عاجل

حرب تجارية في غرب إفريقيا

دول الساحل تفرض رسوم جمركية 0.5% على واردات «إيكواس»

قادة دول الساحل الإفريقي
قادة دول الساحل الإفريقي الثلاثة مالي وبوركينا فاسو والنيجر

قررت دول تحالف الساحل، الذي يضم مالي وبوركينا فاسو والنيجر، فرض رسوم جمركية بنسبة 0.5% على واردات السلع القادمة من دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس)، باستثناء المساعدات الإنسانية.

وتأتي هذه الخطوة في إطار تصعيد جديد للتوتر بين التحالف العسكري الذي نشأ عقب سلسلة انقلابات، والكتلة الاقتصادية الإقليمية المدافعة عن الأنظمة المدنية المنتخبة.

خلفية الانقسام الإقليمي

ووفقًا لتقرير نشره موقع «responsible statecraft»، نشأ تحالف الساحل عام 2023 كرد فعل على تهديدات "إيكواس" باستخدام القوة العسكرية لإعادة النظام الديمقراطي في النيجر. ومنذ ذلك الحين، قطعت دول التحالف علاقاتها مع فرنسا والولايات المتحدة، واتجهت نحو تحالفات جديدة مع روسيا، التي وفرت لها دعمًا عسكريًا واسع النطاق.

ويُعد القرار الأخير بفرض الرسوم الجمركية أول إجراء اقتصادي صريح ضد "إيكواس"، ما يهدد بانهيار مبادئ التجارة الحرة في المنطقة، ويفتح الباب أمام إجراءات انتقامية من الجانب الآخر، بحسب تحذيرات خبراء اقتصاديين.

تداعيات اقتصادية وإنسانية

تعاني دول تحالف الساحل من أزمات إنسانية حادة، وتُصنف حاليًا ضمن أبرز بؤر الجوع عالميًا، مع اعتماد كبير على واردات الغذاء من دول مثل نيجيريا وساحل العاج وغانا. وتقول الخبيرة في السياسات الغذائية دانييل ريسنيك، إن القرار سيؤدي على الأرجح إلى رفع أسعار المواد الغذائية الأساسية، ما يزيد من معاناة المواطنين في هذه الدول الفقيرة.

كما أن هذه الدول الثلاث غير الساحلية تعتمد بنسبة كبيرة على الموانئ التي تديرها دول "إيكواس"، مثل ميناء لومي في توغو، الذي استقبل في عام 2022 ما يقارب 92% من بضائعه لصالح النيجر ومالي وبوركينا فاسو.

اختلال ميزان القوى

تمتلك "إيكواس" ناتجًا محليًا إجماليًا يبلغ 2.1 تريليون دولار، في حين لا يتجاوز الناتج المشترك لدول تحالف الساحل 62 مليار دولار، حيث سبق أن تسببت العقوبات الحدودية التي فرضتها "إيكواس" في عام 2023 في شلل اقتصادي شبه كامل للنيجر، وهو ما يطرح تساؤلات حول قدرة دول التحالف على تحمل تبعات قرارها الجديد.

توترات متزايدة وسط تحديات عالمية

يأتي هذا التصعيد الإقليمي في وقت تواجه فيه إفريقيا تحديات خارجية، على رأسها السياسات التجارية الجديدة للولايات المتحدة، التي فرضت رسوماً جمركية بنسبة 10% على الواردات، مما يهدد مستقبل اتفاقية "أغوا" (AGOA) التي تسمح للدول الإفريقية بتصدير آلاف المنتجات إلى الأسواق الأمريكية دون رسوم.

وتنتهي الاتفاقية في سبتمبر المقبل، دون وضوح بشأن تجديدها، وهو ما قد يلحق ضرراً فادحاً باقتصادات دول مثل ليسوتو وموريشيوس ومدغشقر، التي تعتمد بشكل كبير على الصادرات إلى الولايات المتحدة، خصوصًا في قطاع الملابس.

ضعف التجارة البينية الإفريقية

تُعد التجارة البينية بين الدول الإفريقية متدنية مقارنة بحجم التجارة الخارجية، إذ لم تتجاوز 14.9% من إجمالي التجارة القارية في عام 2023. وفي غرب إفريقيا، لم تتجاوز التجارة داخل "إيكواس" نسبة 12% من حجم التجارة الإجمالية، ما يضعف قدرة القارة على التكتل لمواجهة الأزمات الخارجية.

آفاق التكامل الاقتصادي

في ظل هذا الواقع، يرى المراقبون أن تجاوز الأزمة الراهنة يتطلب إحياء روح التكامل القاري عبر تفعيل اتفاقية التجارة الحرة الإفريقية (AfCFTA)، التي تستهدف إنشاء سوق موحدة بـ54 دولة وناتج إجمالي يقدر بـ3.4 تريليون دولار، لكن الطريق نحو ذلك يمر أولًا عبر التهدئة، لا التصعيد بين تكتلات إقليمية متنازعة.

تم نسخ الرابط