حكم قراءة القرآن الكريم بنية قضاء الحوائج والحفظ والشفاء

قراءة القرآن الكريم هي من أسمى الأعمال التي يمكن أن يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى. وقد ورد في كثير من الأحاديث النبوية الشريفة التأكيد على فضل القرآن وقراءة آياته المباركة في مختلف الأوقات. في هذا التقرير، نتناول حكم قراءة القرآن الكريم بنية قضاء الحوائج، حفظ القرآن، والشفاء من الأمراض، مع استعراض آراء العلماء وتوجيهاتهم في هذا الشأن.
قراءة القرآن بنية قضاء الحوائج
إن قراءة القرآن بنية قضاء الحوائج تعد من الأعمال المستحبة التي يمكن أن تحقق بركة عظيمة. وقد دلَّت الأدلة الشرعية على فضل قراءة القرآن في تحصيل الأجر والمكافأة من الله تعالى. حيث قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ﴾ [فاطر: 29]، مما يدل على أن التلاوة تُثمر في زيادة الحسنات وتحقيق رغبات المسلم في الدنيا والآخرة.
أيضًا، في الحديث الشريف، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ» (رواه مسلم). وهذا الحديث يُبين أن قراءة القرآن الكريم تفتح أبواب الشفاعة يوم القيامة، مما يعزز من قيمتها وفضلها في قضاء الحوائج.
القرآن والحفظ: كيفية الاستفادة من تلاوته
أما فيما يتعلق بالحفظ، فقد كان السلف الصالح يستفيدون من القرآن الكريم في حفظ الذاكرة وفتح أبواب العلم. فقد روي عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أنها كانت تقرأ بعد صلاة الجمعة آيات محددة، مثل سورة الفاتحة و﴿قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ﴾ و﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلْفَلَقِ﴾ و﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾، وقالت أنها تحفظ ما بينها وبين الجمعة بهذه التلاوة. كما أشار العلماء إلى أن تلاوة القرآن بشكل عام تعمل على تقوية الذاكرة وحفظ المعلومات.
الشفاء بالقرآن الكريم: تلاوة لرفع البلاء
وقد تناول العلماء الاستشفاء بالقرآن الكريم في شروحاتهم، مشيرين إلى أن تلاوة بعض السور لها فوائد عظيمة في الشفاء من الأمراض والهموم. ففي هذا السياق، قال العلامة ابن حجر الهيتمي في "الفتاوى الفقهية الكبرى" (4/ 29، ط. المكتبة الإسلامية): إن قراءة سورة الفاتحة تستحب عند وقوع الطاعون لأنها شفاء من كل داء. وأضاف أن تلاوة آيات معينة مثل آية الكرسي والمعوذات تعد من الوسائل الفعالة للوقاية من البلاء وتحقيق الشفاء.
كما يذكر العلامة ابن مفلح الحنبلي في "الآداب الشرعية" (2/ 455، ط. عالم الكتب) في حديثه عن استشفاء امرأة كانت تشكو من وحدة في بيتها، كيف أنَّ السلف كانوا يكتبون رقعة تشمل آيات من القرآن مثل فاتحة الكتاب والمعوذات وآية الكرسي، وذلك لتحقيق الراحة النفسية والشفاء الروحي.
إن قراءة القرآن الكريم بنية قضاء الحوائج، والحفظ، والشفاء، هي أعمال مشروعة وتستند إلى النصوص القرآنية والأحاديث النبوية. وقد بين العلماء أن التلاوة المنتظمة للقرآن وتحديدا السور والأدعية المخصصة يمكن أن تساعد في تحصيل الأجر، وتسهيل قضاء الحوائج، وتوفير الراحة النفسية والشفاء من الأمراض.