في مواجهة الطغيان والشرك : أصحاب الكهف فتية صدقوا الله .. فأنجاهم بمعجزة خالدة

في واحدة من أروع القصص القرآنية التي تجمع بين الإيمان والثبات والنجاة، تروي سورة الكهف قصة مجموعة من الشباب آمنوا بالله في زمن ساد فيه الكفر والطغيان، لكن هؤلاء الفتية، رغم صغر سنهم، كانوا يرفضون ما عليه أهل بلدهم، في قلوبهم نورٌ من الإيمان، كانوا يجتمعون سرًا يتحدثون عن الله الواحد، وعن رفضهم للشرك والظلم، حتى جمعهم القدر وأعلنوا توحيدهم لله، وقرروا مواجهة المصير، وقالوا بجرأة: "رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، لَنْ نَدْعُوَا مِن دُونِهِ إِلَهًا".
علم الملك بأمرهم، فأمر بجلبهم إليه، ليُعرض عليهم العذاب أو التراجع، فقرروا الهروب بدينهم، هربوا من المدينة واختبئوا في كهفٍ مهجور على سفح جبل، ومعهم كلبهم الأمين الذي رافقهم في الرحلة ووقف على باب الكهف يحرسهم.
وفي داخل الكهف، رفعوا أكفّهم إلى السماء وقالوا: “رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً، وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا”.
ورغم مرور قرون طويلة على هذه القصة، إلا أنها ما زالت تُروى عبر الأجيال لما تحمله من دروس عظيمة حول قوة العقيدة، والصبر على البلاء، وحسن التوكل على الله
الملجأ الإلهي في الكهف
دخلوا الكهف وألقوا بأنفسهم في أحضان الغيب، قائلين: “فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ”.
وكانت المعجزة: ناموا. نعم، ناموا نومًا عميقًا، استمر ثلاثمائة سنة وازدادوا تسعًا، خلال هذه القرون الثلاثة، تبدّل الزمان، وتغيّرت الأحوال، وهلك الطغاة، وجاء زمنٌ جديد فيه حرية للدين والإيمان.
الصحوة العجيبة
وعندما استيقظوا، ظنوا أنهم ناموا يومًا أو بعض يوم، أرسلوا أحدهم إلى المدينة ليشتري طعامًا دون أن يشعر به أحد، ولكن المفاجأة كانت عظيمة: المدينة تغيرت تمامًا، والناس أصبحوا موحدين، والملك الظالم مات منذ قرون، وحتى العملة التي يحملها أصبحت قديمة جدًا!
رجع الفتى مذهولًا، وأخبر أصحابه، وانتشرت قصتهم، وتجمّع الناس حولهم، وأصبحت معجزتهم دليلًا حيًّا على قدرة الله عز وجل في حفظ عباده.
وبعدها، اختفى الفتية في الكهف من جديد، وترك الله قصتهم للناس آية وعبرة، وخلّدها في القرآن الكريم.
وبين دهشة الناس وذهولهم، اكتُشفت القصة، وأصبحت حديث المدينة، وعرف الناس أن هؤلاء الشباب نُجوا بقدرة الله، وأن الكهف كان ملاذًا حماهم فيه ربهم وخلّد ذكرهم
رسائل خالدة
قصة أصحاب الكهف تحمل رسائل عظيمة لكل زمان ومكان:
• أن الإيمان لا يُقاس بالعدد ولا بالقوة، بل بالصدق والثبات.
• أن الله يحفظ عباده الذين يُخلصون له، ويهيّئ لهم أسباب النجاة مهما كانت الظروف.
• أن من توكّل على الله، فتح له أبواب الفرج حتى من أضيق المداخل.