دار الإفتاء: الإجهاض في الشهر الأول محرم شرعًا إذا تم بلا عذر معتبر

تتعدد التساؤلات في الأوساط المجتمعية حول مشروعية الإجهاض، خاصة في مراحله المبكرة مثل الشهر الأول من الحمل. وتبقى المسألة مثار جدل فقهي واسع، نظرًا لما تحمله من أبعاد دينية وأخلاقية وطبية. فهل الإجهاض في الشهر الأول يُعد محرمًا شرعًا؟ وما هي الحالات التي يمكن أن يُباح فيها؟
موقف الشريعة من الإجهاض المبكر
وفقًا للشريعة الإسلامية، الأصل هو الحفاظ على حياة الجنين منذ بدء تكونه، لما في ذلك من حفظ للنسل، وهو أحد مقاصد الشريعة الخمسة. الإجهاض دون مبرر شرعي يُعد اعتداءً على حياة مخلوق قد بدأت فيه مظاهر الحياة أو الاستعداد لها.
وفيما يخص الإجهاض في الشهر الأول، أي قبل نفخ الروح (الذي يقال إنه يحدث بعد 120 يومًا بحسب الحديث النبوي)، فقد ذهب جمهور العلماء إلى تحريمه أيضًا، إلا في حالات الضرورة القصوى مثل وجود خطر حقيقي على حياة الأم.
أدلة من القرآن والسنة
قال الله تعالى:
{وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ} [الإسراء: 31].
وفي الحديث الشريف، قال النبي صلى الله عليه وسلم عن أطوار خلق الإنسان:
«إن أحدكم يُجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يُرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح…» (رواه البخاري ومسلم).
هذا الحديث يؤكد أن الجنين يمر بمراحل قبل نفخ الروح، إلا أن الشريعة اعتبرت حتى النطفة محترمة، وحرّمت إزهاقها بلا عذر شرعي معتبر.
رأي دار الإفتاء في حكم الإجهاض:
أوضحت دار الإفتاء المصرية أن الإجهاض في الشهر الأول محرم شرعًا إذا تم بلا عذر معتبر. وشددت على أن مجرد الخوف من ضيق الرزق أو الرغبة في تأجيل الإنجاب لا يُعد سببًا مقبولًا. أما إذا قرر الأطباء الثقات أن استمرار الحمل يشكل خطرًا محققًا على حياة الأم، فيجوز الإجهاض في هذه الحالة قبل نفخ الروح، التزامًا بقاعدة “ارتكاب أخف الضررين”.
بناءا على دلك:
الإجهاض في الشهر الأول من الحمل يُعد محرمًا شرعًا في الأصل، ولا يجوز الإقدام عليه إلا إذا وُجدت ضرورة حقيقية مُلجئة، وثبتت بوسائل طبية موثوقة. يبقى الحفاظ على الحياة مبدأً إسلاميًا راسخًا، والتساهل في الإجهاض يخالف مقاصد الشريعة التي تسعى لحماية الروح البشرية منذ اللحظة الأولى لتكوينها.