عاجل

يوم الأسير الفلسطيني

«شعب وراء القضبان» 10 آلاف فلسطيني في سجون الاحتلال الإسرائيلي

اعتقلت السلطات الإسرائيلية
اعتقلت السلطات الإسرائيلية قرابة 30 ألف فلسطيني منذ 2023

على الرغم من الإفراج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين خلال اتفاقيات وقف إطلاق النار، فإن الواقع الميداني يعكس صورة أكثر قتامة. فمقابل كل فلسطيني أطلقت إسرائيل سراحه، أقدمت على اعتقال خمسة عشر آخرين، مما أدى إلى تضاعف عدد السجناء السياسيين في سجونها منذ اندلاع الحرب الأخيرة حتى وصل عددهم إلى 10 آلاف أسير فلسطيني في سجون الاحتلال الآن.

ويُحيي الفلسطينيون في السابع عشر من أبريل من كل عام "يوم الأسير الفلسطيني"، وهو مناسبة وطنية تُسلط الضوء على معاناة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وتُجدد التذكير بنضالهم من أجل الحرية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرضهم.

 ويرتبط هذا اليوم بذكرى إطلاق سراح الأسير محمود بكر حجازي في عام 1974، وهو أول فلسطيني يُفرج عنه في إطار صفقة تبادل أسرى مع إسرائيل. وتحول هذا التاريخ لاحقًا إلى يوم مخصص لتكريم جميع الأسرى الفلسطينيين والتذكير المستمر بسياسات إسرائيل في اعتقال الفلسطينيين وانتهاك حقوقهم.

ووفقًا لمنظمة "الضمير" لحقوق الأسرى، تحتجز إسرائيل حاليًا نحو عشرة آلاف فلسطيني في سجونها المنتشرة داخل أراضيها وفي الأراضي المحتلة. وبالنسبة للفلسطينيين، فإن هؤلاء الأسرى هم سجناء سياسيون، واحتجازهم يُعد انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، ويجب إطلاق سراحهم دون قيد أو شرط.

<span style=
10 آلاف أسير فلسطيني

ومن بين الأسرى الحاليين، يوجد 3498 فلسطينيًا محتجزين دون توجيه تهمة أو إجراء محاكمة، في ما يُعرف بـ "الاعتقال الإداري"، وهو إجراء يُتيح للجيش الإسرائيلي احتجاز الأشخاص لفترات قابلة للتجديد تصل إلى ستة أشهر، استنادًا إلى "أدلة سرية" لا يُسمح للمعتقل أو لمحاميه بالاطلاع عليها. 

ويشمل هذا النوع من الاعتقال نساءً وأطفالًا، ويُمارس بشكل روتيني ضد النشطاء والمواطنين الفلسطينيين.

 

الطفولة المسلوبة: مئات الأطفال الفلسطينيين في سجون الاحتلال

واحدة من أبشع صور الانتهاكات الإسرائيلية تتجلى في اعتقال الأطفال الفلسطينيين ومحاكمتهم أمام محاكم عسكرية، وهو أمر فريد من نوعه عالميًا. 

وتُشير منظمة الدفاع عن الأطفال - فلسطين إلى أن إسرائيل تحاكم ما بين 500 و700 طفل فلسطيني سنويًا في نظامها القضائي العسكري، وبعض هؤلاء الأطفال لا تتجاوز أعمارهم 12 عامًا. وأكثر التهم شيوعًا هي "إلقاء الحجارة"، وهي تهمة يمكن أن تصل عقوبتها إلى 20 عامًا سجنًا بموجب القانون العسكري الإسرائيلي. 

وحاليًا، لا يزال 400 طفل فلسطيني في السجون، معظمهم قيد الاحتجاز الاحتياطي ولم يُدانوا رسميًا بأي جريمة.

<span style=
10 آلاف أسير فلسطيني

قضية أحمد مناصرة: مأساة تُجسد معاناة الأطفال الأسرى

من أكثر حالات الاعتقال وحشية والتي هزت الرأي العام، قصة الطفل أحمد مناصرة، الذي اعتُقل في سن الثالثة عشرة في عام 2015، عقب حادثة زُعم فيها أن ابن عمه حسن طعن مستوطنين إسرائيليين قرب مستوطنة في القدس الشرقية المحتلة. 

وفي تلك الحادثة، قُتل حسن، البالغ من العمر 15 عامًا، برصاص أحد المدنيين الإسرائيليين، فيما تعرض أحمد للضرب المبرح على يد حشد غاضب ودهسته سيارة، مما أدى إلى إصابته بكسور في الجمجمة ونزيف داخلي حاد.

في حين أن القانون الإسرائيلي آنذاك لم يكن يسمح بمحاكمة الأطفال تحت سن الرابعة عشرة، لجأت السلطات الإسرائيلية إلى التحايل على القانون وانتظرت حتى بلغ أحمد سن الرابعة عشرة لإصدار الحكم ضده. 

وقد وُجهت إليه تهمة الشروع في القتل، وصدر بحقه حكم بالسجن 12 عامًا، تم تخفيفه لاحقًا إلى تسع سنوات ونصف. عانى أحمد لاحقًا من مشكلات نفسية خطيرة، وشُخّص لاحقًا بإصابته بالفصام بعد زيارة نادرة لطبيب من منظمة "أطباء بلا حدود" في نهاية عام 2021، كانت هي المرة الأولى التي يُسمح فيها لطبيب خارجي بفحصه. وبعد أن أمضى أكثر من تسع سنوات في السجن، أُطلق سراح أحمد في العاشر من أبريل 2025.

<span style=
10 آلاف أسير فلسطيني

الاعتقالات الجماعية بعد السابع من أكتوبر

منذ السابع من أكتوبر 2023، تاريخ هجوم حماس على جنوب إسرائيل، وبدء الحرب الإسرائيلية على غزة، شهدت السجون الإسرائيلية موجة غير مسبوقة من الاعتقالات، حيث تضاعف عدد الأسرى الفلسطينيين من 5250 إلى نحو عشرة آلاف. 

وقد اعتقلت السلطات الإسرائيلية قرابة 30 ألف فلسطيني خلال تلك الفترة، فيما أفرجت عن ما يزيد قليلًا عن ألفي أسير فلسطيني خلال عمليات تبادل الأسرى، مما يعني أن مقابل كل أسير أُفرج عنه، اعتُقل خمسة عشر آخرين.

وخلال وقف إطلاق النار الأخير الذي استمر قرابة شهرين في أوائل عام 2025، أطلقت إسرائيل سراح 1,793 أسيرًا فلسطينيًا مقابل إطلاق حماس سراح 38 أسيرًا إسرائيليًا، من بينهم ثماني جثث. 

ومن بين الفلسطينيين المفرج عنهم، كان 739 من سكان غزة، توزعوا بين شمال القطاع (337)، ومدينة غزة (227)، وخان يونس (151)، وهي من المناطق التي عانت بشدة من القصف الإسرائيلي. 

أما في الضفة الغربية المحتلة، فقد أُطلق سراح ما لا يقل عن 652 سجينًا، تركزوا في رام الله (118)، والخليل (111)، ونابلس (79)، في حين ظل نحو 14,500 فلسطينيًا في سجون الاحتلال.

<span style=
10 آلاف أسير فلسطيني

مليون فلسطيني في الأسر منذ عام 1967

على مدار العقود، تحولت سياسة الاعتقال الإسرائيلية إلى أداة ممنهجة للقمع الجماعي. ووفقًا للهيئة الفلسطينية لشؤون الأسرى والمحررين، اعتقلت إسرائيل منذ عام 1967 نحو مليون فلسطيني، أي ما يعادل قرابة 20% من مجمل السكان الفلسطينيين. 

وهذه الأرقام تعني، إحصائيًا، أن واحدًا من كل خمسة فلسطينيين مر بتجربة الاعتقال في مرحلة ما من حياته، مما يجعل من السجن تجربة جماعية راسخة في الوعي الفلسطيني.

لقد أدى هذا الواقع إلى تفتيت النسيج الاجتماعي الفلسطيني، وزرع الصدمات النفسية العميقة داخل العائلات، وخلق حالة من الغضب الواسع تجاه الاحتلال. ومع استمرار حملة الاعتقالات الجماعية، يتخوف الفلسطينيون من أن السجن الجماعي لم يعد مجرد نتيجة عرضية للاحتلال، بل أصبح وسيلة رئيسية للسيطرة على الشعب الفلسطيني وقمع تطلعاته. 

وبينما لا تزال آلاف الأرواح خلف القضبان، تبقى الحرية حلمًا مؤجلًا لجيل تلو الآخر، في انتظار عدالة طال أمدها.

 

تم نسخ الرابط