إيران والميليشيات العراقية
مفاوضات النووي.. إسرائيل: إيران مستعدة للتخلي عن فصائلها المسلحة في العراق

كشف موقع "Nziv" الإسرائيلي، المتخصص في الشؤون العسكرية، أن إيران أبلغت الولايات المتحدة استعدادها للتخلي عن دعم الميليشيات العراقية الموالية لها، وذلك ضمن إطار المحادثات النووية الجارية بين الجانبين، والتي تُعقد برعاية سلطنة عُمان.
وبحسب الموقع، فإن الجولة الثالثة من المحادثات بين طهران وواشنطن ستُعقد السبت القادم، وسط مؤشرات على استعداد إيراني فعلي للتخلي عن الجماعات المسلحة في العراق، وهو ما اعتبره التقرير تحولًا محوريًا في المفاوضات الجارية.
إعلان وقف الهجمات وتمهيد للتفكيك
أشار التقرير إلى أن الجماعات المسلحة العراقية كانت قد أعلنت في ديسمبر الماضي وقفًا مؤقتًا لهجماتها على المصالح الأمريكية في العراق والمنطقة، إضافة إلى إسرائيل. ولفتت تقارير إعلامية آنذاك إلى أن بعض الفصائل أبدت استعدادها لإلقاء السلاح والانضمام إلى القوات المسلحة العراقية، ما يعزز فرضية التمهيد لحل هذه الجماعات ضمن ترتيبات إقليمية أكبر.
ورغم امتلاك هذه الميليشيات لترسانة ضخمة من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، فإن الموقف الأمريكي الأخير يُظهر رغبة في تفكيك هذه التهديدات من خلال الوسائل الدبلوماسية، وفقًا لشهادات نقلها الموقع عن شهود وخبراء عسكريين.
وفي هذا السياق، اختتمت الولايات المتحدة وإيران جولة جديدة من المفاوضات في نهاية الأسبوع، دون أن يتم الكشف عن تفاصيل المواضيع الأخرى التي تم التطرق إليها بجانب الملف النووي الإيراني، وما إذا كانت هذه المحادثات قد شملت أيضًا قضية الميليشيات العراقية.

إيران أبلغت واشنطن
في تصريحات نُقلت عن الباحث العراقي رافد العطواني، المقرب من التيار الوطني الشيعي، أكد أن إيران أبلغت واشنطن رسميًا أن موضوع الفصائل المسلحة في العراق، ومن ضمنها الحشد الشعبي، هو "شأن داخلي" يخص الدول التي توجد فيها تلك الجماعات، ما يعني أن واشنطن عليها التفاوض مباشرة مع الفصائل نفسها إذا أرادت التوصل لاتفاقات معها.
وكشف العطواني، المعروف بقربه من التيار الوطني الشيعي بزعامة مقتدى الصدر، أن الولايات المتحدة أوقفت هجماتها، وكذلك فعلت إسرائيل، تجاه الميليشيات الموجودة في العراق، وذلك بعد محادثات أجرتها الحكومة العراقية مع واشنطن، في محاولة لإقناع تلك الفصائل بالتخلي عن السلاح ووقف أنشطتها التي تُوصف بالإرهابية في المنطقة.
ورغم ذلك، يرى العطواني، أن إيران لا تزال تحتفظ بنفوذ قوي يمكنها من السيطرة على تلك الجماعات المسلحة داخل العراق، سواء عبر تحريكها ميدانيًا أو الضغط عليها لإلقاء السلاح والانخراط في العملية السياسية والأمنية العراقية.
وتُشكل هذه الفصائل جزءًا من قوات الحشد الشعبي، والتي تضم أكثر من 70 ميليشيا معروفة، إلى جانب عشرات الجماعات الأخرى الأقل شهرة، والتي أشرف على تدريبها ودعمها الحرس الثوري الإيراني، لا سيما من خلال "فيلق القدس"، الذراع الخارجية له.

جهود نزع السلاح
وفي يناير الماضي، صرح وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين لوكالة "رويترز" بأن الحكومة العراقية تبذل جهودًا لإقناع هذه الفصائل، التي تُعرف بولائها لإيران، بإلقاء أسلحتها أو الانضمام إلى قوات الأمن الرسمية.
ومن المهم الإشارة إلى أن الفصائل المسلحة العراقية ليست كلها موالية لإيران، إذ يشير العطواني، إلى أن هناك عدة تصنيفات لتلك الجماعات، فبعضها منضوٍ تحت راية الحشد الشعبي، وبعضها خارجه، وهناك فصائل تتبع للأحزاب السياسية أو المرجعيات الدينية، بينما ينتمي البعض الآخر إلى وزارة الدفاع من دون أن يكون جزءًا من الحشد الشعبي، ويُعرف هذا النوع باسم "الحشد المقدس".
وتوقع العطواني أن يتم التوصل خلال الأيام المقبلة إلى صيغة معينة لدمج الحشد الشعبي في مؤسسات الدولة، سواء في الجيش أو قوات وزارة الداخلية أو باقي الأجهزة الأمنية.
وأكد أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أبلغ بعض الجماعات المسلحة، التي ترغب في التحالف معه انتخابيًا، بأن الجانب الأمريكي أبلغه بأن المرحلة المقبلة يجب أن تكون خالية من السلاح الخارج عن سيطرة الدولة.

وأشار العطواني، إلى أن السوداني يسعى شخصيًا إلى حل هذه الإشكالية الكبيرة المتمثلة في السلاح غير الشرعي، وهو ما أكدته مصادر أمريكية أيضًا، مشيرة إلى أن رئيس الوزراء يريد فرض سلطة حكومته على تلك الجماعات المسلحة.
وفي الوقت ذاته، حذر العطواني، من أن أي عمل عسكري تقوم به الفصائل قد يتسبب في تداعيات خطيرة على العراق، منها فرض عقوبات اقتصادية، أو حتى تدخل عسكري مباشر.
ولهذا يؤكد ضرورة نزع سلاح هذه الفصائل بشكل نهائي، مشيرًا إلى وجود تنسيق مستمر بين الولايات المتحدة وإسرائيل، حيث يعتمد أحد الطرفين على التفاوض، فيما لا يتردد الطرف الآخر في استخدام القوة إن لم يحدث تقدم حقيقي في ملف نزع السلاح.