عاجل

الاحتلال البصري فى القدس .. معركة إسرائيل الجديدة على الذاكرة والهوية Iفيديو

القدس المحتلة
القدس المحتلة

في كل عام، ومع اقتراب ذكرى ما يُعرف إسرائيليًا بـ"الاستقلال"، تتكرر مشاهد مدروسة بعناية في شوارع القدس المحتلة، حيث ترفرف الأعلام الإسرائيلية من كل زاوية ومبنى، هذه المظاهر لا تأتي صدفة، بل تمثل جزءًا من استراتيجية مدروسة تهدف إلى فرض رموز السيادة الإسرائيلية على مدينة لا تزال عصيّة على مشاريع التهويد.

ورغم الطابع الاحتفالي الذي تحاول سلطات الاحتلال إظهاره، فإن هذه الذكرى تصادف جرحًا مفتوحًا في الذاكرة الفلسطينية، حيث تتزامن مع نكبة الشعب الفلسطيني وتهجيره القسري عام 1948، وهو التاريخ الذي لا تزال تداعياته حاضرة بقوة في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة.

تكتيك جديد للسيطرة

بحسب دانا أبو شمسية، مراسلة "القاهرة الإخبارية" من القدس المحتلة، فإن سلطات الاحتلال باتت تطبق شكلاً جديدًا من أشكال الهيمنة يُعرف بـ"الاحتلال البصري". هذا النمط لا يعتمد على القوة العسكرية وحدها، بل يستند إلى أدوات ناعمة تخترق الوعي الجمعي عبر الصور والرموز.

وتتنوع أدوات هذا الاحتلال بين رفع الأعلام الإسرائيلية بكثافة، وتثبيت لافتات عبرية ذات دلالات تهويدية، وطمس كل ما يشير إلى الهوية الفلسطينية. هكذا، تصبح الشوارع والمباني منصات لعرض رموز الاحتلال في مشهد يهدف إلى إعادة تشكيل الانتماء والبصر معًا.

استراتيجيتان بصريتان متوازيتان

المشهد العام في القدس يُظهر اعتماد الاحتلال على استراتيجيتين بصريتين متزامنتين: "الإغراق" و"التغييب"؛ فمن جهة، تُغرق المدينة برموز الاحتلال وعلاماته، ومن جهة أخرى، يُمنع رفع العلم الفلسطيني ويُقمع أي تعبير بصري عن الهوية الوطنية، خصوصًا في مناسبات مثل ذكرى النكبة.

وتشير الوقائع إلى أن هذه الممارسات ليست عشوائية، بل تدخل ضمن سياسة استعمارية تهدف إلى إعادة رسم صورة المدينة في وعي سكانها، بما يخدم الرواية الصهيونية، فبحسب ناشطين ومراقبين، لم يعد إنزال العلم الفلسطيني إجراءً عابرًا، بل تحول إلى طقس قسري يُفرض بالقوة.

<strong>القاهرة الاخبارية</strong>
القاهرة الاخبارية

معركة الرموز والصور

في مدينة تُخاض فيها معركة يومية على الهوية، لم تعد المقاومة تقتصر على النضال المسلح، بل امتدت لتشمل مواجهة رمزية داخل الفضاء البصري. فالمعركة اليوم لا تُخاض فقط على الأرض، بل أيضًا في الذاكرة وعلى جبهات الإدراك.

وتبقى القدس، رغم محاولات التهويد اليومية، مدينة تقاوم حتى في صمتها، ترفض الاستسلام لاحتلال يحاول إعادة تشكيلها من الخارج والداخل. إنها معركة متواصلة يخوضها الفلسطينيون ليس فقط بأجسادهم، بل بأبصارهم وذاكرتهم الجمعية، في مواجهة سعي الاحتلال لتحويل الواقع إلى مشهد دائم من التهويد البصري والرمزي.

تم نسخ الرابط