كارثة تضرب البوابة التجارية لإيران
تفجير ميناء إيران.. حريق دمر شحنات لصنع وقود صواريخ باليستية بعد تهديد إسرائيل

شهدت إيران انفجارًا هائلًا في ميناء شهيد رجائي بمدينة بندر عباس، السبت 26 أبريل 2025، ما أسفر عن مقتل 18 شخصًا وإصابة أكثر من 700 آخرين، وفق بيانات رسمية. وأظهرت المشاهد المتداولة أعمدة من الدخان الأسود تتصاعد فوق المدينة الساحلية، وسط أنباء عن تدمير مبانٍ مجاورة واحتجاز عدد من الضحايا تحت الأنقاض.
حريق مواد كيميائية لتصنيع وقود الصواريخ الباليستية
تفاصيل الانفجار تشير إلى أن الحادث نجم عن حريق اندلع في حاويات كانت تحوي مواد كيميائية شديدة الانفجار، يُعتقد أنها مخصصة لتصنيع الوقود الصلب المستخدم في الصواريخ الباليستية الإيرانية. وأكدت شركة أمنية خاصة أن الشحنة، التي أسيء التعامل معها، كانت معدة لتعزيز قدرات طهران الصاروخية في ظل تصاعد التوتر الإقليمي.
ميناء شهيد رجائي، الذي يعالج قرابة 80 مليون طن من البضائع سنويًا، بما فيها مواد خطرة، سبق أن تعرض لهجوم إلكتروني في عام 2020 نسبته تقارير غربية إلى إسرائيل، ما يجعله هدفًا حساسًا في الصراع الخفي بالمنطقة.

سيناريوهات خلف الحادث
إهمال داخلي كارثي
صرح المتحدث باسم هيئة إدارة الأزمات الإيرانية أن السلطات كانت قد حذرت سابقًا من سوء تخزين المواد الخطرة بالميناء، مما يفتح الباب أمام احتمال أن يكون الانفجار ناجمًا عن إهمال داخلي جسيم في التعامل مع شحنات حساسة للغاية.
عملية تخريب متعمدة
في المقابل، يرى مراقبون أن تزامن الحادث مع وصول شحنات صاروخية من الصين أواخر مارس، ومع انطلاق جولة جديدة من المحادثات النووية بين طهران وواشنطن، قد يشير إلى احتمال تعرض الميناء لعملية تخريبية مدروسة تهدف إلى تعطيل جهود إيران لتعزيز ترسانتها العسكرية أو لعرقلة التفاوض الدبلوماسي.
استهداف غير مباشر
هناك سيناريو آخر يتحدث عن إمكانية وقوع انفجار عرضي لشحنة مشحونة بدون تأمين كامل، لكنه حدث في ظل وضع متوتر، مما يفاقم الشكوك حول تورط جهات خارجية سعت لاستغلال الوضع الهش.

تهديدات إسرائيل
رغم التزام إسرائيل الصمت الرسمي إزاء الحادث، إلا أن تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خلال الفترة نفسها تحمل رسائل واضحة. فقد شدد نتنياهو مؤخرًا على أن "لا مكان لقدرات إيران النووية"، وهدد بتحرك عسكري محتمل ضد طهران إذا فشل المسار الدبلوماسي.
وأكد نتنياهو أن "أي اتفاق لا يؤدي إلى تفكيك البنية التحتية النووية الإيرانية بالكامل سيكون اتفاقًا سيئًا"، معتبرًا أن بقاء برنامج إيران النووي أو الصاروخي دون رادع يمثل "خطرًا داهمًا" على أمن إسرائيل والمنطقة بأسرها.
تصريحات نتنياهو تتزامن مع استمرار تعثر المفاوضات في مسقط، حيث تُطرح الخلافات حول تخصيب اليورانيوم وبرنامج الصواريخ كعقبتين رئيسيتين أمام أي اتفاق. وفي هذا السياق، ترى أوساط إسرائيلية أن تعطيل قدرات إيران الصاروخية قد يكون خطوة ضرورية، سواء عبر الأدوات الدبلوماسية أو بوسائل أخرى.
هجوم إلكتروني شل حركته
تعرض ميناء شهيد رجائي في 2020 لهجوم إلكتروني شل حركته، في إطار حرب سيبرانية غير معلنة بين إيران وإسرائيل. كما اتهمت طهران إسرائيل بالوقوف وراء عدة هجمات استهدفت بنى تحتية استراتيجية خلال الأعوام الماضية، بما في ذلك انفجارات في أنابيب الغاز ومرافق الطاقة.
في ضوء ذلك، فإن حادث ميناء بندر عباس، سواء كان ناتجًا عن إهمال أو عن عمل عدائي مباشر أو غير مباشر، يعيد إلى الواجهة طبيعة الصراع الإقليمي الذي باتت خطوطه أكثر غموضًا واشتباكًا.
تداعيات مفتوحة
ما يزال التحقيق الإيراني في الحادث جاريًا، وسط محاولات للسيطرة على تداعياته الاقتصادية والأمنية. غير أن الانفجار، وتوقيته، ومحتوى الشحنات المتفجرة، وتصريحات نتنياهو التصعيدية، كلها عوامل تضع الحادث في سياق أوسع من مجرد "حادث صناعي"، وتدفع بمخاوف تصاعد التوترات في الخليج إلى الواجهة من جديد.