عاجل

أم الدرداء الكبرى.. فقيهة المسجد التي علّمت النساء والرجال فى صدر الإسلام

 أم الدرداء الكبرى
أم الدرداء الكبرى

في سطور التاريخ الإسلامي، تبرز شخصية أم الدرداء الكبرى كواحدة من ألمع نساء الصحابة علمًا وحكمةً وتأثيرًا. لم تكن مجرد راوية حديث أو عابدة صالحة، بل كانت فقيهة بارعة، جلست تُعلّم وتُفتي في المسجد، في زمن كانت فيه المرأة نادرة الظهور في محافل العلم العامة.

الاسم والنسب والمكانة

اسمها هُجيمة بنت حيي الأوصابية، صحابية شامية من جيل الإسلام الأول، وعُرفت بلقب “أم الدرداء الكبرى” تمييزًا لها عن التابعية أم الدرداء الصغرى. عاصرت النبي محمد صلى الله عليه وسلم وروت عنه، وامتازت بعبادتها وفقهها الواسع.

فقيهة تفتي في المسجد

لم تكن أم الدرداء مجرد متلقية للعلم، بل كانت تُفتي وتُعلّم في المسجد، وتُدرّس الرجال والنساء على السواء، في صورة حضارية عظيمة للمرأة المسلمة في صدر الإسلام. وقد كانت حلقتها في مسجد دمشق من أبرز حلقات العلم، يُقصدها طلاب المعرفة من كل حدب وصوب.

عبد الملك بن مروان أحد تلاميذها

من أشهر من تلقّى العلم على يديها الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، الذي تربى في دمشق وتعلم في صغره منها، قبل أن يتولى الخلافة لاحقًا. وقد حفظ التاريخ أنه كان يجلّها ويستشيرها، مما يدل على مكانتها العلمية والاجتماعية الرفيعة.

العلم والزهد والعمل

تميزت أم الدرداء بأسلوبها التربوي الفريد، فلم تكن تكتفي بسرد الأحكام، بل كانت تدمج بين الفقه والزهد، وتُشدّد على العمل بالعلم. ومن أبرز أقوالها:
“إنكم لن تكونوا علماء حتى تكونوا متعلمين، ولن تكونوا متعلمين حتى تكونوا بما علمتم عاملين.”

كما كانت تُعلّم طلابها التواضع، وتحثهم على الرحمة والتقوى، وتربط العلم بأخلاق الإسلام الرفيعة.

صوت المرأة في زمن الكبار

ورغم أنها امرأة في مجتمع يغلب عليه الطابع الذكوري، إلا أن علمها وتقواها فرضوا احترامها على الجميع. جلست إلى جانب كبار الصحابة والتابعين، تُناقش وتفتي، دون أن تُمنع أو يُعاب عليها ذلك، فكان وجودها دليلًا على تقدير الإسلام للعلماء من الرجال والنساء على حد سواء.

إرث علمي خالد

تبقى أم الدرداء الكبرى، نموذجًا خالدًا للمرأة المسلمة التي جمعت بين العلم والورع، وبين الفقه والعمل، وبين التواضع والقيادة الفكرية، في وقتٍ كانت فيه تلك الصفات نادرة حتى بين الرجال. ويظل اسمها محفورًا في الذاكرة الإسلامية كواحدة من رائدات العلم والدعوة في الإسلام.

تم نسخ الرابط