رسوم ترامب الجمركية تثير الفخر الوطني الكندي
الناخبون الكنديون في طريقهم إلى رفض حرب ترامب التجارية في الانتخابات الكندية

يتوجه الناخبون الكنديون إلى صناديق الاقتراع يوم الاثنين في خضمّ واحدة من أكثر التحولات جذرية في الحملات الانتخابية منذ سنوات.
وأشارت استطلاعات الرأي في يناير إلى أن حزب المحافظين كان يضمن الفوز ولكن الليبراليين قلبوا السباق رأسًا على عقب، على الرغم من ضعف المنافسة في الأيام الأخيرة. كما حطم التصويت المبكر الأرقام القياسية، حيث تم الإدلاء بأكثر من 7.3 مليون بطاقة اقتراع.
وقال رئيس ومؤسس شركة استطلاعات الرأي الكندية "EKOS Research" فرانك جريفيز، إنه من الواضح تمامًا أن الليبراليين سيفوزون، برغم إستحالة تحقيق الأمر في بداية العام.
كما استغل زعيم حزب المحافظين، بيير بواليفير، في خريف العام الماضي، تصاعد الشعبوية -الاعتقاد بضرورة انتزاع السلطة من النخبة الفاسدة وإعادتها إلى الشعب- استجابةً لأزمة القدرة على تحمل التكاليف والتضخم في عهد رئيس الوزراء جاستن ترودو الذي تولى منصبه لفترة طويلة.
لكن الأمور انقلبت عندما تنحى ترودو عن منصبه في وقت سابق من هذا العام في 6 يناير، ممهدًا الطريق لقيادة ليبرالية جديدة، ودخل الرئيس دونالد ترامب ولايته الثانية، مُهددًا الاقتصاد الكنديي بحرب تجارية. وإتحد الكنديون حول هويتهم الوطنية وضد حكم ومبادئ ترامب.
أدت الشعبوية إلى استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) في المملكة المتحدة وانتخاب دونالد ترامب في الولايات المتحدة. وشارك جريفز في تأليف ورقة بحثية وجدت أن 34% من الكنديين لديهم توجه شعبوي. وقال جريفز إن الكنديين شاهدوا في هذه الانتخابات عودة ترامب إلى السلطة وتساءلوا: "هل نريد أن نسلك هذا المسار الشعبوي؟"
وأضاف جريفيز أنه إذا فاز الليبراليون، فهذا يعني أن الناخبين الكنديين يعلنون العداء المباشر على ترامب.
كيف تغير السباق؟
كان للتغيير في القيادة الأمريكية تأثيرٌ كبير على كندا. حيث تمتع بواليفر بشعبيةٍ لا تُضاهى في بداية العام. وستُجرى انتخاباتٌ في وقتٍ غير معلن في عام 2025، وبدا من المرجح أن يواجه ترودو، الذي ظلّ في السلطة لتسع سنواتٍ وفقد شعبيته بشكلٍ كبير.
بعد جائحة كورونا، واجه القادة الديموقراطيون الحاليون ومن ضمنهم تروردو، انتخابات صعبة بسبب قيود الجائحة، وارتفاع التضخم الذي وصل إلى 8.1% في يونيو 2022، وارتفاع تكاليف السكن، والاستقطاب السياسي.
كان يتم التعامل مع بواليفير على أنه شخصية تُشبه ترامب في كندا؛ فقد استغل "شعبوية شمالية" كانت تمثل نسبة أقل من الناخبين مقارنةً بالولايات المتحدة، لكنها لا تزال قوة مؤثرة، كما قال جريفز. وأخذ بواليفر في إنتقاد سياسة ترودو الشعبية مثل ضريبة الكربون التي طبقها على كندا.
بلغت أزمة ترودو القيادية ذروتها عندما استقالت وزيرة المالية كريستيا فريلاند فجأة. وكتبت في رسالة أن ترودو لم يكن على مستوى التحدي المتمثل في القومية الاقتصادية لترامب والرسوم الجمركية المرتفعة. فلم يكن أمام ترودو خيار سوى الاستقالة، مما أطلق سباقًا على قيادة الليبراليين.
كان تنحي ترودو في النظام السياسي الكندي يعني أن الليبراليين لا يزالون متمسكين بالسلطة، لكن كان على الحزب انتخاب قائد جديد لخوض انتخابات هذا العام.
وبينما كان الحزب يخوض سباقًا على القيادة، تولى ترامب منصبه وأعلن بسرعة فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على الواردات من كندا والمكسيك. وفي الوقت نفسه، أدلى ترامب بتصريحات متكررة مفادها أن كندا يجب أن تصبح الولاية رقم 51.
وجرى سباق قيادة الليبراليين في غضون أسابيع من تولي ترامب منصبه، كما ساعد هذا التحول في الأحداث على تجاوز الحزب "عدم شعبية حكومة ترودو"، كما قالت أستاذة العلوم السياسية بجامعة "كالجاري"، ليزا يونغ.
وفي ظلّ تعرّض سيادة كندا واقتصادها للهجوم، انتخب الليبراليون في التاسع من مارس مارك كارني، الذي اعتُبر خبيرًا اقتصاديًا بارعًا بعد أن شغل سابقًا منصب محافظ بنك كندا خلال الأزمة المالية عام ٢٠٠٨، ومحافظ بنك إنجلترا خلال فترة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والجائحة.
كارني، الذي انتُخب بأغلبية ساحقة، وظّف شعبيته بالدعوة إلى انتخابات مبكرة في ٢٨ أبريل وهي أقصر فترة إنتخابية يسمح بها القانون.
كندا تواجه حرب ترامب التجارية
أدخلت الرسوم الجمركية المفاجئة التي فرضها ترامب الاقتصاد الكندي في حالة من عدم اليقين. حيث تذهب أكثر من 70% من صادرات كندا إلى الولايات المتحدة، بما في ذلك قطع غيار السيارات والأخشاب والمنتجات الزراعية والصلب.
نقل التقرير عن الأستاذ المشارك في جامعة "جويلف" بمقاطعة أونتاريو، سيلفانوس كواكو أفيسورجبور: "نحن نعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة، فقد نشهد ركودًا اقتصاديًا كبيرًا في كندا لأن اقتصادنا يعتمد بشكل كبير على الاقتصاد الأمريكي".
الناخبون الكنديون على وشك انتقاد ترامب
أكد جريفز على ضرورة اهتمام الأمريكيين بانتخابات كندا، التي أثارت تساؤلات مماثلة حول الهوية والمسار الذي يجب اتباعه في ظل نمو الشعبوية. فبدلاً من التساؤل عن الحزب الذي يجب انتخابه، قال غريفز إن الكنديين يتساءلون: "أي نوع من الدول نريد أن نكون؟"
وأضاف جريفز: "تتمثل بعض التساؤلات في الآتي: هل نريد أن نسلك هذا المسار الشعبوي؟ أعتقد أن الكنديين يتوقفون ويفكرون ثم يقولون: لا، ربما ليس هذا هو المسار الذي نريد أن نسلكه في بلادنا".
وأشار إلى أنه من النادر أن تتجه ديمقراطية غربية ضد الشعبوية الصاعدة. وأضاف: "قد يجد الأمريكيون في هذا سبيلاً لمستقبلهم، إذا لم يرغبوا في الاستمرار في هذا المسار".