بين الفوائد والمخاطر.. هل تُعدّ المياه المعدنية خيارًا صحيًا دائمًا ؟

يختلف طعم المياه المعدنية عن مياه الصنبور، وهو اختلاف يرتبط غالبًا بتركيبتها الطبيعية الغنية بالمعادن، إذ تستخرج من مصادر جوفية كالعُيون والينابيع.
ومع تعدد فوائدها الصحية، يظل التساؤل قائمًا: هل هي آمنة تمامًا؟ أم أن الإفراط في تناولها يحمل أضرارًا خفية؟
ما الذي يميز المياه المعدنية؟
المياه المعدنية تحتوي على معادن طبيعية مثل الكالسيوم والمغنيسيوم والصوديوم والكبريت، وهي تختلف عن مياه الصنبور التي غالبًا ما تُضاف إليها المعادن صناعيًا. ويُشترط أن تحتوي المياه المعدنية على ما لا يقل عن 250 جزءًا في المليون من المواد الصلبة الذائبة حتى تُصنّف بهذا الاسم.
ورغم الاعتقاد الشائع بأنها تُعبّأ مباشرة من النبع، إلا أن بعضها يخضع لمعالجات محدودة، كإزالة المواد السامة أو تعديل نسبة ثاني أكسيد الكربون.
فوائد يومية مثبتة
1. دعم صحة العظام
تُعد المياه المعدنية مصدرًا مهمًا للكالسيوم، الضروري لتقوية العظام. وقد أشارت دراسات علمية إلى أن امتصاص الجسم للكالسيوم من المياه لا يقل فاعلية عن الحليب، بل يرافقه دعم إضافي من البيكربونات والمغنيسيوم، اللذين يساهمان في الحفاظ على كتلة العظام، خاصة لدى النساء بعد سن اليأس.
2. تعزيز صحة القلب
المعادن مثل الكالسيوم والمغنيسيوم تلعب دورًا في تنظيم ضغط الدم ومعدل ضربات القلب، فيما أظهرت مراجعات علمية أن شرب المياه المعدنية بانتظام قد يساهم في خفض مخاطر أمراض القلب التاجية عبر تحسين الكوليسترول الجيد وتنظيم ضغط الدم.

3. مكافحة الإمساك
لغناها بالمغنيسيوم، تساعد المياه المعدنية على تحفيز حركة الأمعاء، مما يجعلها خيارًا فعّالًا للتخفيف من أعراض الإمساك المزمن، كما أثبتت دراسات أوروبية على مرضى الإمساك.
الوجه الآخر: متى تُشكّل خطرًا؟
رغم فوائدها، إلا أن هناك حالات يجب فيها الحذر من تناول المياه المعدنية:
1. ارتفاع نسبة الصوديوم
بعض الأنواع تحتوي على نسب مرتفعة من الصوديوم، ما قد يتعارض مع أنظمة غذائية محددة، مثل تلك الموجهة لمرضى الضغط أو القلب.
2. التعرّض للميكروبلاستيك
زجاجات المياه البلاستيكية قد تحتوي على جزيئات دقيقة من البلاستيك، التي لا تزال آثارها الصحية محل جدل علمي، لكن يُرجّح ارتباطها بأضرار خلوية واختلالات هرمونية.
3. احتمال التلوث بالطفيليات
رغم المعايير الصارمة، قد تتعرض بعض المصادر لمخاطر التلوث بطفيليات مثل "كريبتوسبوريديوم"، لذا يُنصح بشراء المنتجات من علامات موثوقة.
4. تآكل مينا الأسنان
خاصة في حال المياه الفوارة، إذ قد يؤدي شربها بكثرة إلى إضعاف طبقة المينا بفعل حموضتها العالية، وإن كان أثرها أقل ضررًا بكثير من المشروبات الغازية.
ما الكمية المناسبة؟
لا توجد توصيات محددة بشأن كمية المياه المعدنية المثالية يوميًا، إذ تختلف باختلاف العلامات التجارية وتركيز المعادن. لكن عمومًا، يُنصح بتناولها باعتدال، وعدم الاعتماد الكامل عليها كمصدر للماء، خاصة إذا كانت غنية بالصوديوم.
المياه المعدنية تُعد خيارًا صحيًا غنيًا بالمعادن، لكنها ليست خالية من المحاذير. لذا، ينصح الخبراء بتناولها ضمن توازن غذائي عام، واختيار الأنواع الموثوقة، مع الانتباه لتركيبة الزجاجة وتجنّب الإفراط، لتظل صديقة للصحة لا مصدرًا لمخاطر كامنة.