هل يجوز للمراة السفر للحج بدون محرم.. دار الإفتاء ترد

أكدت الدكتورة زينب السعيد، أمينة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن مسألة سفر المرأة بدون محرم لأداء مناسك الحج تعد من القضايا التي شهدت خلافًا فقهيًا قديمًا، موضحة أن الخلاف مستند إلى الحديث النبوي الشريف: "لا يحل لامرأة أن تسافر إلا ومعها ذو محرم"، ما أدى إلى تباين آراء الفقهاء بشأن تطبيق هذا الحكم مع تطور ظروف الحياة.
الخلاف الفقهي
خلال حوارها مع الإعلامية سالي سالم، ببرنامج "حواء" المذاع على قناة "الناس"، أوضحت الدكتورة زينب السعيد أن فهم هذه المسألة يتطلب التفريق بين نوعين من الأحكام الشرعية: الأحكام ذات العلل المعقولة المعنى، والأحكام التعبدية المحضة.
وقالت: "عندما يأمرنا الله عز وجل بتكليفات شرعية، ننظر أولًا في العلة: فإذا كانت معقولة المعنى، فإن الحكم يدور مع العلة وجودًا وعدمًا، أما إذا كان الحكم تعبديًا، فتنفيذ الأمر واجب بغض النظر عن السبب أو الحكمة".
سبب وجود المحرم
تحدثت أمينة الفتوى عن الظروف التي دفعت إلى اشتراط وجود محرم مع المرأة خلال السفر في العصور الماضية، موضحة أن السفر كان محفوفًا بالمخاطر، وكانت وسائله بدائية تعتمد على ركوب الدواب والتنقل في طرق وعرة وغير آمنة.
وأضافت: "المرأة كانت تحتاج إلى من يعينها في السفر، كأن يسندها أو يساعدها في ركوب الدابة، وهذا لا يجوز أن يقوم به رجل غريب عنها، لذا كان وجود المحرم حماية وصيانة لها من المخاطر المحتملة".
التغيرات العصرية
مع تطور وسائل النقل الحديثة وانتشار الأمان وسهولة الوصول إلى وسائل الاتصال، أكدت الدكتورة زينب السعيد أن الفقهاء المعاصرين قد أعادوا النظر في الحكم، قائلة: "الطرق اليوم ممهدة، السفر أصبح عبر وسائل آمنة كالطائرات والحافلات، والاتصال متاح في كل لحظة، مما يرفع كثيرًا من مظنة الخطر التي كانت قائمة سابقًا".
وتابعت: "بناءً على ذلك، أجاز عدد من الفقهاء للمرأة السفر بدون محرم، إذا كانت ضمن رفقة آمنة أو قادرة على تأمين نفسها أثناء الرحلة".
الرفقة الآمنة
أشارت أمينة الفتوى إلى أن فكرة الرفقة الآمنة ليست جديدة على الفقه الإسلامي، حيث قال فقهاء قدامى إنه إذا كانت المرأة مسافرة مع مجموعة من النساء الثقات، فإن سفرها بدون محرم يكون جائزًا.
وأضافت أن وجود رفقة مأمونة يحقق الغرض من اشتراط المحرم، وهو حفظ المرأة وصونها، دون الحاجة إلى وجود محرم في كل الأحوال، لا سيما في زمان يسود فيه الأمان.

استثناء خاص بالمرأة
وأوضحت الدكتورة زينب أن هناك استثناءات فقهية قديمة كانت تخص النساء المسنات، حيث أجاز الفقهاء سفرهن بدون محرم بشرط تحقق الأمان.
واختتمت حديثها قائلة: "المرأة الكبيرة في السن، التي لا يتوقع منها التعرض لما تتعرض له الشابات، يجوز لها السفر بدون محرم إذا تأكدت من أمان الطريق، وقد اعتُبر ذلك تسهيلاً عليها في أداء مناسك الحج والعبادات الأخرى".
مراعاة مصالح العباد
وشددت على أن الشريعة الإسلامية جاءت للتيسير لا للتعسير، وأن الأحكام الشرعية تراعي تطور الأزمنة والأحوال بما يحفظ مصالح العباد ويدرأ عنهم المشقة.