أسوأ الأزمات منذ عقود.. ترامب يدفع اقتصاد إيران إلى حافة الهاوية

يواجه الاقتصاد الإيراني واحدة من أسوأ أزماته في العقود الأخيرة، حيث تتفاقم معدلات التضخم، وانهيار العملة المحلية، بينما تزداد معدلات الفقر بشكل غير مسبوق. ومع إعادة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، فرض سياسة "الضغط الأقصى" وتشديد العقوبات، باتت طهران في مواجهة أزمة خانقة تهدد استقرارها الداخلي، وبالرغم من محاولة الحكومة احتواء التداعيات بقرارات محدودة، يرى المراقبون أن المشكلات الهيكلية العميقة تزيد من تعقيد الوضع.
نصف سكان إيران تحت خط الفقر
ذكرت مجلة "نيوزويك" الأمريكية، في تقرير لها، إن القيادة الإيرانية تواجه ضغوطا متزايدة، من ارتفاع أسعار المواد الغذائية والإسكان والضروريات الأساسية بشكل جنوني، مما جعل البقاء على قيد الحياة تحديا يوميا لكثير من الإيرانيين، فقد تجاوز معدل التضخم 45%، ويعيش ما يقرب من نصف السكان الآن تحت خط الفقر، وفقًا لمركز الإحصاء الإيراني.
يذكر أن القيادة الإيرانية رفعت مؤخرا الحظر عن استيراد السلع الفاخرة، بما في ذلك السيارات الأجنبية وهواتف آيفون، في محاولة لتهدئة الرأي العام، لكنها خطوة وصفها النقاد بأنها مجرد حل سطحي.
وبأمر من ترامب، أعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات تهدف إلى شل الاقتصاد الإيراني، وتأثيرها بات ملموسا بالفعل، ففي الوقت الذي تكافح فيه إيران التداعيات الإقتصادية السلبية، أشار ترامب إلى استعداده للتفاوض، رغم تهديده بفرض المزيد من الضغوط بسبب تقدم طهران في برنامجها النووي.
وفي مقابلة مع "نيوزويك"، قال أفشين مولافي، زميل معهد السياسة الخارجية بجامعة جونز هوبكنز إن:" الاقتصاد الإيراني يتعرض لضربة قاسية .. فهو يواجه نقصا حادا في الطاقة، بسبب سوء الإدارة وفساد المحليين، إلى جانب تأثير العقوبات".
انهيار العملة
وقد وصل الريال الإيراني إلى أدنى مستوى له على الإطلاق، حيث بلغ 928,000 ريال لكل دولار في تعاملات السوق الموازية، مسجلًا انخفاضًا بأكثر من 6% منذ الجمعة الماضية .. وقد أدى هذا الانهيار إلى زيادة التضخم، ومحو المدخرات، وجعل السلع المستوردة بعيدة المنال عن كثير من الإيرانيين.
أسعار الإسكان تخرج عن السيطرة
ووفقا للبنك المركزي الإيراني، ارتفعت إيجارات العقارات في طهران بمقدار 24 ضعفا خلال الـ 12 عاما الماضية، في حين قفزت أسعار العقارات بأكثر من 37 ضعفا.
وعلى الجانب الآخر، لم تزد الأجور سوى 20 ضعفا تقريبا، وبالنسبة للكثيرين، أصبح تأمين شقة متواضعة أمرا مستحيلًا، حيث تتجاوز الإيجارات في بعض المناطق متوسط راتب العامل بالكامل.
يعد قطاع النفط شريان الحياة الأساسي للاقتصاد الإيراني، ما يجعل عودة ترامب إلى سياسة "الضغط الأقصى" تهديدًا خطيرا .. ففي الأسبوع الماضي، وقع ترامب أمرا بإعادة العمل بهذه الاستراتيجية، متعهدا بخفض صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر.
ونظرا لأن إيرادات النفط تشكل ما يقرب من نصف الدخل الحكومي، فإن هذا القرار يزيد من تعميق أزمة طهران الاقتصادية.
ورغم إشارة ترامب إلى استعداده للتفاوض، فإنه وجه تحذيرا صارما لطهران:" هناك شيء واحد لا يمكنهم امتلاكه، لا يمكنهم امتلاك سلاح نووي، وإذا اعتقدت أنهم يسعون لذلك، فسيكون الأمر سيئا جدا بالنسبة لهم".
وأكد الرئيس الأمريكي:" إيران تشعر بالخوف والتوتر، أعتقد أنهم يريدون التوصل إلى اتفاق، وأود أن أتوصل إلى اتفاق معهم بدون قصفهم."
من جانبه، فقد أكد الرئيس الإيراني مسعود پزشكيان:" التحديات الاقتصادية الحالية تتجاوز سيطرة الحكومة المباشرة، ونحن نستكشف جميع السبل الممكنة لتخفيف تأثيرها على مواطنينا".
ماذا ينتظر طهران؟
وأشارت المجلة الأمريكية في ختام تقريرها إلى أنه مع استمرار الاقتصاد الإيراني في التدهور، تجد الحكومة نفسها أمام خيارات صعبة .. سواء من خلال الدبلوماسية .. أو الإصلاحات الاقتصادية .. أو المزيد من التصعيد مع الولايات المتحدة، فإن طهران تواجه منعطفا حاسما في الأشهر المقبلة.