الاستماع الفردي للموسيقى يعزز الصحة النفسية ويخفف الشعور بالوحدة.. دراسة نفسية

كشفت دراسة نفسية حديثة أجراها باحثون من جامعة بافالو الأمريكية عن تأثير عميق للموسيقى على الحالة النفسية، خصوصًا عند الاستماع إليها في عزلة. وأشارت النتائج إلى أن الاستماع الفردي للموسيقى لا يقل أهمية عن التفاعل الاجتماعي في تعزيز مشاعر الانتماء وتقليل الشعور بالوحدة.
الدراسة، التي نُشرت في مجلة Original Empirical Investigation، توصّلت إلى أن الموسيقى تعمل كـ"بديل اجتماعي" فعّال، يساعد في سد الفجوة العاطفية التي تتركها الوحدة، ويُعيد التوازن النفسي بطريقة تشبه التأثير الناتج عن العلاقات الاجتماعية الواقعية.
الموسيقى كبديل اجتماعي يحاكي التفاعل البشري
بحسب الباحثة الرئيسية "إلين بارافاتي"، فإن الموسيقى تُحفّز ثلاث آليات نفسية تُشبه أشكال التفاعل الاجتماعي:
- الارتباط بالفنان أو المغني كأنه صديق مقرّب.
- الانغماس في عالم اجتماعي متخيَّل من خلال كلمات الأغنية أو أجوائها.
- استحضار الذكريات والمشاعر المرتبطة بأشخاص أو مواقف سابقة.
هذه المحفزات الثلاثة تُعيد إلى المستمع شعورًا نفسيًا بالترابط والانتماء، حتى في غياب أي تفاعل اجتماعي حقيقي.
أغنيتك المفضلة... علاج نفسي فعّال
الدراسة بيّنت أن تأثير الموسيقى يكون أعمق عند الاستماع إلى الأغاني المفضلة، وليس مجرد أي موسيقى عشوائية. فالأغنية التي تُلامس وجدان الفرد وتستحضر ذكريات محببة، تُساعد في تجاوز مشاعر العزلة وتخفف من أثر الرفض الاجتماعي.
ولُوحظ أن هذا التأثير العاطفي يُشبه إلى حد كبير التفاعل مع صديق مقرّب أو مشاهدة محتوى ترفيهي مألوف، ما يجعل الأغاني المفضلة "أصدقاء نفسيين" في لحظات الوحدة.
دعوة للاهتمام بالعادات الصغيرة
توصي الدراسة بمراعاة تأثير العادات اليومية البسيطة، مثل اختيار الأغاني المناسبة، على الصحة النفسية، لا سيما في أوقات العزلة الاجتماعية. كما تُشجع على إجراء دراسات أعمق حول تأثير أنواع الموسيقى المختلفة، والفروقات الفردية في الاستجابة لها.
في ضوء ما كشفت عنه الدراسة، يتبيّن أن الموسيقى ليست مجرد وسيلة ترفيه، بل أداة فعّالة لدعم الصحة النفسية ومواجهة الشعور بالوحدة. وبينما نبحث جميعًا عن طرق لتخفيف ضغوط الحياة، قد تكون أغنيتنا المفضلة هي الجسر الهادئ الذي يُعيد التوازن إلى دواخلنا. لذا، لا تستهِن بقوة لحظة استماع صادقة، ولا تتردد في جعل الموسيقى رفيقك الصامت في دروب العزلة.