بعد وفاته.. ننشر أبرز المعلومات والمواقف الإنسانية للبابا فرنسيس
بعد وفاته.. مواقف البابا فرنسيس الإنسانية وإرثه وأبرز المرشحين لخلافته

في بيان رسمي صدر صباح اليوم الإثنين، 21 أبريل 2025، أعلن الفاتيكان وفاة البابا فرنسيس عن عمر ناهز 88 عامًا، بعد رحلة طويلة مع المرض، وجاءت وفاته عقب ساعات من ظهوره الرمزي الأخير، حين ألقى أحد مساعديه كلمته نيابة عنه من شرفة كاتدرائية القديس بطرس، خلال مراسم "عيد الفصح"، وجه خلالها رسالة مؤثرة دعا فيها إلى وضع حد للنزاعات خاصةً على ما يجري في قطاع غزة، حيث وصف الحرب الإسرائيلية هناك بأنها تمعن في سفك الدماء وتهدد البشرية بـ"كارثة إنسانية لا تُحتمل"، لذا يتساءل الكثيرون عن مواقف البابا فرنسيس الإنسانية.
وسنستعرض لكم متابعي وزوار موقع «نيوز رووم»، خلال التقرير التالي، مواقف البابا فرنسيس الإنسانية وإرثه وأبرز المرشحين لخلافته، بالإضافة إلى تفاصيل الساعات الأخيرة في حياته.
من هو البابا فرنسيس بابا الفاتيكان؟
البابا فرنسيس بابا الفاتيكان هو الزعيم الروحي للكنيسة الكاثوليكية في العالم، وكان يشغل منصب بابا الفاتيكان منذ عام 2013 حتى وفاته اليوم، ويعد شخصية استثنائية ومؤثرة على المستوى الديني والإنساني والسياسي، وهو أول بابا من أمريكا اللاتينية، وأول بابا من رهبنة اليسوعيين، وأول من يحمل اسم "فرنسيس"، وهذه أبرز المعلومات عنه:-
- وُلد البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، المعروف قبل بابويته باسم خورخي ماريو برغوليو، عام 1936 في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، وسط عائلة متواضعة من جذور إيطالية، كان الابن الأكبر في أسرة تضم 5 أبناء، ونشأ في بيئة بسيطة، عشق خلالها كرة القدم، وبدأ دراسته في مجال الكيمياء قبل أن يتجه إلى الحياة الدينية بعد تجربة مرضية قاسية في رئتيه، كانت نقطة تحوّل غيرت مسار حياته الروحي.

- في عام 1958، التحق بالرهبنة اليسوعية، ليصبح لاحقًا أول يسوعي في التاريخ يتولى منصب بابا الفاتيكان، وأول رجل دين غير أوروبي يتبوأ الكرسي الرسولي منذ أكثر من ألف عام، ما عُدّ حينها خطوة فارقة في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية.
- رُسم كاهنًا عام 1969، وسرعان ما تولى قيادة الرهبنة اليسوعية في بلاده خلال فترة سياسية عصيبة بين عامي 1973 و1979، حيث كانت الأرجنتين تحت الحكم العسكري، وخلال تلك المرحلة، واجه اتهامات بشأن صمته عن الانتهاكات، لكنه دافع عن نفسه مؤكدًا أنه حاول، ضمن إمكانياته المحدودة، حماية رجال الدين والمعتقلين عبر الوسائل المتاحة.
- في عام 1998، تم تعيينه رئيسًا لأساقفة بوينس آيرس، وبرز كقائد ديني قريب من الناس، يتنقّل بوسائل النقل العامة، ويعيش حياة بسيطة، رافضًا الامتيازات الرسمية، وفي عام 2001، رقّاه البابا يوحنا بولس الثاني إلى رتبة كاردينال، ما مهّد له طريق التأثير الأكبر في الكنيسة العالمية.
- خلال سنوات خدمته، عُرف بمواقفه الصارمة تجاه الفساد السياسي والاجتماعي، ودخل في مواجهات مباشرة مع السلطات الأرجنتينية، خاصة خلال فترة حكم نستور كيرشنر ثم كريستينا فرنانديز تولى رئاسة مجلس الأساقفة الكاثوليك في الأرجنتين عام 2005، ولم يتردد في الاعتراف علنًا بتقصير الكنيسة إبان سنوات القمع العسكري، في موقف اعتُبر شجاعًا ونال احترامًا عالميًا.
توليه البابوية ومشواره الإصلاحي
- في يوم 13 مارس 2013، وبعد استقالة مفاجئة وغير معتادة للبابا بنديكتوس السادس عشر، اختار مجمع الكرادلة خورخي ماريو برغوليو ليصبح الحبر الأعظم الجديد، في واحدة من أسرع عمليات الانتخاب البابوي التي شهدها الفاتيكان، لحظة تنصيبه كانت مفصلية، ليس فقط لكونه أول بابا من خارج أوروبا منذ أكثر من ألف عام، بل لأنه اختار اسم "فرنسيس" لأول مرة في تاريخ البابوية، مستلهمًا شخصية القديس فرنسيس الأسيزي، الذي جسّد قيم التواضع والرأفة وخدمة الفقراء.
- منذ لحظة ظهوره على شرفة كاتدرائية القديس بطرس، بدأ مسارًا إصلاحيًا غير تقليدي، تمثل في محاولات جدية لتجديد بنية الكنيسة من الداخل، لا سيما عبر إصلاح الكوريا الرومانية، الجهاز الإداري للفاتيكان، الذي طالته اتهامات بالبيروقراطية والفساد، وشكّل مجلسًا استشاريًا من الكرادلة لمساعدته في إعادة هيكلة الحوكمة الكنسية، وأصر على إرساء مبدأ الشفافية.
مواقف البابا فرنسيس الإنسانية
وهناك العديد من مواقف البابا فرنسيس الإنسانية التي تتسم على مدار حياته الطويلة بالتسامح والدعوة لإحلال السلام في جميع أنحاء العالم، ونستعرض في سياق هذه السطور أبرز مواقف البابا فرنسيس الإنسانية.
البابا فرنسيس يدعو لإنهاء الحرب على غزة
في ظهوره الأخير، والذي حُفر في ذاكرة العالم، أطل البابا فرنسيس بابا الفاتيكان يوم الأحد من شرفة كاتدرائية القديس بطرس بالفاتيكان خلال قداس عيد الفصح، حيث حملت كلماته رسالة إنسانية عميقة وسط صمت صحته المتدهورة، إذ لم يتمكن من الحديث بنفسه، فألقى أحد مساعديه الكلمة نيابة عنه بينما جلس هو بهدوء، يراقب الحشود بوجه شاحب ونظرة محمّلة بالقلق.
وجه البابا نداءً قويًا إلى المجتمع الدولي، مطالبًا بإنهاء الحرب الجارية على غزة، التي وصفها بأنها تزرع "الدمار والموت" وتترك خلفها “وضعًا إنسانيًا مخجلًا ومؤلمًا”، وأعرب عن تضامنه مع سكان القطاع، لا سيما المسيحيين منهم، مؤكدًا قربه الروحي من معاناة الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي. وقال في كلمته: "أدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، الإفراج عن الرهائن، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية لمن يكافحون للبقاء في وجه الجوع والخراب، ويطمحون لحياة يسودها السلام".
التقارب بين الأديان وتعزيز الحوار
وفي مشهد وصفه كثيرون بأنه لحظة فارقة في تاريخ العلاقات بين الأديان، اجتمع البابا فرنسيس بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب في العاصمة الإماراتية أبوظبي، يوم 4 فبراير 2019، لتوقيع وثيقة "الأخوة الإنسانية"، التي شكّلت إعلانًا رمزيًا وقيميًا يدعو إلى بناء جسور بين الشعوب والأديان، بعيدًا عن خطاب الكراهية والانقسام.
جاءت هذه الوثيقة ثمرة لحوار طويل ومفتوح بين اثنين من أبرز الرموز الدينية في العالم، حملت رؤى مشتركة نحو تعزيز قيم التفاهم، والعيش المشترك، والاحترام المتبادل، لم تكن مجرد وثيقة رسمية، بل ميثاقًا إنسانيًا يتجاوز الانتماءات، ويمد يده للمتدين وغير المتدين على حد سواء، في دعوة إلى تجاوز الصراعات، ورفض العنف والتطرف، وبناء عالم أكثر رحمة وعدالة.
وقد مثّلت الوثيقة نقطة التقاء رمزية بين الشرق والغرب، وتأكيدًا على أن الإيمان الحقيقي، أيًا كان مصدره، يجب أن يكون قوة توحيد لا تفريق، قوة ترفع الإنسان وتجعله أكثر وعيًا بوحدة مصيره مع الآخرين.
ولم تتوقف خطوات البابا فرنسيس عند هذا الحد؛ ففي مارس 2021، قام بزيارة غير مسبوقة إلى العراق، التقى خلالها المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني، في مشهد آخر عابر للحواجز، وجسّد التزامه العميق بالحوار بين الأديان، كما سبق له عام 2016 أن عقد لقاءً تاريخيًا مع البطريرك كيريل، رأس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، في كوبا، ليكسر صمتًا استمر منذ الانشقاق الكنسي الكبير في القرن الحادي عشر.

القضايا الأخلاقية والاجتماعية
وكان صوت البابا فرنسيس دائمًا حاضرًا في القضايا التي تمس كرامة الإنسان وحقوقه الأساسية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمهاجرين واللاجئين، حيث شدد مرارًا على ضرورة استقبالهم بروح من الإنسانية والاحترام، مؤكدًا أن دعمهم واجب أخلاقي قبل أن يكون سياسيًا، وفي عام 2020، عبّر عن رؤيته الشاملة لعالم أكثر عدلًا وتعاونًا من خلال رسالته العامة "كلنا إخوة"، التي طرح فيها مفهوم الأخوّة كقاعدة لعلاقات إنسانية تتجاوز الحدود والهويات الضيقة.
في موقفه من التفاوت الاجتماعي والفساد، لم يُجامل البابا، بل وصف النظام الاقتصادي الذي يصنع الفقر ويُهدر الموارد بأنه "قاتل"، رافضًا بشدة المفارقة بين وفرة الطعام في بعض الأماكن والمجاعة في أخرى، وأكد أن كل إنسان يستحق أرضًا يعيش عليها، وسكنًا يأويه، وعملًا يصون كرامته. أما الفساد، فقد وصفه بلهجة حاسمة بأنه "روائح كريهة تنبعث من منظومة مأزومة أخلاقيًا".
وفي ملف الحروب، عبّر عن قناعته الراسخة بأن الصراع المسلح لا يُنتج سوى الخسائر، مؤكدًا أن الحروب لا تُعد انتصارًا، بل هي انكسار للقيم وخذلان للإنسانية، وضربة قاسية للسياسة حين تعجز عن أن تكون لغة حوار وسلام.
موعد بدء انتخاب بابا جديد بعد وفاة البابا فرنسيس
أعلن الفاتيكان، في بيان رسمي مُصوَر، اليوم الاثنين، بداية عملية انتخاب بابا جديد خلال أسبوعين إلى 3 أسابيع.
أبرز المرشحين لخلافة البابا فرنسيس بعد وفاته.. 5 أسماء
وهناك 5 أسماء مُرشحة لخلافة البابا فرنسيس بعد وفاته، وهم كالتالي:-
1- الكاردينال بيترو بارولين.. أمين سر الفاتيكان ورجل الاعتدال والخبرة الدبلوماسية
ويعد الكاردينال بيترو بارولين، البالغ من العمر 70 عامًا، أحد أبرز الشخصيات في هيكل الفاتيكان، حيث يشغل منصب أمين الدولة منذ عام 2013، وهو المنصب الأعلى بعد البابا في التسلسل الإداري، ينحدر بارولين من منطقة فينيتو بشمال إيطاليا، وقد برز اسمه في الأوساط الكنسية والدبلوماسية كشخصية متزنة بعيدة عن الاصطفافات الإيديولوجية، مما منحه سمعة الرجل الهادئ الذي يميل إلى الحوار والتوافق بدلاً من الانحياز السياسي.
وفي حديث له مؤخرًا مع صحيفة L’Eco di Bergamo الإيطالية، تناول بارولين التطورات الجيوسياسية العالمية بنبرة تعكس نهجه المعتدل، حيث شدد على أن السلام لا يتحقق بفرض الإرادة على الآخرين، بل من خلال احترام الشعوب وحقوقها، وقال بوضوح: "الكل مدعو للمساهمة في بناء السلام، لكن حين تُفرض الحلول بشكل أحادي وتُدهس إرادة الأمم، فإننا لا نصنع سلامًا، بل نهيئ لصراع جديد"، في إشارة صريحة إلى خطورة الاستقواء السياسي على حساب العدالة.

2- الكاردينال بيتر إردو.. صوت المحافظين
ويعتبر الكاردينال بيتر إردو، البالغ من العمر 72 عامًا، من أبرز الشخصيات المحافظة داخل الكنيسة الكاثوليكية، وعُرف بمواقفه الصارمة، حيث عارض بشدة السماح للكاثوليك المطلقين أو المتزوجين مرة أخرى بالمشاركة في المناولة المقدسة، مؤكدًا على رؤيته الثابتة بأن الزواج لا يمكن أن يكون قابلاً للتحلل، كما أعرب عن موقفه الحاد بشأن قضية اللاجئين، حيث أبدى مقارنة مثيرة للجدل بين استقبالهم و"اتجار البشر"، وتم تعيينه كاردينالًا في عام 2003 من قبل البابا يوحنا بولس الثاني، ليصبح أحد الشخصيات المؤثرة في السياسة الكنسية.

3- الكاردينال لويس أنطونيو تاغلي.. أول بابا آسيوي محتمل
وعلى الرغم من كونه الكاردينال الفلبيني السابع في التاريخ، إلا أن الكاردينال تاجلي (67 عامًا) يُعتبر مرشحًا قويًا ليكون أول بابا آسيوي في تاريخ الكنيسة، ويشغل حاليًا منصب نائب رئيس القسم الأول في مجمع التبشير، حيث تم تعيينه كاردينالًا من قبل البابا بنديكتوس السادس عشر، وقد عُرف بتوجهاته المعتدلة والتي تتماشى مع السياسات التقدمية التي ينتهجها البابا فرنسيس، إذ انتقد بشدة مواقف الكنيسة تجاه قضايا مثل حقوق المثليين، الأمهات العازبات، والكاثوليك المطلقين أو المتزوجين مرة أخرى.

4- الكاردينال ماتيو زوبي.. رجل المهمات الصعبة
ويعتبر الكاردينال البالغ من العمر 69 عامًا من أبرز الشخصيات المقربة للبابا فرانسيس، ويترأس منذ مايو 2022 مؤتمر الأساقفة الإيطاليين، وتم تعيينه كاردينالًا في عام 2019 من قبل البابا فرانسيس، ومنذ ذلك الحين تم تكليفه بعدد من المهام الدولية الهامة، فقد زار أوكرانيا في مهمة تهدف إلى تعزيز السلام، حيث التقى بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، رغم أنه لم يلتقِ بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، كما قام بزيارة إلى الولايات المتحدة للقاء الرئيس الأمريكي آنذاك، جو بايدن.

5- الكاردينال ريموند ليو بيرك
ويعتبر ريموند ليو بيرك من أبرز الأصوات التقليدية داخل الكنيسة الكاثوليكية، حيث يُصنف كاردينالًا محافظًا في معظم مواقفه، ووُلد في ولاية ويسكونسن الأمريكية، وكان قد عُين كاردينالًا في عام 2010 من قبل البابا بنديكتوس السادس عشر، واشتهر "بيرك" بمعارضته العلنية للتوجهات الليبرالية التي أطلقها البابا فرانسيس، لا سيما في ما يتعلق بمسألة السماح للأزواج المطلقين والمتزوجين مجددًا بتلقي القربان المقدس، كما انتقد بشكل قاطع التغييرات التي أجرتها الكنيسة في مواقفها من القضايا مثل وسائل منع الحمل الاصطناعية، والزواج المدني، والمثليين، واصفًا اللغة الجديدة التي تبنتها الكنيسة بأنها "مشكوك فيها" وغير مناسبة.

كيفية الانتخاب
وتنص لوائح المجمع، على وجود 138 ناخبًا من بين 252 كاردينالًا، لا يجوز المشاركة في التصويت السري في كنيسة "سيستين" إلا لمن هم دون الـ80 عامًا، وسيتم إجراء 4 جولات من التصويت يوميًا، حتى يحصل أحد المرشحين على ثلثي الأصوات، وعادة تستغرق العملية ما بين 15 إلى 20 يومًا.