عاجل

سجن سلفادور

سجون السلفادور: ترحيل غير قانوني وعزل مشكوك فيه.. ماذا خلف الأسوار؟

سجن السلفادور
سجن السلفادور

يُشكل سجن السلفادور الواسع الذي يُعتقد أنه آخر مكان احتُجز فيه "كيلمار أبريجو جارسيا" تناقضًا حادًا مع مركز الاحتجاز المشدد الذي نُقل إليه في البداية بعد ترحيله.

وخلافًا "للزنازين" المكتظة والمضيئة التي تضم أعضاء العصابات "الموشومين"، يرتدي نزلاء "مركز سنترو الصناعي" في سانتا آنا قمصانًا صفراء ويتنقلون بحرية نسبية. 

ويقضي بعضهم معظم وقتهم في الهواء الطلق، إما في تربية الأبقار أو زراعة الخضروات، بينما يعمل آخرون في مصانع تصنع الزي الرسمي للجيش أو طاولات المدارس الحكومية.

سجن السلفادور 

تصف الحكومة هؤلاء النزلاء بأنهم "سجناء موثوق بهم"، وهم أفراد في مراحلهم الأخيرة من تنفيذ العقوبة، معروفون بحسن السلوك، ولا يُسمح بأي حال من الأحوال بوجود أعضاء عصابات ضمنهم.

وقال مدير السجن، صمويل دياز: "نحن نؤوي أفرادًا من عامة الناس فقط. لا يوجد أي من عناصر العصابات هنا". وقد سُمح لقناة "NBC News" بزيارة السجن، ضمن جولة رسمية معدة مسبقًا، دون السماح بمقابلة "أبريجو جارسيا" أو تقديم أي معلومات بشأن مكانه أو ظروف احتجازه. بالمقابل، أجرت القناة مقابلات مع بعض النزلاء، الذين وصفوا ظروف السجن بأنها "ممتازة".

<span style=
سجن السلفادور 

أمر قضائي

وكانت المحكمة العليا الأمريكية، أصدرت أمرًا صريحًا لإدارة ترامب بضرورة "تسهيل" عودة "أبريجو جارسيا"، وهو مقيم في ولاية ماريلاند، بعد أن أقرت وزارة العدل بأنه لا ينبغي ترحيله إلى السلفادور، نظرًا لأمر قضائي صادر عام 2019 بمنع هذا الإجراء.

لكن بالنسبة لنشطاء حقوق الإنسان في الولايات المتحدة والسلفادور، فإن نقل "جارسيا" من مركز احتجاز الإرهابيين شديد الحراسة (CECOT) إلى سجن منخفض الحراسة مثل "سنترو الصناعي"، يُعد تناقضًا واضحًا مع الادعاءات الرسمية التي وصفته بأنه عنصر خطير في عصابة "MS-13" وإرهابي، وهو ما تنفيه زوجته ومحاميه.

ومنذ ترحيله، لم يُسمح "لجارسيا" بأي تواصل مع عائلته أو محاميه. وكانت المرة الوحيدة التي شوهد فيها بعد ترحيله خلال اجتماع في 17 من أبريل، مع السيناتور كريس فان هولين، حيث أشار إلى أنه نُقل من سجن "CECOT" إلى منشأة أخرى.

وأكدت وزارة العدل لاحقًا في وثائق رسمية، أن المنشأة الجديدة هي مركز "سنترو الصناعي" في سانتا آنا. ولم تُقدَّم أي معلومات إضافية بعد ذلك.

حقوق الإنسان 

من جهتها، أعربت غابرييلا سانتوس، مديرة معهد حقوق الإنسان في جامعة أمريكا الوسطى في سان سلفادور، عن قلقها بشأن نقل "جارسيا"، متسائلة: "لماذا نُقل؟ وأين يوجد بقية المرحّلين؟ هل يُحتجزون في CECOT، أم في سجون أخرى؟".

وأكدت "سانتوس" أنه لا يوجد سند قانوني واضح للاتفاق بين الرئيس السلفادوري، نجيب بوكيلي وإدارة ترامب، بخصوص استقبال المرحلين وسجنهم. وقالت: "من الناحية القانونية، لا مبرر لوجود غارسيا هنا". وأضافت أن سيطرة بوكيلي المطلقة على مؤسسات الدولة تجعل من المستحيل تقريبًا الطعن في هذه السياسات.

ومثل "جارسيا"، تم ترحيل العديد من الأفراد مباشرة إلى سجن "CECOT" حيث يُعزل النزلاء تمامًا عن العالم الخارجي، بمن فيهم المحامون وأفراد العائلة. وقد فُرض هذا العزل في إطار "حالة الاستثناء" التي أعلنها "بوكيلي" عام 2022 عقب موجة عنف عصابات، ما سمح باعتقال عشرات الآلاف بشكل عاجل ومن دون ضمانات قانونية.

ووفقًا لمنظمات حقوق الإنسان، فقد سُجن نحو 85 ألف شخص بموجب هذه الحالة، وخضع الكثير منهم لمحاكمات جماعية بلا محامين، وتعرضوا لانتهاكات شملت سوء التغذية والتعذيب. وقد وثقت منظمة "سوكورو جوريديكو هيومانيتاريو" الحقوقية 370 حالة وفاة في السجون السلفادورية منذ إعلان حالة الطوارئ، مرجحة أن يكون العدد الحقيقي أكبر.

وقالت إنغريد إسكوبار، محامية في المنظمة: "خلال السنوات الثلاث الماضية، خسرنا جميع حقوق الإنسان والضمانات الدستورية في السلفادور".

<span style=
سجن السلفادور 

الرئيس بوكيلي

وأقر الرئيس بوكيلي بالفعل باعتقال بعض الأبرياء ضمن هذه الحملة، وقال في نوفمبر الماضي: "عملياتنا ليست مثالية. لقد اعتُقل بعض الأبرياء عن غير قصد، كما يحدث في دول أخرى مثل فرنسا وألمانيا واليابان. ونحن نعمل على إطلاق سراحهم — أفرجنا عن 8000 شخص وسنفرج عن جميع الأبرياء".

وتؤكد الحكومة أن عزل السجناء عن العالم الخارجي ضروري، لقطع سيطرة العصابات على السجون ومنعها من تنفيذ الجرائم من داخلها.

ورغم هذه الانتهاكات، يشير عدد من المواطنين في شوارع سان سلفادور إلى تحسن كبير في السلامة العامة، معربين عن ارتياحهم لغياب الخوف من العنف والابتزاز، الأمر الذي أسهم في ارتفاع شعبية بوكيلي على نطاق واسع.

لكن المدافعين عن حقوق الإنسان يرون أن هذه المكاسب الأمنية جاءت على حساب الديمقراطية والعدالة، ويشددون على أن الشعبية لا تبرر الحكم الاستبدادي. وقالت "سانتوس": "لا يمكن أن تكون الشعبية تفويضًا مطلقًا لفعل ما يشاء. لقد علمنا التاريخ أن الزعماء الشعبيين ليسوا بالضرورة على صواب".

تم نسخ الرابط