البلشي يوجه رسالة للجمعية العمومية في نهاية دورته الانتخابية

وجه خالد البلشي، نقيب الصحفيين، كلمة للجمعية العمومية، في نهاية دورته الانتخابية، قائلا: أكتب هذه الكلمات مع نهاية دورتي النقابية، بينما عاد معنى نقابة الصحفيين، وعظمتها، وعظمة جمعيتها العمومية ليتجسد في حضور كبير في قضايا المهنة والمجتمع، بعد توقف استمر لسنوات، ظهر ذلك بشكل واضح في فعاليات عدة.
زميلاتي وزملائي وأساتذتي
لقد كانت خطتنا مع بداية هذه الدورة النقابية أن نسعى لاستعادة هذه المهنة، واستعادة نقابتنا بيتًا لكل الصحفيين، نعيد للمبنى رونقه ومعناه، وللمهنة قوتها وتأثيرها، في خطين متوازيين، كانت البداية بالمبنى، فتم فتح أبوابه بمعاونة الزميل جمال عبد الرحيم وكل الزملاء بالمجلس، وبمعاونة الفريق الإداري بالنقابة، وتم استعادة كل الأنشطة فيه، وتم إحياء ما توقف لسنوات لأسباب مختلفة.
ظهر ذلك في العديد من نشاطات النقابة، ولجانها المختلفة، ففي البداية كان علينا العمل على استعادة روح مبنى نقابة الصحفيين كبيت لكل الصحفيين، وتجديد خدماته من الداخل، وإعادته فتيًا على نحو ما بدأه بناة هذا الصرح، فاسمحوا لي، أن أشكر مَن سعى لبناء هذا الصرح الأستاذ إبراهيم نافع ومجلس النقابة في وقته، ومَن عاون في استكمال البناء في مجلس الأستاذ مكرم محمد أحمد، قبل أن يعود الأستاذ إبراهيم نافع نقيبًا لافتتاحه.
كما بدأنا بالتوازي مع ذلك في الإعداد لمشروع ضخم، ربما يشكل علامة فارقة في تاريخ الصحافة المصرية، وهو بناء الأرشيف الرقمي للصحافة المصرية منذ عهد محمد علي وحتى اليوم مستعينين بما لدى النقابة من كنوز كاد الزمن ينال منها لنبني أرشيفًا رقميًا لأكثر من 1000 صحيفة صدرت في تاريخ هذا البلد، وأرشيفًا لمبدعيها وصحفييها ونضالهم عبر التاريخ ولصورها النادرة في مشروع يحاول استعادة عظمة هذه المهنة، ويؤرخ لمحطاتها المختلفة. فشكرًا لكل القائمين على هذه المشروعات، شكرًا لكل أعضاء المجلس، ولفريق العمل بالنقابة، وللقائمين على تنفيذ هذا المشروع بقيادة الدكتور خالد عزب.
إن سعينا لإحياء المبنى لم يقف عند حد الشكل، ولكنه امتد أيضًا للمعنى، وللخدمات داخله، واستعادة روحه كبيت للصحفيين من خلال الإفطارات الجماعية، وعودة المبنى لاستضافة العديد من الفعاليات الاجتماعية والثقافية، وكذلك عدد من الحفلات الكبيرة، فضلًا عن فعاليات مناصرة فلسطين ومناهضة العدوان الصهيوني على غزة، كما امتد الأمر للخدمات التي يتم تقديمها للزملاء الصحفيين.
كما تم استعادة الأنشطة المختلفة، فتم توفير 630 شقة للزملاء الصحفيين، بخلاف 300 شقة جديدة بالتعاون مع زملاء من الجمعية العمومية كما جرى التفاوض على توفير 750 شقة أخرى خلال الفترة القادمة، وسعينا لإحياء مشروع المدينة السكنية للصحفيين بجهود دؤوبة.
ولعل ما تم في مركز التدريب داخل نقابة الصحفيين أحد الشواهد على ما جرى، وأحد الشواهد الكبرى على التعاون بين المجالس المختلفة لإكمال مسيرة البناء ومواجهة التحديات، فلقد بدأ المركز كفكرة وضع أسس لبناتها الأولى في عهد الأستاذ يحيى قلاش ومجلس النقابة وقتها، بعد تواصل جاد مع مؤسسة الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، والاتفاق على تطوير دورين كمركز تدريب ونادٍ اجتماعي.
ثم جاء الأستاذ عبد المحسن سلامة ومجلس النقابة في 2017م، ليستكمل مسيرة البناء والتطوير، وبعد أن تم الاستغناء عن مشروع النادي الاجتماعي واستبداله بتطوير الكافيتريا في الدور الثامن، تم استكمال بناء المركز ليخرج في أبهى صوره، وليتم افتتاحه خلال دورة المجلس بحضوره وممثلين عن مجلس النقابة، ولكن جاءت الظروف والأحداث بما لا تشتهي سفن البناء، لأسباب متفاوتة نتيجة تجمد العمل داخل المبنى لتتجمد غالبية أنشطة المركز لسنوات.
فجاء المجلس الحالي ليكمل ما بدأه سابقوه، ويصلح ما أفسده الدهر والتوقف، وتم ذلك كله من خلال لجنة التدريب، وبالاستعانة بواضع لبناته الأولى جمال غيطاس، فأعاد له رونقه، واستعاد وظيفته كاملة، فتم إحياء الأستوديوهات بعد إغلاقها لسنوات.
فشكرًا للأستاذ يحيى قلاش ومجلس النقابة في عهده، الذي وضع البذرة وبدأ البناء، وشكرًا للأستاذ عبد المحسن سلامة ومجلس النقابة في عهده على إتمام المسيرة وخروج المركز للنور، وشكرًا لكل مَن عاون في استعادة هذا المكان، واستعادة دوره وروحه وحيويته في المجلس الحالي، شكرًا لكم جميعًا.
زميلاتي وزملائي وأساتذتي
إن هذا التعاون، وهذا التكامل بين المجالس، هو النموذج الذي اخترنا أن نحتذيه في كل خطواتنا، متجاوزين مراحل الشد والجذب، فاستدعينا جميع أطراف المهنة في كل تفاصيلنا، وفي سعينا لاستعادة قوتها الناعمة، لا نفرق بين فريق وآخر، وكان الهدف أن يتم فتح الأبواب للجميع، وحاولنا ذلك من خلال المؤتمر العام السادس للصحفيين، الذي اعتبرناه فرصتنا جميعًا لنتحد على كلمة واحدة ورؤية متكاملة تعبر عنا جميعًا، بمختلف تنوعاتنا لا نفرق بين رؤية وأخرى، ولا بين فريق وفريق، وكان هدفنا وضع خارطة مستقبل يليق بهذه المهنة وبالأجيال القادمة.
لقد حاولنا في ملفات الحبس، فحققنا بعض النجاحات في البداية ليخرج ما يقرب من 11 زميلًا من غياهب الحبس، ويتم إغلاق الباب الدوار لدخول محبوسين جدد لأكثر من عام كامل، واعتبرنا ذلك تعبيرًا عن إرادة سياسية لإنهاء هذا الملف المؤلم لنا جميعًا، لكن مع بدايات العام الثاني في عمر المجلس عاد الباب ليدور بشكل عكسي لإدخال محبوسين جدد، وبعد أن تراجع عدد المحبوسين من الصحفيين من 30 زميلًا إلى 19 زميلًا، ارتفع العدد مرة أخرى ليصل إلى 24 زميلًا محبوسًا في انتكاسة لكل هذه الجهود، خاصة أن 15 زميلًا من بين المحبوسين تجاوزت فترات حبسهم الاحتياطي عامين كاملين، وبعضهم استطالت فترات حبسه الاحتياطي لتصل إلى خمس سنوات، ويكفي تطبيق القانون الحالي ومراجعة أوضاعهم لإطلاق سراحهم فورًا، لكن مع نهاية العام عاد الأمل من جديد، مع حكم ببراءة الزميل حسن القباني من حكم غيابي بالمؤبد، وكذلك مع انهاء قضية اثنين من الزملاء ضمن المعفو عنهم من أهالي سيناء.
أساتذتي وزملائي الأعزاء
ومثلما عملنا على ملفات حرية الصحافة وتطوير بنيتها التشريعية، فإننا سعينا أيضًا لفتح كل ملفات المهنة، فذهبنا إلى كل الأطراف، ولم نترك بابًا مفتوحًا أو منصة لقول كلمتنا إلا وطرقناها، وجعلنا عمادنا هو التفاوض والتعاون مع كل الأطراف، ومثلما حققنا بعض النجاحات في ملفات الحبس والحجب في البداية، سعينا بكل قوة وبالتعاون مع مؤسسات الدولة المختلفة، وعلى رأسها الهيئة الوطنية للصحافة، برئاسة المهندس عبد الصادق الشوربجي لإطلاق خطة لإحياء المؤسسات القومية واستعادة شبابها، كان على رأس ما تم بها وضع خطة لتعيين المؤقتين وبدأت خطوات تنفيذها الفعلي وصارت على مشارف الاكتمال بجهود الهيئة الوطنية للصحافة، وتعاون مستمر مع نقابة الصحفيين.
الزملاء الأعزاء
لقد كان إدراكنا منذ البداية أن الطريق للبناء الجديد أو لتصحيح الأوضاع هو الإحاطة بحجم أزمتنا وإدراك جميع أبعادها، فعملنا على توصيف حالنا عبر تواصل مستمر مع كل الأطراف وعبر أبواب مفتوحة لجميع الزملاء، كانت طريقنا لإدراك عمق الأزمة، التي وصلنا إليها، ربما يدرك جميعنا أسباب الأزمة ومسبباتها وتوصيفها، لكن ما رأيناه عبر الأبواب المفتوحة على أنات الزملاء كان أعمق، وكان علينا أن نطرح ونصيغ ذلك بطريقة علمية وعملية، فنفذنا استبيانًا هو الثاني في تاريخ النقابة شارك فيه 1568 زميلًا وزميلة، لقياس ما وصلنا له، وتوصيف أوضاعنا بشكل علمي، وكذلك طرح رؤية أصحاب الأزمة للحلول.
ورغم جهود زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا، التي أسفرت عن زيادته مرتين بواقع 900 جنيه، خلال الدورة الحالية، إلا أن نتائج الاستبيان جاءت لتعزز المطالب الخاصة بالجماعة الصحفية بضرورة زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا بصورة دورية دون ربطه بانتخابات النقابة، وهو المطلب الذي رفعه مجلس النقابة للحكومة مطالبًا بزيادة 30 % تناسب حجم التضخم، وجاء رد مجلس الوزراء الذي وصل للنقابة في خطاب رسمي موجهًا لوزارة المالية، بدراسة طلب النقابة، الذي أكدنا ضرورة تضمينه ضمن الحزمة الاجتماعية، التي أعلن عنها رئيس الجمهورية، وبدأت الحكومة في وضع الإجراءات التنفيذية وهو ما خرج وزير المالية مؤخراً ليطمئن الجميع أنه صار قيد التنفيذ.
زميلاتي وزملائي
لقد حاولنا قدر إمكاننا عبر أبواب مفتوحة للجميع، وعقول منفتحة على كل الآراء، وحرص على التنوع ومشاركة جميع الأطراف وطرقنا كل السبل لحل مشاكلنا في خطوط متوازية، ربما نجحنا في بعض خططنا، وربما أخفقنا في بعضها، ولكننا خطونا خطوات على طريق نراه طويلًا، وسيظل على مجالس النقابة استكمال هذا البناء وصولًا لاستعادة المهنة كصوت للناس، وسلطة رابعة تناقش وتحذر، وتكشف مكامن الخطر في المجتمع لتضيء الطريق للمستقبل.