تحديثات عاجلة حول قانون الإيجار القديم.. هل يتغير وضعك كمستأجر أو مالك؟

في خطوة هامة نحو تنظيم قانون الإيجار القديم، أحال المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، خلال الجلسة التي عُقدت اليوم الثلاثاء 29 أبريل، مشروعي القانونين المقدمين من الحكومة بشأن الإيجارات إلى اللجنة المشتركة التي تضم لجنتي الإسكان والمرافق العامة والإدارة المحلية والشئون الدستورية، والهدف من ذلك هو دراستهما بشكل دقيق، لضمان أن يكون القانون الجديد مناسبًا وعادلاً لكافة الأطراف المعنية.
في هذا الإطار، شدد المستشار جبالي، خلال مناقشات المجلس، على ضرورة إتاحة الفرصة الكاملة لكل من الملاك والمستأجرين للتعبير عن آرائهم ومواقفهم بمنتهى الشفافية، مُشدد على أن مشروع القانون المنظور بشأن الإيجار القديم لن يخرج من المجلس إلا بصيغة متوازنة تضمن تحقيق العدالة لكلا الطرفين.
قانون الإيجار القديم لصالح من؟

قوانين الإيجار القديم في مصر، التي بدأت منذ عشرينيات القرن الماضي، صُممت لحماية المستأجرين من الزيادات العشوائية في الإيجارات، سمحت هذه القوانين للمستأجرين بالبقاء في الوحدات السكنية والتجارية بإيجارات ثابتة، غالبًا لا تتجاوز بضعة جنيهات شهريًا، مع إمكانية توريث العقود للأبناء، لكن مع مرور الزمن، أدى التضخم الاقتصادي وانهيار قيمة الجنيه إلى خلل كبير بين حقوق الملاك، الذين يحصلون على عوائد زهيدة، وحقوق المستأجرين، خاصة الفئات محدودة الدخل التي تعتمد على هذه الوحدات.
تشير الإحصاءات إلى وجود حوالي 1.8 مليون وحدة خاضعة لنظام الإيجار القديم، منها 300 إلى 400 ألف وحدة سكنية، بينما الباقي يشمل وحدات تجارية ووحدات مغلقة، هذا العدد الكبير يعكس حجم التحدي في إيجاد حلول ترضي جميع الأطراف.
ما المقصود بـ"الإيجار القديم"؟
يشير مصطلح "الإيجار القديم" إلى العقود التي أُبرمت قبل صدور قانون الإيجارات الجديد في عام 1996، والتي بقيت خاضعة لأحكام قوانين سابقة من أبرزها قانون 49 لسنة 1977 وقانون 136 لسنة 1981، والتي منحت للمستأجر حقوقًا شبه دائمة، بما في ذلك الامتداد التلقائي للعقد، وقيمة إيجارية ثابتة لا تتغير.

ما الفرق بين الإيجار القديم والإيجار الجديد؟
- الإيجار القديم: هو العقد الذي تم توقيعه قبل سنة 1996، ويتميز بأن الإيجار فيه لا يزيد بمرور الوقت، ويمنح المستأجر حق البقاء في الوحدة مدى الحياة، مع إمكانية امتداد العقد لأقاربه من الدرجة الأولى.
- الإيجار الجديد: هو العقد الذي يتم توقيعه وفقًا لقانون 4 لسنة 1996، ويكون محدد المدة، وتتم زيادته حسب الاتفاق بين الطرفين أو حسب نسبة محددة.
هل هناك نية للإخلاء الفوري؟
حتى اللحظة، لا يوجد أي توجه رسمي لإخلاء المستأجرين بشكل فوري أو قسري، على العكس، تشير كل التصريحات النيابية والحكومية إلى نية لوضع جدول زمني متدرج، قد يمتد من 5 إلى 10 سنوات، يتم فيه: "زيادة القيمة الإيجارية تدريجيًا - حصر الحالات غير القادرة ماليًا لتقديم دعم مناسب - التفرقة بين الإيجار السكني والتجاري (حيث تم بالفعل تعديل أوضاع الوحدات غير السكنية في تشريع سابق".
التطورات القانونية والتشريعية الأخيرة
حكم المحكمة الدستورية العليا (نوفمبر 2024)
في نوفمبر 2024، أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمًا تاريخيًا بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادتين 1 و2 في القانون رقم 136 لسنة 1981، والتي كانت تثبت أجرة الأماكن المؤجرة لأغراض سكنية وغير سكنية، هذا الحكم ألزم البرلمان بتعديل القانون لإعادة التوازن بين الملاك والمستأجرين، مع الإبقاء على الامتداد القانوني لعقود الإيجار لحين صدور تشريع جديد.
الحكم أثار جدلًا واسعًا، حيث اعتبره البعض خطوة لإنصاف الملاك، بينما حذر آخرون من "فوضى اجتماعية" قد تنجم عن زيادات مفاجئة في الإيجارات أو إخلاء الوحدات، مما قد يؤدي إلى تشريد أسر غير قادرة على تحمل الأعباء الجديدة.
زيادة الإيجارات لغير السكني (مارس 2025)
في إطار القانون رقم 10 لسنة 2022، تم تطبيق الزيادة السنوية الرابعة بنسبة 15% على الإيجارات الخاصة بالوحدات المؤجرة للأشخاص الاعتباريين (مثل الشركات والمؤسسات) لأغراض غير سكنية في مارس 2025، هذه الزيادة تستمر حتى مارس 2027، حيث تنتهي الفترة الانتقالية، بعد هذا التاريخ، يحق للملاك إخلاء الوحدات أو التفاوض على عقود جديدة مع المستأجرين، ولكن تُستثنى الوحدات السكنية من هذه الزيادة، مما يعكس حساسية التعامل مع الإيجارات السكنية نظرًا لتأثيرها المباشر على الأسر.

مشروع قانون تحت النقاش
تعمل لجنة الإسكان بمجلس النواب حاليًا على إعداد مشروع قانون جديد لتنظيم العلاقة الإيجارية، بهدف الامتثال لحكم المحكمة الدستورية، من المتوقع مناقشة هذا المشروع خلال الفصل التشريعي الحالي (حتى يوليو 2025)، المشروع يركز على:
- زيادة تدريجية في الإيجارات: اقتراحات تشمل تحديد القيمة الإيجارية بنسبة من الحد الأدنى للمعاش أو الأجر، مع زيادات تدريجية على مدار 3 إلى 5 سنوات لتجنب الصدمات الاقتصادية.
- تحرير العلاقة الإيجارية: هناك مقترحات لتحرير الإيجار السكني تدريجيًا خلال 3 سنوات، والإيجار التجاري خلال عام واحد، مع ربط القيمة الإيجارية بمعايير الضريبة العقارية.
- إخلاء الوحدات المغلقة: يهدف المشروع إلى إعادة دمج الوحدات المغلقة (التي يُقدر عددها بأكثر من مليون وحدة) في السوق العقاري، عبر إخلائها إذا ثبت عدم استخدامها لفترات طويلة.
- حماية الفئات الضعيفة: الحكومة، بقيادة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، أكدت على وضع خطة تنفيذية تراعي الفئات غير القادرة، مع إجراء حوار مجتمعي عبر مجلس أمناء الحوار الوطني لضمان العدالة.
الحكومة طلبت مهلة لتقديم مشروع القانون بحلول مارس 2025، وفي حال تأخرها، أشار نواب إلى أن البرلمان سيتولى إعداد مشروع متكامل.
أزمة الإيجار القديم بين المقترحات والحلول
اقترحت النائبة راندا مصطفى، زيادة الإيجار 10 أضعاف كل 5 سنوات لمدة 15 عامًا، مع ضمان عدم إخلاء المستأجرين.
فيما كان هناك مقترح سابق من المستشار ماجد صلاح (2021) تضمن تحديد إيجارات تتراوح بين 200 إلى 1000 جنيه شهريًا بناءً على مساحة الوحدة وموقعها، مع فترة انتقالية من 1 إلى 3 سنوات حسب تاريخ العقد.
كما ظهرت دعوات لإنشاء آليات حكومية لدعم المستأجرين محدودي الدخل، مثل توفير إعانات أو وحدات سكنية بديلة.
تحديات الإيجار القديم

- يرى الملاك إن الإيجارات الزهيدة (أحيانًا 5 جنيهات شهريًا) ظلم كبير، خاصة مع ارتفاع قيمة العقارات إلى ملايين الجنيهات. يطالبون بتحرير العلاقة الإيجارية أو زيادات كبيرة تعكس القيمة السوقية.
- يخشى المستأجرون أن تؤدي الزيادات أو إنهاء العقود إلى تشريد الأسر، خاصة أصحاب المعاشات ومحدودي الدخل. رابطة المستأجرين دعت إلى إشراكها في النقاشات لضمان عدم الإضرار بهم.
- أما الوحدات المغلقة فتُمثل عقبة كبيرة، حيث تُحرم السوق العقاري من ملايين الوحدات، مما يساهم في أزمة الإسكان.
- البنية التحتية أيضًا تمثل أزمة حيث أن كثير من العقارات القديمة متهالكة، مما يتطلب استثمارات للترميم، وهو ما يصعب مع الإيجارات المنخفضة.
كيف تُحل أزمة الإيجار القديم؟
من المتوقع أن تشهد الفترة من الآن وحتى يوليو 2025 نقاشات مكثفة حول مشروع القانون الجديد، مع ضغوط لإصدار تشريع عادل قبل انتهاء الفصل التشريعي.
بحلول 8 مارس 2027، ستنتهي عقود الإيجار القديم للوحدات غير السكنية، مما قد يؤدي إلى تغيرات كبيرة في السوق التجاري، وربما يتم إخلاء الوحدات غير السكنية المؤجرة بالقانون القديم.
كما أن هناك اقتراحات أخرى باستخدام الوحدات المغلقة لتخفيف أزمة الإسكان، مع توفير بدائل للمستأجرين مثل برامج الإسكان الاجتماعي.