في قلب القاهرة، حيث تمتزج الأصالة بالتاريخ، يقف جامع السيدة عائشة شامخًا في ميدان يحمل اسمها، ليكون شاهدًا على عبق الماضي وروحانية الحاضر. هذا الجامع، الذي يُعد واحدًا من أبرز المعالم الإسلامية في مصر، ليس مجرد مكان للصلاة، بل هو رمز للحب والاحترام لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ووجهة لكل من يبحث عن السكينة والروحانية.
ينسب هذا الجامع إلى السيدة عائشة بنت جعفر الصادق بن محمد بن الباقر بن علي زين العابدين بن الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب، رضوان الله عليهم أجمعين. تنتمي السيدة عائشة إلى آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، مما يجعل المسجد الذي يحمل اسمها مكانًا مقدسًا ومحببًا في قلوب المسلمين، حيث يرتبط بعبق نسبها الشريف وروحانيتها العظيمة. تم بناء الجامع في عام 1176 هـ (1763 م) على يد الأمير عبد الرحمن كتخدا، أحد أشهر الشخصيات التي تركت بصمة واضحة في العمارة الإسلامية بمصر.
كان الجامع في بدايته صغيرًا، يتكون من قاعة بسيطة بصدرها محراب، وكان الدخول إليه يتم عبر باب يؤدي إلى هذه القاعة، بينما كان هناك باب آخر يقود إلى الضريح. مر جامع السيدة عائشة بعدة مراحل من التطوير والتجديد على مر العصور.
كان أبرز هذه الأحداث في عام 1970، عندما تم نقل موقع المسجد إلى الخارج قليلاً، وذلك لتوسعة الميدان وتيسير حركة المرور. وخلال عملية النقل، تم استخدام بعض العناصر المعمارية التي تبقت من مسجد أولاد عنان في ميدان رمسيس، مما أضاف إلى المسجد لمسة تاريخية مميزة. يمثل جامع السيدة عائشة مزيجًا فريدًا من البساطة المعمارية والروحانية العميقة. فعلى الرغم من صغر حجمه في البداية، إلا أن مكانته الروحية جعلته مقصدًا للزوار من مختلف أنحاء العالم الإسلامي.
ويُعد المسجد اليوم واحدًا من أهم المعالم الدينية في القاهرة، حيث يجذب الزوار الذين يبحثون عن السكينة والتقرب إلى الله، وكذلك أولئك المهتمين بتاريخ العمارة الإسلامية. لا يمكن الحديث عن جامع السيدة عائشة دون الإشارة إلى ميدان السيدة عائشة، الذي يُعد واحدًا من أكثر الأماكن حيوية في القاهرة.
يحيط الميدان بالجامع، ويشهد حركة دائمة من الزوار والمصلين، مما يعكس مكانة المسجد في قلوب المصريين. جامع السيدة عائشة ليس مجرد مكان للعبادة، بل هو جسر يربط بين الماضي والحاضر. يحمل في طياته قصصًا من التاريخ الإسلامي، ويعكس حب المصريين لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم.
إنه مكان يعبر عن روحانية المكان وعظمة التاريخ، ويظل شاهدًا على عبقرية العمارة الإسلامية وارتباطها الوثيق بالروح. في كل زاوية من زوايا جامع السيدة عائشة، تجد عبق الماضي وروحانية الحاضر، مما يجعل زيارته تجربة لا تُنسى لكل من يبحث عن الجمال الروحي والتاريخي في آنٍ واحد