مفاجأة غير سارة .. الرجال أيضا يتعرضون للعنف الأسري | دراسة

الخطاب العام حول العنف الأسري يركز في الغالب على النساء كضحايا رئيسيين، إلا أن دراسة حديثة صادرة عن جامعة سايمون فريزر الكندية (SFU) كشفت عن جانب مظلم ومُهمَل في هذه الظاهرة، يتمثل في تعرض الرجال أيضًا لأشكال متعددة من العنف على يد شركائهم الحميمين، في ظل صمتٍ يفرضه غياب الدعم المجتمعي والوصمة الثقافية المرتبطة بالصورة النمطية للرجولة.
الدراسة، التي جاءت بعنوان: "فكرت في الانتحار، لكن جزءًا مني أصر على طلب المساعدة"، استندت إلى بيانات من إحصاءات كندا، إلى جانب مقابلات نوعية مع 16 رجلًا من الناجين من العنف الأسري.
وتوصلت إلى أن غالبية هؤلاء الرجال لجأوا إلى أساليب سلبية للتأقلم مع تجربتهم، من بينها الإنكار، العزلة، أو الانشغال المفرط بالعمل، وهو ما يعكس حالة من الصراع الداخلي العميق بين الألم النفسي وغياب المساحات الآمنة للبوح.
عنف غير تقليدي
وبحسب البروفيسورة ألكسندرا ليسوفا، المشاركة في إعداد الدراسة، فإن العنف الذي يتعرض له الرجال غالبًا ما يتخذ أشكالًا غير تقليدية، مثل العنف النفسي، والتهديد باستخدام القانون، والسيطرة على الحياة الاجتماعية والقرارات اليومية.
وتؤكد أن بعض النساء يلجأن إلى استغلال الصورة النمطية التي تصوّر الرجل كمعتدٍ دائمًا، فتستخدم عبارات مثل: "سأتصل بالشرطة وسيتم اعتقالك" كأداة تهديد فعالة، بسبب إدراكهن أن النظام القانوني والمجتمعي غالبًا ما يميل لتصديق المرأة في مثل هذه الحالات.
بنية تحتية غائبة
على الرغم من وجود مبادرات فردية مثل "مركز علاج الرجال" و"مركز كندا للرجال والعائلات"، فإن البنية التحتية الشاملة لدعم الرجال الناجين من العنف الأسري لا تزال شبه غائبة.
وتوضح أشلي أوكس، من منظمة PearlSpace، أن معظم البرامج والخدمات المتاحة صُممت تاريخيًا لدعم النساء، بينما لا تتوفر ملاجئ طارئة أو خطوط دعم كافية للرجال، ما يضاعف من عزلتهم وصمتهم.
ثقافة مجتمعية للضعف الذكوري
تواجه هذه القضية عقبة ثقافية عميقة تتمثل في النظرة المجتمعية التي تعتبر أن الرجل لا يجب أن يُظهر ضعفًا أو يطلب المساعدة. وتوضح الدراسة أن هذا التصور السائد يحرم العديد من الرجال من الحق في الحماية والتعافي، ويتركهم أسرى للعار والشعور بالذنب.
دعوة إلى إصلاح مفاهيم الدعم الأسري
تشدد الدراسة في ختامها على أهمية تطوير أنظمة دعم شاملة وعادلة لا تميز على أساس النوع الاجتماعي، إلى جانب العمل على إعادة تعريف مفاهيم الرجولة في الثقافة المعاصرة، بحيث يُنظر إلى طلب المساعدة كعلامة على القوة والنضج، وليس على الضعف أو الهزيمة.
واختتمت ليسوفا برسالة جوهرية:"عندما نقدم الدعم للرجال، فإننا لا نساعدهم وحدهم، بل نُسهم في بناء أسر صحية، وعلاقات إنسانية متوازنة، ونمنح الأجيال القادمة نموذجًا جديدًا للرجولة مبنيًا على التفاهم والدعم المتبادل."