عاجل

يحمل اسم الملك رمسيس الثالث

اكتشاف نقش فرعوني في قلب الصحراء الأردنية يعيد رسم خرائط التاريخ القديم

اكتشاف نقش فرعوني
اكتشاف نقش فرعوني في قلب الصحراء الأردنية يعيد رسم خرائط الت

في اكتشاف أثري غير مسبوق، أعلنت وزارة السياحة والآثار الأردنية، السبت، العثور على أول نقش هيروغليفي فرعوني ملكي داخل أراضي المملكة، يحمل اسم الملك رمسيس الثالث، أحد أعظم ملوك مصر في العصر الفرعوني المتأخر. 

ويقع النقش في منطقة جبلية وعرة ضمن محمية وادي رم جنوب البلاد، المعروفة بتضاريسها الصحراوية الخلابة التي لطالما ألهمت المستكشفين.

وبحسب شبكة CNN، تم إعلان الاكتشاف خلال مؤتمر صحفي رسمي نظمته الوزارة بالتزامن مع احتفالات يوم التراث العالمي، بحضور وزيرة السياحة الأردنية لينا عنّاب، وعالم الآثار المصري الشهير زاهي حواس، الذي وصف الاكتشاف بأنه "إضافة تاريخية كبيرة تفتح أبوابًا جديدة لفهم العلاقة بين مصر القديمة والمنطقة العربية".

من اكتشاف فردي إلى إعلان رسمي

تعود قصة النقش إلى أغسطس الماضي، حينما نشر السعودي مرضي جلباخ القعساء صورة للنقش عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن عثر عليه مصادفة أثناء جولة في المناطق الحدودية القريبة من وادي رم. وقد دفع المنشور الباحثين الأردنيين والسعوديين إلى إطلاق تحقيقات ميدانية، أسفرت عن تأكيد أصالة النقش وأهميته الأثرية.

وأوضحت وزيرة السياحة أن النقش يمثل أول دليل مادي على وجود مصري قديم موثق في أراضي المملكة، ويمثل خطوة مهمة نحو إعادة قراءة الحضور المصري جنوب بلاد الشام خلال العصر البرونزي المتأخر.

يضم النقش ختمين ملكيين (خرطوشين) باسم الملك رمسيس الثالث (1186–1155 ق.م)، أحد آخر ملوك الدولة الحديثة، المعروف بصلابته العسكرية ونجاحه في صد غزوات "شعوب البحر".

ووفقًا للدكتور زاهي حواس، فإن وجود الختمين الملكيين أحدهما يرمز لاسم الولادة، والآخر لاسم العرش – يشير إلى أن النقش إعلان صريح عن السيادة السياسية لرمسيس الثالث على هذه المنطقة، وهو ما يدعم الفرضية التاريخية حول امتداد النفوذ المصري عبر طرق التجارة والنحاس، التي كانت تمر عبر وادي رم وصولًا إلى شبه الجزيرة العربية.

وقال حواس إن وجود اسم رمسيس الثالث هنا يعني أن علينا إطلاق حملات تنقيب واسعة، لأن هذا الموقع قد يخفي بين طبقاته مفاجآت ضخمة من شأنها إعادة كتابة تاريخ العلاقة بين مصر والأردن منذ أكثر من 3 آلاف عام".

 شراكة إقليمية واعدة

وجرى خلال المؤتمر توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة السياحة الأردنية ومؤسسة زاهي حواس للآثار والتراث، تهدف إلى تبادل الخبرات وتدريب فرق التنقيب، وتعزيز دور الأردن كمركز بحثي إقليمي في علوم الآثار.

كما شارك في الاكتشاف باحثون أردنيون، من أبرزهم الدكتور علي المناصير من الجامعة الهاشمية، وأحمد لاش من دائرة الآثار العامة، اللذان أكدا أن النقش هو "الأول من نوعه في الأردن"، ويمثل تحولًا نوعيًا في الدراسات الأثرية المرتبطة بالحضارات العابرة للصحراء.

دعا حواس، خلال زيارته، إلى تأسيس متحف آثار قومي أردني يعتمد على تقنيات عرض حديثة، مستوحاة من تجربة المتحف المصري الكبير، بحيث يُعرض فيه النقش الجديد بوصفه أحد أبرز الاكتشافات في تاريخ المملكة الحديث.

ومن المقرر أن تشمل زيارة حواس للأردن عددًا من المواقع الأثرية، من بينها جبل القلعة في عمّان، وآيلة في العقبة، ومركز الصيانة الإقليمي في مدينة جرش.

 حملة عابرة للصحراء

تحليل الباحثين الأوّلي يشير إلى أن هذا النقش قد يمثل دليلًا على حملة عسكرية أو استكشافية أطلقها رمسيس الثالث بهدف السيطرة على الطرق التجارية القديمة ومناجم النحاس، ما يدل على طموح توسعي لمصر القديمة يتجاوز وادي النيل.
لا يمثل هذا النقش مجرّد اكتشاف أثري فحسب، بل يُعد نافذة على تاريخ معقد من التفاعل السياسي والاقتصادي بين وادي النيل والصحراء العربية، ويعيد تأكيد دور الأردن كممر حضاري ساهم في صناعة التاريخ الإقليمي لآلاف السنين.

تم نسخ الرابط