا من الأسرة والمجتمع.

وأشار إلى أن التوعية المبكرة، والرقابة، والدعم النفسي المستمر، تمثل خط الدفاع الأول لحماية الأطفال من الانتهاكات المتكررة.

بداية الواقعة:

تعود تفاصيل القضية إلى شهر يناير 2024، حين لاحظت والدة الطفل ياسين (5 سنوات) رفضه المتكرر لاستخدام دورة المياه، ضبعد محاولات متكررة معه، صرح لها بتعرضه لاعتداء جنسي داخل حمام المدرسة من قِبل أحد العاملين.

توجهت أم الطفل ياسين إلى أحد الأطباء المختصين، الذي أكد وجود علامات تشير إلى تعرض الطفل لاعتداء جنسي متكرر، بعد ذلك تعرف الطفل على صورة الجاني، وهو رجل يُدعى "صبري. ك. ج. ا" يبلغ من العمر 78 عامًا، يعمل مراقبًا ماليًا بالمدرسة، وتبع ذلك تقديم بلاغ رسمي للنيابة.

ورغم صعوبة الموقف، واجهت أسرة ياسين تعقيدات قانونية في البداية، إذ رفض قسم الشرطة بدمنهور تحرير محضر في الواقعة، بدعوى "انقضاء وقت الحدث"، و"عدم توافر الأدلة الكافية"، إلا أن الأم أصرت على استكمال طريقها القانوني.

التحقيقات وتحليل الطب الشرعي:

أمرت النيابة العامة بعرض الطفل ياسين على الطب الشرعي، الذي أثبت وجود اتساع شرجي، وهي علامة تشير لاحتمالية الاعتداء الجنسي، تم استدعاء مديرة المدرسة والعاملة المشتبه في تسترها، وتم التحقيق مع المتهم.

وتبين من التحقيقات أن المديرة كانت على علم بوجود المشتبه به داخل المدرسة، بينما أنكرت العاملة علمها أو مشاهدتها لأي فعل مخل.

وأكد تقرير لجنة الطفولة والأمومة أن الطفل ياسين بحاجة ماسة إلى علاج نفسي ودعم عائلي، نتيجة آثار الصدمة النفسية الشديدة.

إعادة فتح التحقيق وتطورات القضية:

بعد صدور قرار النيابة بحفظ التحقيق، تقدمت والدة الطفل بتظلم، طالبت فيه بإعادة فتح الملف، وسماع أقوال شهود مهمين، بينهم عاملة في المدرسة كانت حاضرة وقت الواقعة، بالإضافة إلى ثلاثة وسطاء حاولوا الضغط عليها للتنازل مقابل "الصلح العرفي" وتقديم مغريات مادية.

قبِلت المحكمة التظلم، وأعادت النيابة فتح التحقيق بتاريخ 14 يناير 2025، لتبدأ جلسات الاستماع الجديدة، وتبيّن من خلال التحقيق أن الوسطاء عرضوا الصلح من منطلق "العادات القروية"، لكنهم أنكروا دفع أموال أو تقديم عرض رسمي بالتنازل.

كما خضعت مديرة المدرسة لجولة جديدة من الاستجواب، وواجهتها النيابة بتضارب أقوالها، خصوصا بشأن تزامن وجود المتهم بالمدرسة مع غياب الطفل في الأيام نفسها، وهو ما عزز الشبهات حول علمها المسبق بالجريمة.

مواجهة حاسمة.. الطفل يتعرف على المتهم

في مشهد مفصلي داخل مكتب النيابة، تم عرض المتهم وسط مجموعة أشخاص، وتعرف عليه الطفل من أول مرة، ثم كرر التعرف عليه مرتين أخريين من بين الحاضرين، لكنه أخطأ مرة واحدة حين غيّر المتهم مظهره بخلع النظارة والكوفية.

حاول الدفاع التشكيك في شهادة الطفل، زاعمًا أن "الأسرة حفظته الأوصاف"، لكن النيابة رأت أن تكرار التعرف على المتهم ثلاث مرات يشكل قرينة قوية، وبناء عليه، أحيل المتهم إلى محكمة الجنايات في مارس 2025.

رأي الدكتور محمود علام: الأثر النفسي والتحذير من الإنكار المجتمعي

في حديثه الخاص لـ"نيو زووم"، شدد الدكتور محمود علام، استشاري الإرشاد النفسي والأسري، على خطورة التهاون مع مثل هذه القضايا.

وقال أستشاري الإرشادات النفسي ان :"الطفل الضحية في هذه السن المبكرة قد يطور أعراض ما بعد الصدمة، كالرعب الليلي، التبول اللاإرادي، الانطواء، أو حتى السلوك العدواني، والأخطر أن التجاهل المجتمعي يسهم في تكريس شعور الطفل بالذنب والخوف".

وأكد علام أن المشكلة لا تكمن فقط في الجاني، بل في منظومة الصمت والتستر، سواء من المؤسسات التعليمية أو حتى بعض الأسر التي تجبر أطفالها على الصمت بدعوى "الفضيحة".

وأضاف علام :"لابد من ترسيخ ثقافة الوعي الجنسي المبكر، بطرق مبسطة تحترم سن الطفل، مع التركيز على تعليمه خصوصيته الجسدية وحدود اللمس المقبولة".

علامات الإنذار والتحرك الأسري السريع

يشير دكتور علام إلى وجود مؤشرات سلوكية يجب أن يتنبه لها الأهل، من بينها:

تغير مفاجئ في سلوك الطفل أو انفعالاته.

تجنبه الذهاب للمدرسة أو التفاعل مع أشخاص محددين.

ممارسات جنسية غير مفهومة لعمره.

التبول اللاإرادي أو نوبات بكاء بدون سبب واضح.

ويضيف: "عند ملاحظة تلك العلامات، لا بد من التدخل السريع، مواجهة الطفل بلطف، عرض الحالة على مختص نفسي، وعدم الضغط عليه للإفصاح بالقوة".

وجريمة "مدرسة دمنهور" لا تعكس فقط خيانة ثقة طفل في مكان يُفترض أن يكون آمنا، بل تكشف حجم التقصير في رقابة المؤسسات التعليمية، وضعف الثقافة المجتمعية في التعامل مع ضحايا الاعتداءات الجنسية، لكنها أيضا تمثل نقطة أمل، حينما تتحرك أم بشجاعة، ويفتح التحقيق من جديد، ويسمع صوت طفل لا يملك إلا دموعه.

تم نسخ الرابط