الأضحية بين الشعيرة والمنفعة.. ما حكم استخدام لبنها وصوفها قبل ذبحها؟

مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، تزداد الأسئلة الشرعية التي يطرحها المسلمون حول الأضحية، خاصةً فيما يتعلق بكيفية التعامل مع الأضحية قبل الذبح، وهل يجوز الانتفاع بشيء منها؟ ومن أبرز هذه الأسئلة التي تصدرت محركات البحث ومواقع التواصل الاجتماعي في الساعات الماضية ما حكم الانتفاع بلبن الأضحية وصوفها قبل ذبحها؟ وهل ذلك يؤثر على صحة الأضحية أو الثواب المرتبط بها؟.
في هذا التقرير، نستعرض الرأي الشرعي الذي أصدرته دار الإفتاء المصرية، ونوضح آراء كبار علماء الفقه حول هذا الموضوع، بما يساعد المسلمين على معرفة ما لهم وما عليهم، والحرص على أداء شعيرة الأضحية على أكمل وجه.
رأي دار الإفتاء في لبن وصوف الأضحية قبل الذبح
أكدت دار الإفتاء المصرية أن الأصل في الأضحية أنها مال مخصص للتقرب إلى الله تعالى، وبالتالي لا يجوز التصرف فيه بأي صورة تضر بهذه النية أو تنقص من الأضحية.
وأوضحت دار الإفتاء، أنه لا مانع شرعًا من الانتفاع بلبن الأضحية أو صوفها قبل الذبح، بشرط أن يتم ذلك بما لا يضر بالأضحية ولا يُنقص من قيمتها، مع التنويه أن الأفضل للمضحي أن يتصدق بما أخذه منها أو بقيمته، خروجًا من خلاف بعض الفقهاء الذين كرهوا هذا التصرف.
ماذا قال الفقهاء في حكم حلب الأضحية وجز صوفها؟
عند الرجوع إلى كتب الفقه نجد أن هناك تباينًا بين المذاهب الأربعة بشأن هذه المسألة:
- الحنفية والمالكية: يرون أن حلب لبن الأضحية أو جز صوفها يُكره، لأن الأضحية بمجرد نية الذبح تصبح مالاً مخصصًا لله، ولا يجوز الانتقاص منه، ومن فعل ذلك فعليه أن يتصدق بما أخذه منها أو يدفع قيمته للفقراء.
- الشافعية والحنابلة: أجازوا الحلب إذا كان هناك فائض من اللبن عن حاجة صغيرها، وأجازوا جز الصوف إذا كان بقاؤه يضر بالأضحية، مع اشتراط التصدق به.
هذه الأقوال تدل على أن الفقهاء متفقون على أهمية الحفاظ على الأضحية كاملة، لأن الانتفاع بجزء منها قد يخرجها عن مقصودها الأصلي، وهو أن تكون خالصة لله تعالى.
رأي العلماء المعاصرين
أكد العديد من العلماء المعاصرين أن الأفضل للمسلم أن لا ينتفع بشيء من الأضحية قبل الذبح، سواء من اللبن أو الصوف أو غير ذلك، إلا إذا دعت الحاجة، كأن يكون الحيوان يعاني من الحر بسبب كثافة الصوف، أو كانت كمية اللبن زائدة عن الحاجة.
وفي هذه الحالة، ينبغي للمضحي أن يتصدق بما أخذه أو يخرجه من قيمة مالية، حتى لا يكون هناك انتقاص من ثواب الأضحية، أو وقوع في مكروه شرعي.
اقرأ أيضًا: بين الحاجة والدَّين .. الإفتاء توضح حكم شراء الأضحية بالقرض البنكي
هل يؤثر ذلك على صحة الأضحية أو قبولها؟
أجمع العلماء أن الانتفاع بجزء من الأضحية قبل الذبح لا يبطل الأضحية ما دام الحيوان سليمًا ويُذبح في وقته الشرعي، ولكن الأفضل التورع وترك أي انتفاع قبل إتمام الذبح، حفاظًا على كمال العبادة.
وقد وضعت دار الإفتاء هذه القاعدة الفقهية بشكل واضح: "ما دام الانتفاع لا يُنقص من الأضحية ولا يخرجها عن كونها مخصصة لله، فلا حرج فيه، ولكن التصدق به أولى."
نصائح هامة للمضحين
في ضوء هذا الرأي، تقدم دار الإفتاء مجموعة من النصائح الهامة لكل من ينوي ذبح أضحية هذا العام:
- اجعل نيتك خالصة لله من اللحظة الأولى لاختيار الأضحية.
- لا تنتفع بشيء منها قبل الذبح إلا للضرورة، وإذا فعلت فاحرص على التصدق بما أخذته أو بقيمته.
- تأكد من سلامة الحيوان وصلاحيته للذبح وفقًا للضوابط الشرعية.
- ذبح الأضحية في الوقت المحدد شرعًا، وهو بعد صلاة العيد وحتى غروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق.