عاجل

سامح الجارحي: تطبيع السعودية وإيران مرهون بعدم التدخل في الشؤون العربية

دكتور سامح الجارحي
دكتور سامح الجارحي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة

قال دكتور سامح الجارحي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، إن المملكة العربية السعودية إلى جانب إيران أهم الركائز في منطقة الشرق الأوسط بالإضافة إلى مصر وتركيا والدول العربية الأخرى. كما تعد المملكة العربية السعودية بما لديها من إمكانيات هائلة سواء إمكانيات روحية دينية باعتبارها موطنا للمقدسات الإسلامية المتمثلة في المسجد الحرام والمسجد النبوي، بالإضافة إلى مكانتها الروحية في المجتمع الإسلامي السني، وإيران باعتبارها الدولة الشيعية في العالم، والتي ترعى الإسلام الشيعي في العالم تمثلان أهمية وركيزة كبيرة جدا من أجل استقرار منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي.

تطبيع السعودية وإيران

وأضاف أنه خلال الأعوام القليلة الماضية رأينا عملية تطبيع بين المملكة العربية السعودية وإيران، من أجل تهدئة الأوضاع وخفض التصعيد في منطقة الشرق الأوسط، مع إعادة التوازنات والاستقرار النسبي في المنطقة؛ وتلك خريطة لأهم التفاعلات من جانب السياسة الخارجية لخفض التصعيد وإقرار الامن والاستقرار في المنطقة، خصوصا تلك الرؤية التي يتبناها ولى العهد الأمير محمد بن سلمان، والتي عملت على خفض التصعيد وإزالة التوتر مع عدد من القوى سواء في الإقليم الشرق الأوسط خصوصا بالتحديد إيران، بما للعلاقات السعودية الإيرانية من مشاحنات وفترة اختلافات وخلافات كبيرة جدا طوال فترات التاريخ.

إعادة العلاقات

وأكد أستاذ العلاقات الدولية، أن إعادة العلاقات يصب في مصلحة البلدين، واستقرار منطقة الشرق الأوسط ورفاهية العالم الإسلامي، لكن كل هذه الأمور مرهونة بعدة عوامل: العامل الأول منع إيران التدخل فى الشئون الداخلية لعدد من الدول العربية، إيران تتدخل في عدد كبير من الدول العربية على رأسها العراق وسوريا قبل ما حدث من التطورات الأخيرة وسيطرة فصائل المعارضة المسلحة على الحكم وإقصاء نظام بشار الأسد الموالي لإيران في سوريا.

وأضاف أن  إلى سيطرة إيران على حزب الله أحد أهم اللاعبين السياسيين والاقتصاديين في لبنان، بالإضافة لدعمها للحوثيين الذى يسيطرون على أجزاء من اليمن، وأضاف أن كل هذه القضايا كانت قضايا رئيسية للخلافات بين المملكة العربية السعودية وإيران، لكن عملية إعادة تطبيع العلاقات بين البلدين نحت هذه الخلافات جانبا، وركزت أكثر على العوامل الاقتصادية وعوامل التفاهم بين البلدين.

ولفت د سامح الجارحي إلى أن الاقتصاد هو الركيزة الأساسية بين البلدين من أجل إعادة خفض التصعيد وإعادة العلاقات إلى المسار الصحيح لها، وتطبيعها مرة أخرى.

وأكد أن العامل الآخر هو تخلى إيران عن أذرعها ومليشياتها في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما في العراق وسوريا ولبنان واليمن وغيرها من المناطق الأخرى التي تدعم فيها طهران عدد من المليشيات المسلحة الأخرى التي تعمل على إثارة الفوضى والاضطرابات في عدد من مناطق الشرق الأوسط، فهناك عدم تقارب سياسيا في هذه الملفات بين السعودية وإيران.

دعم السعودية 

وقال إن المملكة العربية السعودية تدعم الاستقرار في كافة الدول العربية وعلى رأسها العراق وسوريا، بالإضافة إلى دعمها القوى للشرعية اليمنية التي تتمثل في الجبهة المعارضة لسيطرة الحوثيين للملف اليمنى من أهمية كبيرة وركيزة كبيرة في السياسة الخارجية السعودية، حيث أن اليمن تعتبر أحد أهم الأعماق الاستراتيجية للمملكة العربية السعودية؛ فاليمن تولى أهمية كبيرة استخدمت كافة الأساليب القوى الخشنة عن طريق التدخل العسكري عن طريق عاصفة الحزم وعاصفة الأمل في اليمن، بالإضافة إلى استخدام القوى الناعمة واستخدام عدد من الأساليب الأخرى من بينها المفاوضات مع الحوثيين الذين لم يستمروا في المفاوضات كثيرا، بالإضافة إلى هذه العوامل. وتعول المملكة العربية السعودية كثيرا على دورها النشط سواء سياسيا أو دبلوماسيا، أو بالإضافة إلى الدبلوماسية الشعبية والقوى الناعمة لتهدئة الأمور والاستقرار، فكل هذه العوامل مرهونة بعدم تدخل إيران فى الشئون الداخلية للدول العربية، بالإضافة إلى الكف عن دعم المليشيات المسلحة التابعة لطهران فى منطقة الشرق الأوسط، وهو أمر صعب للغاية.

وأعتقد أن دعم طهران للمليشيات المسلحة في منطقة الشرق الأوسط، أحد اهم أركان السياسة الخارجية التعبوية بالنسبة للنظام الإيراني، وأن مستقبل العلاقات بين البلدين سوف يسير ببرجماتية مطلقة، وسوف تعتمد على التفاهم والتوافق في بعض المجالات خصوصا في مجال الاقتصاد، بالإضافة إلى التفاهم والتوافق فى دعم القضايا المصيرية للعالم الإسلامي؛ على سبيل المثال قضية وقف الاعتداء الإسرائيلي على قطاع غزة وعلى فلسطين والتصدي بقوة لمنع التهجير.

دعم الرؤية المصرية

وأضاف أن الموقف الإيراني واضح والموقف السعودي واضح وهو دعم الرؤية المصرية، ودعم وجهة النظر المصرية والمشروع والطرح والخطة المصرية من أجل إعادة إعمار غزة بدون تهجير شعب غزة إلى دول أخرى، فهذا التوافق يتمثل في عدد من المجالات.

وقال إن إيران ترى في إعادة علاقاتها مع الدول العربية فرصة كبيرة جدا من أجل إنهاء العزلة التي فرضها الغرب والتي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل على الأذرع الإيرانية، بالإضافة إلى العزلة الدائمة لإيران بسبب الملف النووي الإيراني.

وأضاف أن إيران تريد دعم كافة الدول العربية والإسلامية في مفاوضاتها النووية مع الولايات المتحدة الأمريكية، من أجل إقرار اتفاق يلبي طموحات طهران من أجل إعادة التوازن وانضباط الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، ولن تجد أفضل من السعودية للمساندة في هذه الملفات. لكن كل هذه الأمور أيضا مرتبطة ومرهونة بكف إيران عن التدخل فى الشئون الداخلية للدول العربية بالإضافة إلى كف إيران عن مساندة ودعم المليشيات فى منطقة الشرق الأوسط.

تم نسخ الرابط