عاجل

هل يجوز أكل الناذر من نذره.. ومتى يحق له إطعام أقاربه؟

اكل الناذر من نذره
اكل الناذر من نذره

كثيرًا ما يلجأ الإنسان إلى النذر في أوقات الضيق والرجاء، فيربط بين تحقيق أمنيته وبين تقديم قربان أو طاعة لوجه الله تعالى، ولكن ما يجهله البعض هو الأحكام الدقيقة التي تتعلق بالنذر، خصوصًا ما يتعلق بالأكل منه أو توزيعه على الأقارب. دار الإفتاء المصرية، من خلال فضيلة الدكتور علي جمعة، أوضحت هذه المسألة المهمة التي تشغل بال الكثيرين. فهل يجوز للناذر أن يأكل من نذره؟ ومتى يُسمح له بإشراك أقاربه فيه؟ 

أولاً: حكم أكل الناذر من نذره أو ادخاره

أوضح الدكتور علي جمعة أن الأصل في النذر أن لا يأكل منه الناذر، ولا يدّخر شيئًا منه لنفسه، ولا يطعِم منه إخوته أو أقاربه، ما لم يكونوا من الفقراء أو المحتاجين الذين يشملهم النذر.
لأن النذر في أصله يكون لله تعالى، والمتبادر من ذلك أنه يُخصَّص للفقراء والمحاويج. وبالتالي لا يجوز للناذر أن يستفيد منه شخصيًا، إلا إذا كان النذر قد نصّ على ذلك صراحة.

ثانيًا: متى يجوز للناذر أن يُطعم أقاربه من النذر؟

يجوز إطعام الأقارب من النذر إذا كانوا من الفقراء أو المساكين أو المحتاجين، وهو ما يتماشى مع مقصود النذر في أصله.
أما إن كان الناذر قد اشترط في نذره أن يُطعم منه أقاربه أو أن يأكل منه بنفسه، فيجوز له ذلك، شريطة أن يُوفي بما نذر، لقوله تعالى:﴿وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ﴾ [الحج: 29]، وقوله تعالى في وصف أهل الجنة:
﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ﴾ [الإنسان: 7]

ثالثًا: تعريف النذر وأنواعه

النذر في الشرع هو: التزام المكلَّف بشيءٍ لم يكن لازمًا عليه ابتداءً.
وله عدة أنواع:
• نذر منجز: مثل أن يقول “لله عليّ أن أتصدق بكذا”.
• نذر معلّق: كأن يقول “إن شفى الله مريضي، فلله عليّ نذر بكذا”.
• نذر عبادة: كالصوم والصلاة والذبح، وهو مشروع ومأجور.
• نذر مال: بإخراج مبلغ مالي أو طعام.
• نذر معصية: لا يجوز الوفاء به شرعًا.
• نذر غير مقدور: كمن نذر أن يصوم يومًا مضى، فلا ينعقد.
وقد اتفق العلماء على أن النذر بالطاعة واجب الوفاء به إذا تحقق شرطه وكان المنذور مقدورًا عليه، استنادًا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم:
“مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ” [رواه البخاري].

رابعًا: حكم الوفاء بالنذر في الإسلام

الوفاء بالنذر من القُرَب المشروعة، ويستحب فعله إذا كان متعلقًا بطاعة، بل يصبح واجبًا عند تحقق الشرط، ودلّ على ذلك:
1. القرآن الكريم:﴿وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ﴾
2. السنة النبوية:
«مَنْ نَذَرَ وَسَمَّى فَعَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِمَا سَمَّى»
3. الإجماع: انعقد على مشروعيته ووجوب الوفاء به إذا كان المنذور من جنس الطاعات.

وقد ذكر العلماء أن النذر يُخرج العبادة من كونها مستحبة إلى كونها واجبة، ولكن هذا الوجوب يكون بإيجاب الله، لا بإرادة العبد منفردًا.

خامسًا: كفارة النذر عند العجز عن الوفاء

إذا لم يستطع الناذر الوفاء بنذره لعجز أو مشقة، فعليه كفارة يمين، كما في الحديث الشريف: عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:“من نذر نذرًا ولم يسمه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرًا لا يطيقه فكفارته كفارة يمين” [رواه أبو داود وابن ماجه]

تم نسخ الرابط