طبيب يحذر من التوسع العشوائي في الكليات ويدعو لبرامج تدريبية فعالة

أوضح الدكتور محمد رضا، طبيب التكليف بكلية طب الإسكندرية، أن حبس الطبيب أو إجباره على العمل ليس هو الحل للأزمة التي يعاني منها قطاع التدريب الطبي في مصر.
توفير بيئة مناسبة
وقال خلال لقائه ببرنامج "مع خيري" على قناة المحور الفضائية، إن الطبيب لديه القدرة على الامتناع عن العمل بسهولة، في حال لم تتوفر له البيئة المناسبة للتدريب والتطور المهني، مشيرًا إلى أن الحل يكمن في توفير منظومة تدريبية واضحة ومتكاملة، وليس في فرض القيود.
وشدد رضا على أن المشكلة الحقيقية لا تتعلق بالرفض أو التمرد، وإنما بغياب رؤية جادة لتأهيل الأطباء الجدد ومساعدتهم على اكتساب المهارات المطلوبة.
وأضاف: "لا يجوز أن نلوم الطبيب حديث التخرج على ضعف أدائه، طالما لم نوفر له التدريب الكافي الذي يسمح له بممارسة مهنته بكفاءة".
توسع كليات الطب
أعرب الدكتور محمد رضا عن قلقه من التوسع العشوائي في إنشاء كليات الطب دون مراعاة حقيقية لمعايير الجودة، معتبرًا أن هذا التوسع يؤدي إلى تدهور مستوى التعليم الطبي ويزيد من أعداد الخريجين دون أن يصاحب ذلك زيادة في الإمكانيات التدريبية أو عدد الكوادر التعليمية.
وقال رضا: "المشكلة أن هذا التوسع يخلق أعدادًا كبيرة من الخريجين، ولكن دون الجودة المطلوبة، ما ينعكس سلبًا على مستوى الرعاية الصحية بشكل عام". وتابع: "الطبيب حديث التخرج يدفع الثمن من وقته وجهده وماله، من أجل أن يُدرّب نفسه بنفسه، وهذا أمر مجهد وغير عادل".
الواقع ينهك الكفاءات
في حديثه عن البيئة الطبية الحالية، أشار رضا إلى وجود عدد كبير من الكفاءات داخل المستشفيات والجامعات، سواء في وزارة الصحة أو في الكليات الجامعية، لكن تلك الكفاءات تُستنزف بشكل كبير بسبب غياب نظم تدريب فعالة، ما يضطرهم إلى بذل جهد مضاعف لاكتساب المهارات الطبية الحديثة.
وأضاف: "الدكاترة في المستشفيات يبذلون مجهودًا خرافيًا علشان يتعلموا حاجات حديثة، وفي نفس الوقت بيشتغلوا تحت ضغط كبير بدون مقابل مناسب أو دعم حقيقي". وهذا يؤكد - حسب قوله - ضرورة إعادة النظر في منظومة التدريب من الجذور، لضمان استمرارية التطوير المهني.
الطريق نحو الحل
انتقد الدكتور محمد رضا اعتماد الجامعات على مناهج تقليدية لا تواكب متطلبات سوق العمل أو متغيرات الممارسة الطبية، مؤكدًا أن الطبيب إذا التزم فقط بالقواعد الجامعية الحالية فلن يتمكن من اكتساب المهارات العملية الحقيقية التي تؤهله لمزاولة المهنة بكفاءة.
واختتم قائلاً: "التطوير مش رفاهية.. ده ضرورة عشان نرفع كفاءة القطاع الطبي"، داعيًا إلى إطلاق برامج تدريبية شاملة يشرف عليها كبار الأساتذة، وتوفر بيئة آمنة ومحفزة للأطباء الجدد لاكتساب المهارات دون عناء أو إهدار للوقت والمال.

إنقاذ المستقبل
في ضوء هذه التصريحات، تبدو أزمة تدريب الأطباء حديثي التخرج بمثابة جرس إنذار يستدعي التدخل السريع، ليس فقط من الجهات المعنية بالصحة والتعليم، بل من صناع القرار كافة. فاستمرار الوضع الحالي يعني تدهورًا تدريجيًا في جودة الرعاية الصحية، وهو ما لا يمكن احتماله في ظل التحديات الصحية المتزايدة في المجتمع المصري.