40 عامًا من العلاقات العمانية الروسية
سلطان عمان يزور روسيا غدا لتعزيز التعاون بين البلدين

تواصل سلطنة عُمان بقيادة السُّلطان هيثم بن طارق تطوير مجالات التعاون والشراكة مع مختلف دول العالم، وسيقوم سلطان عمان غدٍا الاثنين بزيارة إلى روسيا الاتحادية وتعتبر هذه الزيارة واحدة من أهم المحطات لتعزيز المصالح المشتركة بين البلدين سيما في الجوانب الاقتصاديّة والتجاريّة والاستثماريّة ومجالات الطاقة والطاقة المتجدّدة.
وتعكس القمّة المُرتقبة التي ستجمع بين سلطان عُمان والرئيس فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحادية بالكرملين في موسكو رغبة البلدين الصديقين في الدفع بمصالحهما المشتركة نحو تطوير استراتيجيات الشراكات خاصة وأنهما يحتفلان في هذا العام بمرور ٤٠ سنة على تأسيس العلاقات الدبلوماسية في 26 سبتمبر 1985م.
وقد اتّسمت العلاقاتُ السياسيّة بين البلدين الصديقين تجاه عدد من القضايا الإقليميّة والدوليّة المُعاصرة بالصّدق والشفافية ووصلت إلى مرحلة من الثقة المتبادلة في التشاور وتبادل وجهات النظر حيالها، انعكس هذا الحراك عبر الاتصالات الهاتفية بين قادة البلدين وزيارات الوفود الرسميّة رفيعة المستوى والوفود الرسميّة الأخرى المتبادلة بالإضافة إلى اجتماعات المشاورات السياسيّة والبرلمانيّة التي تعقد بشكل مستمر في مسقط وموسكو ومن أبرزها لقاء " ذي يزن بن هيثم آل سعيد" وزير الثقافة والرياضة والشباب العمانى، الرئيس فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحادية بموسكو، والذي أكد خلاله على مجالات تعاون الواعدة بين البلدين الصديقين وخاصة الطاقة والسياحة.
وتجاوز حجم التبادل التجاري بين سلطنة عُمان والاتحاد الروسي بنهاية عام 2024م نحو 133 مليونًا و108 آلاف ريال عُماني أي ما يعادل أكثر من 346 مليون دولار أمريكي؛ وتتمثل أهم الصادرات العُمانية في المنتجات المعدنية ومنتجات النيتروجين والفوسفور والبوتاسيوم، بينما تشمل الواردات الروسية المنتجات الحديدية ومنتجات غذائية كخضراوات وغيرها.
وبلغ عدد الشركات المسجلة التي بها إسهامٌ روسيٌّ بسلطنة عُمان حتى عام 2024م حوالي 277 شركة، بقيمة إجمالية تبلغ أكثر من 11.6 مليون ريال عُماني أي بنسبة 84.6 % من إجمالي رأس المال المستثمر في هذه الشركات التي تستثمر في قطاعات تجارة الجملة والتجزئة والأنشطة المهنية والعلمية والتقنية والمعلومات والاتصالات والتشييد وأنشطة الإقامة والخدمات الغذائية والنقل والتخزين والتعدين واستغلال المحاجر وأنشطة الخدمات الإدارية وخدمات الدّعم والفنون والترفيه والتسلية والأنشطة المالية.
وأكّد السّفير حمود بن سالم آل تويه سفيرُ سلطنة عُمان لدى روسيا الاتحادية على أن زيارة "دولةٍ" التى يقوم بها السلطان هيثم بن طارق إلى العاصمة الروسية موسكو تكتسب أهمية كونها زيارة "دولة" وهي من أرفع أنواع الزيارات الدّبلوماسية التي تتم بين قادة الدول ورؤساء الحكومات وهي الزيارة الأولى لسُلطان عُمان إلى روسيا الاتحادية، وتعد بمثابة خطوة تاريخيّة تعكس اهتمام سلطنة عُمان بتعزيز علاقاتها مع روسيا الاتحادية.
وأضاف أن الزيارة ستفتح آفاقًا جديدة للتعاون الثنائي في مختلف المجالات الاقتصاديّة والتجاريّة والثقافيّة والسياحيّة والتعليميّة، وستكون نقطة انطلاقة لعهد جديد من التعاون بين سلطنة عُمان وروسيا، بما يعود بالفائدة على البلدين والشعبين الصّديقين كما أن التطورات الإقليميّة والدوليّة الحالية ستكون فرصة وسانحة طيبة لقيادتي البلدين لمناقشتها وتبادل وجهات النظر والتعاون في مواجهة التحديات العالمية.
ووضح أن البلدين الصديقين تجمعهما علاقاتٌ دبلوماسية وتاريخٌ طويل، حيث أقيمت العلاقات الدبلوماسية في 26 سبتمبر 1985. وفي عام 1987، تم افتتاح السّفارة السوفييتية في مسقط. وقال إن احتفال البلدين بالذكرى الـ 40 لإقامة العلاقات الدّبلوماسية بينهما وهو حدث بالغ الأهميّة يعكس عمق العلاقات بين الطرفين حيث يسعيان إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والثقافي والتعليمي.
وبيّن أن التبادل والتعاون التجاري بين سلطنة عُمان وروسيا شهد نموًّا ملحوظًا في السنوات الأخيرة وقد أسهمت الاتفاقيات الاقتصادية في تعزيزه.
ولفت إلى أن روسيا تعد سوقًا كبيرًا للصادرات العُمانية إلى روسيا ويتمثّل أبرزها في التّمور والأسماك والألمنيوم والعطور وأحجار البناء فيما تتكوّن أبرز الصادرات الروسية إلى عُمان من القمح والأسمدة والآلات وقوالب الفحم ومعدات معالجة المعادن، وستسهم هذه الزيارة في تسريع وتوسيع هذا التبادل التجاري، وتفتح الباب لاستكشاف فرص جديدة في القطاعات الاقتصادية الحيوية مثل الطاقة المتجدّدة والصناعات الثقيلة.
وتطرق إلى أن مركز التصدير الروسي قام بزيارة إلى سلطنة عُمان العام الماضي بوفد مكوّن من ممثلي 39 شركة روسية تحت رعاية العلامة "صُنع في روسيا"، وتمكن المشاركون في البعثة من التعرف على تفاصيل السوق العُمانية وميزات الصادرات إلى هذه السوق من خلال جلسة عمل بعنوان "روسيا وعُمان: فرص وآفاق جديدة للتعاون".
كما أنه في سياق تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي، شاركت سلطنة عُمان في عام 2024م، بصفةِ ضيف شرف في منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي في نسخته الـ 27، في إطار حرص سلطنة عُمان للترويج للمقومات الاقتصادية والتعريف بالحوافز والفرص الاستثمارية المتاحة. ويعدّ هذا المنتدى من أكبر المنتديات الاقتصادية الدولية التي تستضيفها روسيا الاتحادية، كما حرصت سلطنة عُمان على المشاركة في العديد من الفعاليات والمؤتمرات الاقتصادية السنوية التي تُنظم في روسيا؛ أبرزها منتدى قازان الاقتصادي "روسيا والعالم الإسلامي" الذي يُنظّم سنويًّا في مدينة قازان الروسية ويجمع ممثلين من جميع الدول الإسلامية لمناقشة القضايا الاقتصادية ويعدّ المنصة الرئيسة للتعاون الاقتصادي بين روسيا ودول العالم الإسلامي؛ حيث شارك في نسخة العام الماضي أكثر من 20 ألف مشارك.وأكّد على أن حجم التبادل التجاري بين سلطنة عُمان والاتحاد الروسي بنهاية عام 2024م بلغ نحو 133 مليونًا و108 آلاف ريال عُماني أي ما يعادل أكثر من 346 مليون دولار أمريكي.وقال إن الزيارة ستشهد التوقيع على 10 اتفاقيات ومذكرات تفاهم في مختلف المجالات؛ أهمها اتفاقية الإعفاء المتبادل من التأشيرات للجوازات العادية لمواطني البلدين؛ وبروتوكول إنشاء اللجنة المشتركة العُمانية الروسية وغيرها من مذكرات التفاهم في مجالات متعدّدة، منها الأسماك، والتجارة، والإعلام، والدبلوماسية، والمناخ وغيرها. لافتًا إلى أن إبرام اتفاقيات ومذكرات تفاهم جديدة بين سلطنة عُمان وروسيا يعدّ خطوة مهمّة لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات وتفتح آفاقًا جديدة للتعاون في العديد من القطاعات مثل التجارة، والطاقة، والتعليم، والسياحة، مما يسهم في تحسين النمو الاقتصادي وتوسيع مجالات التعاون المشترك.
وأضاف أن قطاع السياحة أحد القطاعات التي تتمتع بفرص كبيرة للتوسع بين عُمان وروسيا حيث إن لسلطنة عُمان بيئة سياحية غنيّة، تجمع بين التراث الثقافي والطبيعي والمناظر الخلابة التي تجذب السياح الروس، ومن المتوقع أن تسهم هذه الزيارة في تعزيز التعاون السياحي بين البلدين.
وسيكون لاتفاقية الإعفاء المتبادل من التأشيرات للجوازات العادية لمواطني البلدين الذي سيتم التوقيع عليها على هامش هذه الزيارة دور كبير جدا في تعزيز هذا الجانب.ووضح أن أعداد السياح الذين يسافرون بين البلدين في تزايد كل عام؛ ووفقًا لتقدير الجهات المعنية الروسية فقد بلغ عدد السياح والزوار العُمانيين إلى روسيا في عام 2024م حوالي 11 ألف زائر، بنسبة زيادة 70% مقارنة بعام 2023م عندما كان العدد لا يتعدى 3 آلاف زائر وبلغ عدد السياح الروس إلى سلطنة عُمان في العام نفسه حوالي 44 ألف سائح.
وأشار إلى أن البلدين يسعيان إلى تعزيز علاقاتهما التعليمية والثقافية من خلال برامج التبادل الطلابي والخبرات الأكاديمية والتعاون بين المؤسسات التعليمية المختلفة، كما أنهما يتمتعان بتاريخ طويل من التعاون المتحفي.
وختم تصريحه بالإشارة إلى التعاون في المجال البرلماني بين سلطنة عُمان وروسيا لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وهو من الأدوات الحيويّة لدعم التواصل والتفاهم بين البرلمانيين في كلا البلدين، وتسهيل تبادل الخبرات التشريعية.