هل حديث النبي عن"أمة أمية" يمنع الاستعانة بالحساب الفلكي في إثبات الأهلة؟

في حديث شريف عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ، لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ، الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا»، ما يثير التساؤلات حول المقصود من هذا القول، وهل يحمل الحديث دليلًا على عدم جواز الاستعانة بالحساب الفلكي في إثبات الأهلة؟ في هذا التقرير، نعرض تفسير هذا الحديث وفقًا لآراء العلماء، مع تسليط الضوء على مسألة استخدام العلوم الحديثة مثل الحساب الفلكي في تحديد مواعيد الصوم والأعياد.
ما المقصود من قول النبي: "إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ"؟
في الحديث الشريف الذي رواه الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ، لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ، الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا». يُظهر هذا الحديث وصفًا للأمة الإسلامية في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنها "أمية"، بمعنى أن الأغلب كان لا يعرف الكتابة أو الحساب. وقد فسر العلماء هذا الكلام بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يصف حال المسلمين في عصره، وليس نهيًا عن تعلم الكتابة أو الحساب في العصور اللاحقة.
تفسير العلماء للحديث
فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ودار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمي، أكدا أن الحديث لا يحمل دليلًا على منع الاستعانة بالحساب الفلكي. بل هو مجرد وصف للحالة التي كان عليها المسلمون في ذلك الوقت. في تفسيره، بيّن أن الحديث لا ينطوي على إبطال تعلم العلوم الحديثة كالحساب الفلكي أو استخدامها في إثبات الأهلة.
هل الحديث يمنع استخدام الحساب الفلكي؟
وفقًا لما ذكره الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري"، فإن "لا نكتب ولا نحسب" كان وصفًا لواقع الحال في ذلك العصر، حيث كانت الكتابة والحساب نادرة، ولكن هذا لا يعني أن الأمة الإسلامية يجب أن تظل على تلك الحالة. كما أضاف أن الحساب الفلكي يمكن استخدامه في تحديد الأهلة بشرط أن يكون دقيقًا وموثوقًا.
تطور العلوم: من الأمية إلى الاعتماد على الحساب الفلكي
الأمة الإسلامية اليوم، بما فيها العلماء والباحثون في مجالات الفلك، قد تطورت بشكل كبير في مجالات المعرفة. وإذا كان بإمكان الناس اليوم استخدام الحساب الفلكي بدقة عالية، فقد أصبح بالإمكان اعتماد هذه العلوم الحديثة في إثبات الأهلة، خاصة وأن الحساب الفلكي يعد أكثر دقة وموثوقية من رؤية شهود عاديين.
الرؤية والحساب: أيهما الأوثق؟
يُعتبر الحساب الفلكي أكثر دقة في تحديد بداية الشهر الهجري من الاعتماد على شهادة شاهدين يمكن أن يتعرضا لأخطاء أو خداع البصر. وبما أن الأمة أصبحت قادرة على الوصول إلى نتائج دقيقة من خلال الحساب الفلكي، فإن هذا يسمح لها باستخدامه في إثبات الأهلة بشكل موثوق.
إن حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ» لا يمنع أبدًا استخدام الحساب الفلكي في إثبات الأهلة. بل هو يصف حالة الأمة في عصره، وهي حالة كانت تفتقر للعديد من العلوم الحديثة. ومع تطور الأمة الإسلامية في مختلف المجالات العلمية، أصبح من الممكن استخدام الحساب الفلكي بكل دقة وموثوقية في تحديد مواعيد بداية الشهر الهجري.